تسعى مملكة البحرين عبر مؤسساتها الرقمية المتعددة إلى ترسيخ الأمن السيبراني في ربوع الفضاء الإلكتروني للمملكة، وإيجاد البنيات التحتية المعززة للأمن السيبراني داخليا، واتبعت منهجية وطنية متميزة مؤسسيا وتنظيميا، موظفة استخدام الذكاء الاصطناعي كتقنية وبنية تحتية في التعامل مع ممكنات الأمن السيبراني، والتعاون إقليميا وعالميا في هذا الحال الحيوي والمهم، سعيا إلى تعزيز الأمن السيبراني.
وانطلاقا من حرصها على دعم مسيرة التحول الرقمي وتأمينها عبر إطلاق المبادرات ووضع القواعد الأساسية للأمن السيبراني وصولا إلى بيئة إلكترونية موثوقة ومستدامة، وقادرة على مجابهة التحديات السيبرانية المتزايدة.
خاصة وأن الأمن السيبراني يمثل الانشغال الأكبر للدول ومنظمات الأعمال، لا بل حتى الأفراد في عصرنا الراهن، لصعوبة التحوط من الاختراقات السيبرانية، ولتعدد وتنوع المداخل التي يمكن أن تنفذ منها، فعدت التقنيات المعاصرة كالروبوتات وإنترنت الأشياء ومنتجات الذكاء الاصطناعي المختلفة، والحكومات الإلكترونية وشركات الاتصالات والقطاع الصناعي عموما هدفا رئيسيا لها، فضلا عن أجهزة الحاسوب والهاتف المحمول والألواح الذكية وغيرها من الأهداف.
الأمر الذي دفع الحكومات ومنظمات الأعمال إلى البحث عن ما أطلق عليه بحلول الأمن السيبراني التي تعني مجموعة من الخدمات التي تحمي أنظمة تقنية المعلومات والبيانات التجارية من التهديدات السيبرانية مثل (القرصنة الإلكترونية، وخرق البيانات) لأجل تمكين الشركات من حماية سلامة وسرية وتوافر معلوماتها.
وتأتي المبادرة الجديدة لشركة بتلكو بإطلاق خدمة ((Pipe Clean التي تهدف إلى إيجاد آلية تقنية لضمان النقل الموثوق والسريع للبيانات عبر شبكة الإنترنت، وتوفير ضمانات على درجة عالية من المصداقية لحماية عملية الاتصال من التعطل والتباطؤ فضلا عن مخاطر اختراق البيانات وأعمال القرصنة الأخرى. إذ إنها ستقدم الخدمة للقطاع التجاري في البحرين عبر مركز تصفية متكامل ومدمج في البنية التحتية لشبكة بتلكو، حيث يقوم بتصفية حركة مرور البيانات في الإنترنت وتنقيتها من المخاطر السيبرانية، وتأتي هذه المبادرة مكملة للعديد من المبادرات المتميزة التي قدمتها شركة بيون Beyon (الشركة الأم لشركة بتلكو) خلال السنوات الماضية لدعم البيئة الرقمية في مملكة البحرين.
وتبرز أهمية المبادرة الجديدة لشركة بتلكو حينما نلاحظ الحجم الكبير من عمليات الاختراق السيبراني التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط في عام 2023، فقد اكتشفت أنظمة الحماية لشركة «كاسبرسكي» الأمنية، نحو (411) ألف ملف خبيث يومياً، أي نحو (125) مليون ملف خلال العام. وفيما يتصل بمملكة البحرين فقد تعرضت في عام 2020 إلى نحو (7) ملايين هجمة سيبرانية وفقا لما سبق وأن أعلنته شركة «تريند مايكرو إنكوربوريتد»، وهي شركة متخصصة بالأمن السيبراني.
كما توقع تقرير جديد أطلقته الشركة ذاتها مطلع عام 2024حول توقعاتها للأمن السيراني لعام 2024 حدوث تغيير جذري في مشهد التصيّد الاحتيالي نتيجة ما حققته تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي وشبكات الخصومة التوليدية من انتشارٍ متزايد وما شهدته من تحسينات على مستوى الكفاءة.
ومن شأن هذا التغيير الجذري أن يتيح فرصة استخدام محتوى سمعي ومرئي أكثر واقعية وبتكلفة أقل، مما يؤدي إلى تسجيل زيادة ملحوظة في عمليات الاحتيال المعقدة مثل اختراق البريد الإلكتروني الخاص بالأعمال التجارية والاختطاف الافتراضي وإلى ما هنالك من عمليات احتيال مماثلة.
ومن المتوقع أيضاً أن تعاني البيئات السحابية خلال عام 2024 من نقاط ضعف متزايدة، بالإضافة إلى تعرض سلاسل توريد البرمجيات وتكنولوجيا «بلوك تشين» إلى هجماتٍ هدفها المطالبة بفدية أو محاولة تشفير البيانات.
الأمر الذي يعزز من أهمية مبادرة بتلكو في الإسهام بحماية وتعزيز الأمن السيبراني للشركات في مملكة البحرين، وذلك بما ينسجم مع جهود ومرئيات المملكة واهتمامها بموضوع الأمن السيبراني، خاصة وأنها تعد من الدول الرائدة في المنطقة التي حرصت على تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وإرساء بنية تعليمية وثقافية معززة ومحفزة لاستنبات ودعم الأمن السيبراني، وتبنت العديد من المبادرات لتحسين جاهزيتها في مواجهة المخاطر السيبرانية.
وأطلقت استراتيجية وطنية للأمن السيبراني تقوم على خمس ركائز تتمثل في: توفير حماية سيبرانية قوية ومرنة، وتوفير إطار للحوكمة والمعايير الفعالة للأمن السيبراني، والسعي إلى بناء مجتمع واع بالأمن السيبراني، وتعزيز الحماية السيبرانية من خلال الشراكات والتعاون مع جميع القطاعات ذات الصلة، وتطوير الكوادر الوطنية في مجال الأمن السيبراني.
{ أكاديمي وخبير اقتصادي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك