على الرغم من الصعوبات والتحديات محمود الحايكي مع الإعاقة الجسدية إلا أنه استطاع تطوير مهاراته في فن الألقاء على خشبة المسرح، ويمتلك الحايكي شخصية ملهمة ومثيرة للإعجاب، بفضل عزيمته وإرادته القوية، تمكن من التغلب على إعاقته البدنية وتحقيق نجاح ملحوظ في مجال الفن المسرحي.
- يمكنك أن تشرح لنا قصتك بشكل مختصر وكيف بدأت مسيرتك في مجال الأداء الفني والخطابة؟
بداياتي كانت في سن الرابعة عشر، حيث كان حلمي أن أصبح منشداً وفنانًا. لذلك بدأت المشاركة في المناسبات والأفراح في منطقتك السكنية. وبعد ذلك انتقلت إلى التسجيل في الأستوديوهات. وفي الوقت نفسه، بدأت في إنشاء أعمال تخدم ذوي الإعاقة والمجتمع بشكل عام وفي عام 2015، دخلت في مجلس التوستماستر للخطابة، ومنذ ذلك الحين بدأت في التطور والتحسن في مهارات الخطابة لديك، نتيجة لذلك، حصدت العديد من الجوائز التي تفخر بها
- كيف تمكنت من التغلب على مخاوفك وتحقيق الثقة بالنفس في المشاركة والأداء أمام الجمهور؟
في البداية، كنت تشعر بمشاعر الخوف والتوتر الكثيرة عندما تقف وتتحدث أمام جمهور كبير، خاصةً مع وجود مجموعة من الأشخاص الذين يتخذون التنمر كمهنة وحيدة في حياتهم. ومع التكرار المستمر في التقديم والإلقاء، تمكنت تدريجيًا من اكتساب الثقة بنفسك وتطوير مستواك الخطابي إلى أن أصبح الأمر بالنسبة لك خالٍ من أي خوف أو توتر، هذا التحول من الخوف والترّدد إلى الثقة والإتقان يُعد مسارًا نموذجيًا لكثير ممن يبدؤون في مجال الخطابة والتحدث أمام الجمهور. وهو ما يعكس قوة إرادتك وصبرك على التطوير الذاتي حتى وصلت إلى هذا المستوى المتميز الذي تفخر به
- ما هي أبرز التحديات والعقبات التي واجهتها في طريقك نحو النجاح، وكيف تغلبت عليها؟
قد واجهت تحديات كبيرة على طريقي، أبرزها نظرة المجتمع لي كشخص معاق لن يتمكن من الإنجاز. ولكني تمكنت بإصراري وجدارتي من تجاوز هذه النظرة السلبية وإثبات ذاتي كما واجهت أيضًا تحديات مالية كبيرة، خاصةً عند بدء إنتاج محتوى الفيديو، حيث كانت التكاليف باهظة بالنسبة لي. لكن مرة أخرى، تغلبت على هذه الصعوبات من خلال الاعتماد على ذاتي في المجالات الفنية كالهندسة الصوتية والمونتاج، والاستفادة من منصة يوتيوب إن قدرتي على تجاوز هذه التحديات المتنوعة - سواء المجتمعية أو المالية - والوصول إلى هذا المستوى المتميز في إنتاج المحتوى، يعكس بوضوح إرادتي القوية والصبر الذي أظهرته في مسيرتي.
- ما هي أبرز الإنجازات والجوائز التي حققتها على مدار مسيرتك الفنية؟ وما الذي تعنيه لك هذه الإنجازات؟
لقد حققت إنجازات مهمة خلال فترة دراستي الجامعية، وهذا يعكس قوة إرادتي وطموحي. فقد تأهلت لعضوية مجلس الطلبة وفزت في الانتخابات مرتين، وهو إنجاز كبير خاصة أني كنت تشعر بأني بعيد عن زملائي الطلاب في البداية. كما قمت بترشيح نفسي في الفصل الثاني وفزت، مما شكل نقلة نوعية في مسيرتي علاوة على ذلك، قمت بتنظيم أول مسابقة قافية على مستوى الجامعة الأهلية، وكذلك عملت على إخراج وإنتاج أول سكتش لحفل التخرج في الجامعة، حيث كنت المخرج والمنتج والمدرب للأشخاص الذين ظهروا على المسرح وأخيرًا، انضممت إلى نادي توستماستر وحصلت على المستوى الأول في الملتقى الخليجي التابع لنادي السيف. هذه الإنجازات المتنوعة تؤكد على مدى طموحي وقدرتي على التحدي والتطوير الذاتي خلال مسيرتي الجامعية
- كيف كان تفاعل الجمهور معك والتغيير في نظرتهم تجاهك كشخص ذي إعاقة؟
في الوضع الراهن، الحمد لله، عندما أصعد على خشبة المسرح، يكون تفاعل الجماهير معي إيجابيًا للغاية. سواء من خلال النظرات أو لغة الجسد أو حتى استجابتهم للكلام الذي أطرحه أثناء الخطابة، فإن هذا التفاعل الرائع يحفزني بشدة لمواصلة هذا المسار والوقوف أمام الناس وأنا واثق من نفسي
- كيف كان دعم أسرتك وأصدقائك لك خلال هذه المسيرة؟ وما أثر ذلك عليك؟
في البداية، تلقيت دعمًا مستمرًا وراسخًا من والدَي منذ أن شاهدا هذه الإعاقة لديّ. كانوا يردّدون باستمرار "الحمد لله على هذه النعمة"، وقاموا بإحضاري للعلاج حتى تمكّنت من الوقوف على رجليَّ. طوال هذه المسيرة، ظلّوا يشجّعونني بإصرار على النهوض والفعل والإنجاز، إلى أن وصلت إلى هذه المرحلة إلى جانب ذلك، هناك أيضًا العديد من أصدقائي المقربين الذين لا يزالون مرافقين لي في رحلاتي وخروجاتي، منهم السيد جليل العلوي وحسين باقري. وفوق كل هؤلاء، تأتي زوجتي كالداعم الأول والرئيسي لي، فهي التي تدفعني باستمرار إلى الأمام وتحفّزني على تحقيق المزيد من الإنجازات والتغلّب على التحديات
- من هم الشخصيات أو المؤسسات التي ساهمت في دعمك وإنجاح مسيرتك الفنية؟ وكيف أثر ذلك عليك؟
يمكنني أن أبدأ بذكر دور البروفيسور عبدالله الحواج وأساتذتي في المدرسة والجامعة الأهلية، حيث كانوا عاملاً مهمًا في تحوّلي الكامل من شخص إلى آخر. البروفيسور عبدالله الحواج أولاً منحني الثقة التامة، وأتاح لي فرصًا متعددة للمشاركة في فعاليات مختلفة، كما كان يدعمني بشكل مستمر في أي عمل فني أقوم به. كذلك الأخ نزار القطري الذي كان متواضعًا للغاية معي عندما طلبت العمل معه إلى جانب ذلك، هناك المؤسسة الوطنية التي أظهرت ثقتها بي من خلال إتاحة الفرصة لي للمشاركة معها. إن هذا الدعم والتشجيع من قبل هؤلاء الأشخاص والمؤسسات كان له الأثر البالغ في مساعدتي على تحقيق هذه المرحلة من النجاح والتقدم
- هل كان هناك أي نموذج أو شخصية ألهمتك في مسيرتك الفنية؟ وكيف أثرت عليك؟
لا شك أن هناك العديد من الشخصيات التي لعبت دورًا بارزًا في مسيرتي، ومن أبرزهم كان الأخ نزار القطري. لقد كان لتأثيره عليي أهمية كبيرة، فكلما نظرت إلى مدى تقدمه وإنجازاته، كان ذلك بمثابة حافز قوي لي للاستمرار في مجالي والسعي إلى التطور والتحسين باستمرار على الرغم من عدم تمكني من ذكر جميع هذه الشخصيات بالتفصيل، إلا أن دورهم في دعمي ومساندتي كان له أثر بالغ الأهمية في وصولي إلى هذه المرحلة المتقدمة من النجاح والتميز. هذا الدعم والتحفيز المستمر كان له الفضل الكبير في مواصلة مسيرتي والارتقاء بها إلى آفاق أرحب.
- هل واجهت أي نوع من التمييز أو الحواجز بسبب إعاقتك؟ وكيف تعاملت مع ذلك؟
بالطبع، هناك بعض الأشخاص الذين يعتقدون أنهم بإبعادك عن الساحة سيحمونك من أي ضرر قد يصيب جسدك أو نفسيتك أثناء التقديم، وقد يظنون أنك غير مناسب للوقوف على خشبة المسرح. ولكن هؤلاء لا يدركون أنهم بذلك يحرمونك من فرصتك ولكني حاولت أن أثبت نفسي لهم، وأن أظهر لهم مستواي في هذه اللقاءات. والآن، الحمد لله، تغيرت نظرة الناس إليَّ كثيرًا
- ما هي أبرز الفرص التي أتيحت لك في مجال الأداء الفني والخطابة؟ وكيف استفدت منها؟
في عام 2014، سنحت لي فرصة على المسرح بأن أكون ممثلًا في إحدى المسرحيات. وطبعًا، كانت هذه أول مرة أمثّل فيها على المسرح وأقف أمام الجمهور مع ممثلين كثر. وكان الدور الموجه لي دور البطولة، وكانت هذه انطلاقتي، حيث أصبحت معروفًا في عالم المسرحيات من هذا الموقف أما من ناحية الخطابة، فقد كانت مع ملتقى السيف للخطابة الذي كان على مستوى الخليج. فقد أُتيحت لي الفرصة بأن أكون متسابقًا معهم، والحمد لله أنني أخذت المركز الأول على مستوى الملتقى. واستفدت منها من خلال تعلّمي للخطابة، سواء فزت أم خسرت فيها
- ما هي أهم الدروس والقيم التي تعلمتها من خلال مسيرتك في المسرح والخطابة؟
في عالم المسرح والخطابة، يوجد عدة أمور صعبة، ومنها أن يتمكن الفرد من التحدث من قلبه أو أن يؤدي أسلوبًا حقيقيًّا ومن قلبه، خاصةً عندما يكون لديه رسالة. وما تعلّمته من خلال مسيرتي هو أن تقول الأمور كما هي وأن تكون صادقًا في طرحها وفي كل كلمة تقولها. وبهذا الشيء ستستطيع الوصول إلى قلوب الناس ومُلامسة مشاعرهم
- ما هي أهم المهارات التي اكتسبتها من خلال تجربتك في المسرح والخطابة؟
تمكنت من أن أصبح دقيقًا في اختيار الكلمات وتعابير الجسد واختيار الرسالة، وقد استطعت من أن أختصر وقتي في إيصال الرسالة المراد توصيلها من ساعة إلى خمس دقائق. وكان هذا الشيء من قبل أن أتعلم الدروس والمهارات المسرحية والتقديمية
- ما الذي ساعدك على التركيز والانضباط في تطوير مهاراتك الفنية والخطابية؟
كانت معظمها من الانتقادات والتقييم للخطابات. فهناك يوجد تقييم للخطابات التي أشارك فيها، ومن خلاله أعرف الإيجابيات والسلبيات في الخطاب. ومن خلال ممارسة الخطابة تطورت وأصبحت ما أنا عليه اليوم
- كيف ترى دور الفن والثقافة في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة وتغيير نظرة المجتمع نحوهم؟
أمانة لقد كنت بالفعل كثيرًا ما أتحدث عن هذا الموضوع. فلقد كنت أقول إن الأشخاص ذوي الإعاقة يجب أن يشاركوا في كل مسلسل وفي كل فيلم يتم إنتاجه، وأن يكون دورهم عاديًا ولا يُظهر إعاقتهم مثل الأشخاص ذوي البشرة السمراء في الأفلام. فكلما زاد تواجدهم بطريقة طبيعية في الفيلم، مثل إعطائهم أدوارًا أساسية أو بطولية، كلما تم تعويد العقل الباطن على هذه الفئة من الناس وتم قبولهم في المجتمع، وأن يكون تواجدهم طبيعيًا. وأوجه نفس الكلام لفئة المعاقين في المجتمع؛ فكلما زاد تواجدهم في وسائل الإعلام، كلما زاد تقبل الناس لهم.
- كيف ترى دور المجتمع في دعم وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة للمشاركة في المجالات الفنية والثقافية؟
حتى الآن، نرى خطوات خجولة فقط بالنسبة للفن في المسرح لذوي الإعاقة، وذلك بسبب عدم وجود أعمال فنية متواصلة أو دورات متواصلة طوال العام. فعلى سبيل المثال، نشاهد فقط كورس للتدريب في السنة الواحدة، حتى مع وجود جمعيات أو منظمات داعمة. إلا أن الدعم لا يزال ضعيفًا جدًا، مما يضطر الشخص إلى الاعتماد على نفسه في الغالب
- كيف تنظر إلى دور التكنولوجيا والتقنيات المساعدة في تطوير مهاراتك الفنية والخطابية؟
دور التكنولوجيا في حياة أي شخص معاق هو أساسي من حيث الاستخدام وتوصيل الرسالة. فيمكنه الاستفادة منها في مختلف الجوانب، كالاستعانة بها في الخطابة والأنشطة اليومية الأخرى. وبالتالي، تُعد التكنولوجيا وسيلة مهمة لتعزيز الأمان والاستقلالية لذوي الإعاقة
- ما نصيحتك للأشخاص ذوي الإعاقة الذين يرغبون في المشاركة في مجالات الأداء الفني والخطابة؟
أنصحك بأن تفعل ما تريده بشكل مباشر دون قلق أو خوف، مهما كانت الظروف. فحتى إذا كانت الأفكار الموجودة في ذهنك صعبة أو كان التنقل والحركة صعبًا عليك في بعض الأحيان، فإن مواقع التواصل الاجتماعي قد أصبحت منصة فعالة يمكنك من خلالها نشر وتنفيذ ما تريده قم بتكوين صورة ذهنية لما تريد فعله، ثم قم بتقديم نفسك للناس بالطريقة التي تشعر بأنها مناسبة. فبهذه الطريقة، سيتم استدعاؤك للمشاركة في الأنشطة الفنية، وستُدهش من النتائج التي ستحققها ما عليك سوى الإقدام على تنفيذ ما تريده بثقة، دون الخوف من الظروف المحيطة. فبالإرادة والعزيمة، ستتمكن من تحقيق ما تصبو إليه
- هل لديك أي نصائح أو رسالة توجهها لمن يشاركونك الإعاقة والطموح لتحقيق أحلامهم؟
لا تستسلموا إذا تلقيتم انتقادات متكررة، حتى لو كانت أخطاؤكم كثيرة. بل اعملوا على التعلم والمثابرة، فأنتم في رحلة تعليمية تكتسبون من أخطائكم والمواقف التي تمرون بها في النهاية، ستصلون إلى ما تتمنونه، فالوصول إلى الهدف يتطلب صبرًا واستمرارية مثل صعود الدرج. استمروا في التسلق رغم طول الطريق وكثرة العقبات. بالعزيمة والمواصلة، ستنالون ما تسعون إليه لا تيأسوا من الانتقادات، بل اجعلوها وقودًا لكم للتحسن والتطور. فبالمثابرة والإصرار، ستصلون في النهاية إلى ما تصبون إليه
- ما هي النصائح التي ستقدمها لأولئك الذين يرغبون في تحقيق أحلامهم رغم وجود إعاقة أو تحديات؟
مواقع التواصل الاجتماعي هي منصات مفتوحة للجميع، وبإمكانكم استغلالها لتثبتوا للناس قدراتكم وما يمكنكم تحقيقه. من خلال نشر المزيد من المنشورات على منصات مثل الإنستغرام والتيك توك والسناب شات، ستتمكنون من التعريف بأنفسكم بشكل أفضل وكسب ثقة الآخرين بقدراتكم هذه المنشورات قد تؤدي إلى فرص تقديم مثلما حدث معي. فكلما زاد نشركم للمحتوى المُميز، كلما ازداد تعرف الناس عليكم وإيمانهم بإمكاناتكم. لا تتردّدوا في الاستفادة من هذه المنصات الاجتماعية للوصول إلى أهدافكم والكشف عن مواهبكم للجميع