وفقاً لتقرير البنك الدولي (عدد ربيع 2024) عن أحدث المستجدات الاقتصادية لمنطقة الخليج، من المتوقع أن ينتعش النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي ليصل إلى 2.8% و4.7% في عامي 2024 و2025 على التوالي.
وتبعث الآفاق الإقليمية على التفاؤل، ومن المتوقع أن يحدث انتعاش، والسبب في ذلك ليس التعافي المتوقع في إنتاج النفط فحسب، ولا سيما أن منظمة أوبك+ تقوم حالياً بتحرير حصص الإنتاج تدريجياً في النصف الثاني من عام 2024، ولكن أيضاً الزخم القوي للاقتصاد غير النفطي، الذي من المتوقع أن يواصل التوسع بوتيرة قوية على المدى المتوسط. وفي هذا الشأن نجد أن التزام دول مجلس التعاون الخليجي بتنويع اقتصاداتها يسلط الضوء على نهجها الاستراتيجي لتعزيز القدرة على الصمود وتحقيق التنمية المستدامة خلال فترة تموج بالتقلبات الاقتصادية على مستوى العالم.
وعلى الرغم من الجهود الرامية إلى تنويع النشاط الاقتصادي، ستظل عائدات الهيدروكربونات بالغة الأهمية في تشكيل أرصدة المالية العامة وأرصدة حسابات المعاملات الخارجية للمنطقة على المدى المتوسط. ونتيجة لذلك، سيستمر فائض المالية العامة لدول مجلس التعاون الخليجي في التراجع في عام 2024 ليصل إلى 0.1% من إجمالي الناتج المحلي، وفي الوقت نفسه من المتوقع أن يصل فائض الحساب الجاري إلى 7.5% من إجمالي الناتج المحلي (مقارنة بنسبة 8.4% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022).
وحتى يتسنى لدول مجلس التعاون الخليجي الاستفادة من الزخم الحالي لتنويع اقتصاداتها وتحقيق إمكاناتها الكاملة، يبرز التقرير أهمية جودة التعليم في تعزيز النمو الاقتصادي طويل الأجل في دول المجلس. ويعرض القسم الخاص في التقرير بعنوان: «إطلاق الطاقات الكامنة لتحقيق الرخاء: إحداث تحول في التعليم لتحقيق إنجازات اقتصادية كبرى في دول مجلس التعاون الخليجي» لمحة عامة عن نواتج التعلم، ويحلل التقدم المحرز في تعلم الطلاب مع الوقت، ويقيم أداء الطلاب في دول المجلس مقارنة بالبلدان ذات مستويات الدخل المماثلة.
وفي كلمة لها، أشارت صفاء الطيب الكوقلي، المديرة الإقليمية لدائرة دول مجلس التعاون الخليجي بالبنك الدولي، إلى أن «التعليم الجيّد يُعدّ الشبابَ للحصول على فرص عمل أفضل وأجور أعلى، وهذا يزيد من إمكانية تحفيز النمو الاقتصادي. وعلى مدى العقد الماضي، شهدت دول المجلس تحسناً كبيراً في نواتج التعلم، لكن لا يزال هناك مجال أمام هذه الدول لمواصلة تحسين نواتج التعلم لأنها أدنى من المعايير الدولية».
وانعدام جودة التعليم سبب رئيسي في الحد من تنمية رأس المال البشري في المنطقة، وتقييد قدرة دول المجلس على المنافسة على المستوى العالمي مع أفضل البلدان أداءً. وفي المتوسط، من المتوقع أن يحصل الأطفال في دول المجلس على 12.7 سنة من التعليم بحلول سن 18 عاما. لكن عند النظر في التعلم الفعلي في المدارس، تنخفض سنوات الدراسة المتوقعة إلى 8.6 سنوات، مما يشير إلى أن دول المجلس تفقد في المتوسط 4.1 سنوات من التعلم بسبب تدني جودة التعليم. وعلاوة على ذلك، ووفقا لمؤشر البنك الدولي لرأس المال البشري، من المتوقع ألا يحقق الطفل المولود اليوم في دول المجلس سوى 62% من كامل إنتاجيته المحتملة، ويرجع ذلك أساساً إلى تدني جودة التعليم.
وللاستفادة من جميع إمكانات رأس المال البشري، يوصي التقرير بأن تقوم دول المجلس بالاستثمار في الاستراتيجيات الأكثر فعالية لتحسين جودة التعلم والتعليم، ولا سيما بناء المهارات الأساسية بدءاً من مرحلة الطفولة المبكرة، وتحسين ممارسات التدريس، والاستفادة من تقييمات التعلم للاسترشاد بها في اتخاذ القرارات بشأن سياسات التعليم. ويشدد التقرير على ضرورة أن تقوم دول المجلس ببناء مهارات أساسية قوية في سن مبكرة لأنها حجر الزاوية الذي يقوم عليه التعلم والمهارات في المستقبل. كما يؤدي المعلمون، ممن لهم تأثير واضح وإيجابي، دوراً محورياً في تعزيز نواتج التعلم على جميع المستويات، وبالتالي فإن تزويدهم بالمعارف والمعلومات المناسبة وآليات الدعم في غاية الأهمية.
آفاق البحرين
تعتمد الآفاق الاقتصادية للبحرين على التوجهات المستقبلية لسوق النفط وتسريع وتيرة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية. وتشير التقديرات إلى ارتفاع معدل النمو إلى 3.5% في عام 2024 مع ارتفاع إنتاج النفط، وفي الوقت نفسه سيظل القطاع غير النفطي قاطرة النمو الرئيسية. ومن المتوقع أن يشهد قطاع الهيدروكربونات توسعاً بنسبة 1.3% في عام 2024، وهذه النسبة أقل كثيراً من معدل التوسع في القطاعات غير الهيدروكربونية البالغ 4% والمدعوم بالتعافي في قطاعي السياحة والخدمات، بالإضافة إلى استمرار مشروعات البنية التحتية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك