الديمقراطية كما نعرفها ويعرفها العالم أجمع هي شكل من أشكال المشاركة الشعبية في إدارة شؤون البلاد سواء من خلال ممثلي الشعب أو من الشعب بشكل مباشر فالديمقراطية هي نظام سياسي مدني يتمتع فيه الجميع بحقوق وواجبات متساوية ودولة الكويت الشقيقة اختارت هذه النظام السياسي الديمقراطي منذ نيلها الاستقلال في بداية الستينيات من القرن الماضي كنهج سارت عليه وكثابت من الثوابت الكويتية حيث جرت أول انتخابات مباشرة بعد الاستقلال في عهد المغفور له بإذن الله سمو الشيخ عبدالله السالم الصباح طيب الله ثراه في عام 1962 ومنذ ذلك التاريخ والبرلمان الكويتي «مجلس الأمة» يمارس صلاحياته الدستورية التي كرسها دستور دولة الكويت في التشريع ومراقبة أداء السلطة التنفيذية باعتباره سلطة تشريعية اختارها الشعب ليكون ممثلا لها في البرلمان.
وعلى مدار العقود الستة من عمر التجربة البرلمانية الكويتية التزمت القيادة الكويتية بالنهج الديمقراطي رغم المتغيرات والتحديات والصعوبات التي واجهت هذه التجربة الكويتية وذلك إيمانا من القيادة الكويتية بأهمية وجود سلطة تشريعية لتكون استكمالا لدولة القانون والمؤسسات الدستورية وقناعتها التامة بالنهج الديمقراطي الذي أساسه المشاركة الشعبية في إدارة شؤون البلاد.
وعلى مدار سنوات عمر التجربة البرلمانية الكويتية خطت الكويت خطوات كبيرة وأصبحت مثالا يحتذى به كنظام سياسي برلماني بسلطاته الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية حيث مارس أعضاء مجلس الأمة صلاحياتهم الدستورية وأدواتهم الرقابية على أداء السلطة التنفيذية في ظل تعاون السلطة التنفيذية التام مع المجلس.
إلا إنه مع الأسف الشديد أصبح مجلس الأمة بدلا من أن يكون معينا للسلطة التنفيذية أصبح معرقلا لعملها من خلال الدخول في خلافات لا أول لها ولا آخر ومن خلال الاستجوابات التي لا معنى لها بل وصل الأمر إلى التدخل في صلاحيات الأمير الدستورية في مخالفة صريحة للقانون الأساسي للدولة الشقيقة رغم التحذيرات التي أطلقها صاحب السمو الشيخ مشعل الجابر الأحمد الصباح خلال خطابه في مجلس الأمة بمناسبة توليه مقاليد الحكم في البلاد خلفا لأخيه صاحب السمو الشيخ نواف الجابر الأحمد الصباح طيب الله ثراه عندما حذر من التهديدات التي تواجه أمن البلاد واستقرار المجتمع الكويتي داعيا الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم مؤكدا أنه لن يسمح بأي تجاوزات للإضرار بالكويت وشعبها.
وكان مجلس الأمة في تركيبته الجديدة من المفترض أن يجتمع بتاريخ 17 أبريل ليبدأ دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الثامن عشر لكن أمير الكويت وفي إطار إتاحة الفرصة للوصول إلى تفاهمات أجل الانعقاد إلى يوم 14 مايو ومع ذلك لم يتم التوصل إلى أي تفاهم لنزع فتيل الخلاف بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
لقد عاشت الكويت خلال السنوات القليلة الماضية أزمة ثقة بين مجلس الأمة والحكومة ودخلوا في خلافات حول التعيينات الحكومية في تدخل غير مبرر وغير قانوني من قبل مجلس الأمة الذي يخوله الدستور إعطاء الثقة في الوزير بعد تعيينه كشرط من شروط توليه المنصب بل وصل الأمر إلى التدخل في صلاحيات المقام السامي فيما يتعلق باختيار ولي العهد في ظاهرة لم تشهدها الكويت منذ بدء التجربة البرلمانية. وعليه لم يكن أمام أمير الكويت إلا اللجوء إلى صلاحياته الدستورية لوضع حد لهذا الوضع غير الطبيعي والتي منها حل البرلمان لتجنب المزيد من الخلافات والصراعات والمناكفات التي تضر بالكويت وشعبها وتعطيل بعض مواد الدستور مدة أربع سنوات.
إن الظروف التي تمر بها دولة الكويت الشقيقة تتطلب تضافر الجهود فالكويت في حاجة ماسة إلى جهود الجميع لتجاوز هذه الخلافات وعليه فمن المتوقع أن تشهد المرحلة القادمة العديد من التعديلات سواء في قانون الانتخابات أو في اللائحة الداخلية لمجلس الأمة لتعديل صلاحيات المجلس خصوصا فيما يتعلق بمسألة الاستجوابات التي يهدد بها الأعضاء بسبب أو من دون سبب والتي أثرت سلبا في أداء المجلس في حين هي أداة دستورية يجب استخدامها بصورة صحيحة لمصلحة الوطن والمواطنين وليس للمزايدات ولتحقيق أهداف وغايات شخصية أو كدعاية لعضو المجلس كما هو الآن .. حفظ الله الكويت وأهل وشعبها وحماها من كل مكروه.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك