لم يترو ولم ينتظر قليلا من الوقت ليظهر عداءه لفلسطين شعبا وكيانا وقضية وتاريخا وجغرافيا، لا بل إنه أطلق كل مخزونه من الشر والحقد تجاه القانون الدولي وعمل على تقويضه لصالح دولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد الصهيونية، وبلغ بالرئيس الأمريكي السابق «دونالد ترامب» الصلف ليعلن على الملأ أن لا حاجة إلى بقاء الدول الضعيفة التي لا تستطيع حماية نفسها، فاسحا المجال أمام حقبة كونية جديدة تسودها شريعة الغاب!
ولكي نفهم طبيعة هذه الإدارة الأمريكية سواء أكانت جمهورية أم ديمقراطية، علينا البدء بتسجيل أبرز القرارات التي اتخذتها إدارة الرئيس «ترامب» منذ فوزه بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر عام 2016 م:
- الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لدولة الكيان الغاصب في 6 ديسمبر 2017 م.
نقل السفارة الأمريكية إلى القدس 14 مايو 2018 م.
- قطع كل المساعدات عن الحكومة الفلسطينية 2 أغسطس 2018 م المباشرة وغير المباشرة.
- قطع المساعدات الأمريكية البالغة 365 مليون دولار سنويا عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) 3 أغسطس 2018 م.
- وقف دعم مستشفيات القدس، حجب مبلغ 25 مليون دولار مساعدة للمستشفيات الستة العاملة في القدس.
- إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن العاصمة 11 أكتوبر 2018.
- طرد السفير الفلسطيني «حسام زملط» وعائلته من الولايات المتحدة الأمريكية.
- إلغاء استقلالية عمل القنصلية الأمريكية بالقدس والتي تقدم خدماتها للفلسطينيين منذ افتتاحها عام 1844 م، 175 عاما وهي قناة التواصل مع الشعب العربي الفلسطيني في فلسطين، وتم دمجها بالسفارة الأمريكية التي تم نقلها إلى القدس في 14 مايو 2018 م!
- الاعتراف بسيادة دولة الكيان الغاصب على مرتفعات الجولان السورية 25 مارس 2019 م.
- شرعنة الاستيطان، وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية يعلن في 19 نوفمبر 2019 م أن بلاده لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة مخالفة للقانون الدولي!
- إعلان صفقة القرن في يناير 2020 م وهي خطة السلام للشرق الأوسط والتي تدير الظهر كليا لمطالب الفلسطينيين المشروعة.
- تأييد خطة الضم الصهيونية دون إصدار قرار، تشمل منطقة غور الأردن وجميع المستوطنات وهذا يعادل 30% من مساحة الضفة الغربية المحتلة.
- استبدال القدس بـ(إسرائيل) كمكان لولادة المواطنين الأمريكان في 30 أكتوبر 2020 م وصدر أول جواز سفر أمريكي استبدل مكان الميلاد بإسرائيل عوضا عن القدس في 31 أكتوبر 2020 م!
كل الممارسات المذكورة أعلاه تثبت أن الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس «دونالد ترامب» لم تضع ثانية دون العمل لصالح دولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد الصهيونية العنصرية والعمل دون كلل ولا ملل بالترغيب تارة وبالترهيب تارة لدول العالم للابتعاد عن فلسطين شعبا وقضية!
تنفس العرب والفلسطينيون الصعداء برحيل الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» وقدوم الرئيس «جو بايدن»، ظنا منهم أن الرئيس الجديد سيعمل على فرملة الانحياز السافر غير المسبوق لدولة الكيان الغاصب ووقف الخروقات التي قامت بها إدارة ترامب لالتزامات سابقة تجاه فلسطين!
وكان مسؤولو حملة الرئيس «بايدن» قد وعدوا الجاليات العربية ومن ضمنها الجالية الفلسطينية ووعدوا الجاليات المسلمة أن الرئيس «بايدن» سيعمل حال فوزه على آخذ موقف متوازن من القضية الفلسطينية وسيعمل على إعادة عمل ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة واشنطن وإعادة عمل القنصلية الأمريكية بالقدس كسابق عهدها باستقلالية تامة خدمة للجمهور الفلسطيني، ووعدوهم بإطلاق عملية السلام وفق الرؤية الأمريكية «حل الدولتين»، وعلى هذا الأساس منحت الجاليات العربية والمسلمة أغلب أصواتها للرئيس «بايدن»!
انتظر الفلسطينيون أن يفي الرئيس الأمريكي «بايدن» بوعوده وكانوا يأملون أن يكون أكثر إنصافا للقضية من سلفه، وسرعان ما تبين لهم أنه لم يعمل على إعادة عمل ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن ولا استطاع إعادة استقلالية عمل القنصلية الأمريكية في القدس خدمة للفلسطينيين ولا استطاع كبح جماح اعتداءات المستوطنين الصهاينة ولا أوقف الاستيطان ولا أطلق عملية سلام تفضي إلى حل الدولتين!
فقط دعم بعض مؤسسات السلطة الوطنية ومنظمات المجتمع المدني في الضفة الغربية وقطاع غزة بمبلغ 15 مليون دولار لمواجهة جائحة كورونا كوفيد 19، ودعم السلطة الوطنية بمبلغ 75 مليون دولار سميت دعما اقتصاديا، وتم دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بمبلغ 318 مليون دولار في 2021 م شريطة عدم استخدام دعم (الأونروا) لمساعدة أي لاجئ يتلقى تدريبا عسكريا!
والآن ونحن ندخل الشهر الثامن من معركتنا الوجودية، بشكل متعمد قاربت الإدارة الأمريكية ومعها دول الاستعمار القديم في أوروبا (طوفان الأقصى) باعتبارها حدثا مفصولا عن التاريخ ومنعزلا عن تفاصيل الصراع العربي مع العدو الصهيوني، ونرصد بعضا من ممارسات إدارة «بايدن» خلال الأشهر السبعة الماضية:
- تقديم الدعم والتضامن والمؤازرة المعنوية للكيان الصهيوني منذ اليوم الأول لطوفان الأقصى، وقمة الدعم المعنوي تمثلت في إلغاء وزير خارجية الولايات المتحدة المتحمس «بلينكن» وطنيته لصالح يهوديته، بإعلانه قدومه لدولة الكيان بصفته يهوديا!
- خلال سبعة أشهر استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض «الفيتو» 6 مرات ضد أي قرار يتبنى وقف إطلاق النار الفوري والمستدام أو رفع مستوى التمثيل الفلسطيني في الأمم المتحدة لدولة دائمة العضوية.
- مجلس النواب الأمريكي أقر يوم الأربعاء 1 مايو 2024 م بأغلبية ساحقة قانون يوسع مفهوم معاداة السامية في التعليم بحيث يشتمل على أي مشاعر أو تصرفات تناهض (إسرائيل) وليس اليهود فقط!
- منذ أسبوعين ترصد الولايات المتحدة مبلغ 26 مليار دولار مساعدات للكيان، ثلثاها للمؤسسة العسكرية والأمنية.
- تجاهل وزير الخارجية الأمريكي «بلينكن» التقرير المقدم من السداسية العربية المكونة من (مصر وقطر والإمارات العربية والأردن والسعودية والسلطة الوطنية الفلسطينية) المكلفة من قبل واشنطن بالبحث عن حلول لملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي سلم له الأسبوع الماضي.
- الميناء العائم الذي بنته الولايات المتحدة الأمريكية على أراض الولاية الجغرافية والقانونية لها تابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، دون استشارتها أو أخذ موافقتها، وببراءة شديدة يستكمل بناء الميناء العائم يوم سيطرة دولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد على معبر رفح الحدودي مع جمهورية مصر العربية!
تعمل الولايات المتحدة الأمريكية كل ما من شأنه تدمير الكيانية الوطنية الفلسطينية وتقف في طريق تجسيد الحقوق الوطنية الفلسطينية، أمريكا هي عدو الشعب العربي الفلسطيني وهي مباشرة تحارب شعبنا بالسلاح والمال والجنود والديبلوماسية!
أيها العرب الفلسطينيون النجباء وأنتم تحيون الذكرى الـ76 للنكبة تمسكوا بالحلم الفلسطيني وابذلوا الغالي والنفيس من أجله وقاوموا كل من يسرق أفقكم، ولا تفرطوا بثرى وطنكم الغالي وكونوا على يقين أن أجساد الأطفال الغضة في غزة وجماجمهم الطرية وأرواحهم الوثابة الجميلة ستزهر وطنا حرا سيدا ولا تلتفتوا للمثبطين!
{ كاتب فلسطيني مقيم
في مملكة البحرين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك