لكل دولة نظامها الخاص في إدارة شؤونها الخاصة وروسيا الاتحادية حالها حال دول العالم أجمع لها نظامها الخاص الذي ينظم مسألة تشكيل الحكومة مع بداية كل فترة رئاسية جديدة وفق الدستور الروسي.
وفي هذا الإطار مارس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صلاحياته الدستورية مع بداية ولايته الجديدة الخامسة بتسمية رئيس الوزراء ومن ثم الوزراء لتبدأ مرحلة جديدة من المسيرة الوطنية الروسية فكان من الطبيعي أن يخرج وزراء من التشكيلة الحكومية ويدخل وزراء جدد أو تغير حقيبة بعض الوزراء ليكون عمل الحكومة متناسقا ومتناغما ومتوافقا مع المرحلة والوضع التي تعيشه البلاد وهذا ما يحدث في دول العالم أجمع بما فيها الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك كان من المفترض أن تضع الدول الغربية مسألة تغيير وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو وخروجه من التشكيلة الحكومية الجديدة في هذا الإطار وليس النظر إلى المسالة وكأنه شخص غير موثوق فيه فقد ثقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأن أداء وزارة الدفاع لم يكن على المستوى المطلوب في التعامل مع الحرب الروسية الأوكرانية كما تحدثت وسائل الإعلام الغربية تحديدا عندما خرج شويغو من التشكيلة الحكومية الجديدة ووظفت آلتها الإعلامية من قنوات فضائية وصحافة للنيل من هذه الشخصية التي قادت وزارة الدفاع بكل كفاءة واقتدار على مدار اثني عشر عاما شهدت خلالها العلاقات الروسية الغربية توترات خطيرة أدت إلى دخول روسيا الاتحادية مضطرة إلى الحرب مع جارتها الأزلية أوكرانيا.
إننا نعتقد أن خروج سيرغي شويغو من التشكيلة الحكومية الجديدة لا علاقة له تماما بالعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا ولا «بالفشل» في الأداء كما يدعي الغرب وإنما يأتي في إطار الظروف التي تمر بها روسيا الاتحادية والتي تقتضي هذا التغيير الذي سنتطرق إليه لاحقا والدليل على ذلك إسناد منصب أمين عام مجلس الأمن القومي الروسي إلى السيد سيرغي شويغو وهو منصب لا يقل عن منصب وزير الدفاع ، كما إن هذا التغيير لا علاقة له بالعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا التي تسير وفق الخطة التي وضعتها القيادة العسكرية الروسية حيث تؤكد كل المؤشرات أن روسيا الاتحادية في طريقها إلى حسم الحرب بعد النجاحات الكبيرة التي حققتها القوات الروسية في ساحة المعركة من خلال تحريرها المزيد من المدن والقرى والأرياف في إقليم الدونباس ومدينة خاركيف لأن رئاسة هيئة الأركان الروسية التي لم يتم تغييرها هي الجهة الوحيدة المنوط بها مسؤولية إدارة هذه الحرب فرئيس هيئة الأركان فاليري غيراسيموف الذي لا يزال في منصبه هو الذي يدير هذه المعركة وليس وزير الدفاع كما يعتقد الغرب وعليه فإن تعيين وزير جديد لن يؤثر في مسار الحرب باعتبار أن وزير الدفاع ليس هو الشخص المعني بإدارة هذه الحرب وإنما الذي يقود الجيش هو رئيس هيئة الأركان فاليري غيراسيمون كما أسلفنا.
أما بالنسبة إلى وزير الدفاع الجديد اندريه بيلوسوف هو الآخر لم يكن ذا خلفية عسكرية حاله حال سلفه شويغو مما يعني أنه لن يكون هناك تغير في السياسة العسكرية الروسية ولا تأثير في العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا التي يقودها رئيس هيئة الأركان فالعملية سوف تتواصل حتى تحقق أهدافها التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بداية العملية العسكرية الروسية في 24 فبراير 2022.
إننا نعتقد أن تغيير وزير الدفاع مرتبط بالوضع الداخلي الروسي وتحديدا بالوضع الاقتصادي وتحول روسيا نحو الاقتصاد الحربي مما استدعى تعيين وزير دفاع ذي خلفية اقتصادية والسيد أندريه بيلوسوف شخصية اقتصادية معروفة ومتخصص في إدارة الأزمات والتعامل مع العقوبات المفروضة على روسيا منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا فضلا عن إنه خبير في إدارة الموارد المالية وتنظيم الاقتصاد الروسي العسكري وهذا ما تحتاجه روسيا في هذه المرحلة مما أهله لنيل ثقة الرئيس الروسي وترشيحه لحقيبة وزارة الدفاع، كما أنه حاصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من أعرق جامعة في روسيا الاتحادية وهي جامعة موسكو الحكومية وشغل منصب نائب رئيس الوزراء ورئيس الوزراء فترة مرض الرئيس وأحد المستشارين البارزين لبوتين ووزير للتنمية الاقتصادية خصوصا بعد الزيادة الكبيرة في المبالغ المخصصة للإنفاق العسكري في الميزانية العامة للدولة التي وصلت إلى 7% مما يستدعي وجود شخصية اقتصادية قادرة على إدارة هذه الزيادة وفق متطلبات المرحلة التي تعيشها البلاد ولذلك ستكون مهمة إدارة هذه الزيادة من أولويات وزير الدفاع الجديد وهو يتسلم حقيبة وزارة الدفاع.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك