منذ عام 2009 بدأت جامعة الدول العربية، تخص الشؤون الاقتصادية، والتنموية، والاجتماعية بقمم خاصة بها، حيث استضافت الكويت في يناير من هذا العام، القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، ثم تواتر عقد هذه القمم بعد ذلك في مصر 2011، والسعودية 2013، ولبنان 2019، ثم موريتانيا 2023، وقبل ذلك كان الملف الاجتماعي حاضرًا في القمم العادية، وفي نشاط الجامعة منذ نشأتها، وأفردت له في أمانتها العامة المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي ولد مع اتفاقية الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي عام 1950.
ومنذ انضمامها إلى الجامعة في سبتمبر 1971، حرصت مملكة البحرين على المشاركة الفعالة في كل فعاليات وأنشطة الجامعة، وعلى رأسها الملف الاجتماعي، وبرزت مشاركتها في مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، ومجلس وزراء البيئة والشباب والرياضة، والمنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ومنظمة العمل العربية، ومنظمة المرأة العربية.
وكما هو معلوم فإن منظمة المرأة العربية، هي منظمة حكومية، وافق مجلس الجامعة على إنشائها انطلاقًا من مؤتمر قمة المرأة العربية الأول في نوفمبر 2000، بمشاركة سمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة جلالة الملك ورئيسة المجلس الأعلى للمرأة، فيما استضافت مملكة البحرين المنتدى الأول لقمة المرأة العربية (المرأة والقانون) في أبريل 2001، ودخلت اتفاقية إنشاء هذه المنظمة حيز النفاذ في 2003.
وقد هدفت قمة المرأة العربية، إلى تحقيق تضامن المرأة العربية، باعتباره ركنا أساسيا، للتضامن العربي، وتنسيق مواقف عربية مشتركة في الشأن العام العربي والدولي، ودعم تناول قضايا المرأة في المحافل الإقليمية والدولية، وتنمية الوعي بقضاياها في جوانبها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والقانونية، والإعلامية، ودعم التعاون المشترك وتبادل الخبرات في مجال النهوض بها، وإدماج قضاياها ضمن أولويات خطط وسياسات التنمية الشاملة، وتنمية إمكاناتها، وبناء قدراتها كفرد وكمواطنة على المساهمة بدور فعال في مؤسسات المجتمع، وفي ميادين العمل والأعمال كافة، وعلى المشاركة في اتخاذ القرارات، والنهوض بالخدمات الصحية والتعليمية الضرورية لها، فيما وقعت مملكة البحرين على اتفاقية إنشاء منظمة المرأة العربية وصادقت عليها عام 2002.
وتعزيزا لذلك، خرج المنتدى الأول لقمة المرأة العربية في المنامة في أبريل 2001، بتوصيات هي حث الدول العربية التي لم تصدر قوانين للأحوال الشخصية على الإسراع بإعداد وإصدار تلك القوانين، والعمل على تنقية قوانين الأسرة من كل ما يتعارض مع مبدأ المساواة والعدالة، وسد الفجوة بين التشريع والممارسة، وإقرار صفة الاستعجال لقضايا الأحوال الشخصية، نظرًا إلى طبيعتها الإنسانية الملحة، واتخاذ الإجراءات لحماية المرأة من العنف الأسري، وذلك بتشديد العقوبة في هذا الخصوص، وتأمين حق المرأة العربية في هياكل وآليات السلطة ومواقع صنع القرار.
وبعد 6 سنوات من القمة الأولى للمرأة العربية، انعقد المؤتمر الأول لمنظمة المرأة العربية في البحرين نوفمبر 2006، تحت رئاسة سمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، تحت عنوان: 6 سنوات بعد القمة الأولى للمرأة العربية.. الإنجازات والتحديات، وقد جاء هذا العنوان بتوصية من الاجتماع الثاني للمجلس الأعلى للمنظمة، الذي استضافته البحرين في 12 يونيو 2005. وكانت الأردن، قد ترأست دورة منظمة المرأة العربية في الفترة ما بين (2003– 2005)، وتسلمت البحرين رئاستها من (2005 – 2007)، ممثلة في صاحبة السمو الأميرة سبيكة، رئيس المجلس الأعلى للمرأة، وترأست الإمارات، الدورة التالية (2007 – 2009)، وتتوالى الرئاسة بحسب الترتيب الأبجدي.
وفي أثناء رئاسة البحرين للمنظمة، حققت العديد من الإنجازات التي ساهمت في وضع الخطط المستقبلية لدعم مكانة المرأة العربية، وتفعيل دورها من خلال برامج وفعاليات، ومن أهم هذه الإنجازات: مشروع الدراسات المسحية، التي تقف على وضع المرأة في كل دولة عربية في المجالات الصحية والاقتصادية، والتعليمية، والإعلامية، والتعرف على مشاريع النهوض بها، وعقد مؤتمر المرأة العربية الماضي والحاضر والمستقبل، مع جامعة كامبريدج برعاية صاحبة السمو الأميرة سبيكة، والدورة التوعوية للإعلاميين العرب برعايتها أيضًا، وبناءً على جهودها كان انضمام المغرب إلى المنظمة. فيما شهدت هذه الدورة مبادرة صاحبة السمو الأميرة سبيكة، بتدشين المكتبة الرقمية العربية الخاصة بالمنظمة، والتي تبرعت بتكلفة تشغيلها، وتدشين استراتيجية الشباب العربي لدعم دور المرأة في بناء المجتمع، وصدور أول تقرير عربي معني بشؤون وقضايا المرأة؛ لقياس مدى تقدم العمل تجاه هذه القضايا.
في حين اشتمل مؤتمر قمة المرأة العربية في 2006، على ثماني ورش، للوقوف على ما قامت به كل دولة حيال تنفيذ توصيات المنتديات، التي أقرتها القمة الأولى للمرأة العربية: المرأة العربية والقانون، المرأة العربية والسياسة، المرأة العربية في بلاد المهجر، المرأة العربية والإعلام، المرأة العربية والاقتصاد، المرأة العربية والنزاعات المسلحة، المرأة العربية والعلوم والتكنولوجيا، المرأة العربية.. تربية. وطن. تنمية. ومنذ انطلاق منظمة المرأة العربية -حتى الدورة الحالية برئاسة مصر، والتي تنتهي في 2025- ظلت البحرين حريصة على المشاركة الإيجابية في فعالياتها، وصياغة رؤاها واستراتيجياتها وخططها الاستراتيجية.
وفيما تعمل جامعة الدول العربية، منذ نشأتها على دمج الشباب، وتفعيل مشاركتهم في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، والعمل على تحقيق أحلامهم نحو مستقبل مشرق، مؤكدة أن الشباب هم الفئة الأكثر تحررًا وانفتاحًا؛ فقد غدت تحتضن في مؤسساتها مجلس وزراء الشباب والرياضة من 1978، وسعت الأمانة العامة، إلى وضع قضايا الشباب العربي على أجندات وخطط عمل إدارتها في مختلف القطاعات، وأنشأت إدارة معنية بهم، كما تم إطلاق عدة مبادرات، مثل عاصمة الشباب العربي، حملة لا عنف لا تطرف لا إرهاب، برلمان الشباب العربي، إقامة ملاعب للشباب السوري في أماكن النزوح، معسكر الشباب العربي، منتديات الشباب، إعلان عام 2016 عام الشباب، جائزة التميز للشباب العربي، الاستراتيجية العربية للشباب والرياضة، استراتيجية الشباب والأمن والسلم، البطولات الرياضية العربية.
ومع إعلان 5 يوليو من كل عام يوما للشباب العربي، تدعو الجامعة العربية إلى وضع رعاية وتنمية الشباب على سلم أولويات الحكومات والمجتمعات المحلية، فيما حرصت البحرين على المشاركة الفعالة في أعمال مجلس وزراء الشباب والرياضة، وإعداد الاستراتيجيات السابق ذكرها، وجائزة مجلس الشباب العربي للتنمية المتكاملة -أنشئ في 2003 خلال مؤتمر دور الشباب العربي نحو تفعيل السوق العربية المشتركة، وبدأ أعماله مع الجامعة منذ 2004 بشكل مستمر، وتم إشهاره رسميًا في 2007 والبحرين عضو فيه- وكانت المملكة قد أطلقت جائزة الملك حمد لتمكين الشباب، من أجل أهداف التنمية المستدامة عام 2017.
وإلى جانب المرأة والشباب، كان اهتمام الجامعة العربية، بالطفولة، حيث صدر ميثاق حقوق الطفل العربي في 1983، بعد التصديق عليه، التزامًا بأهداف ومبادئ ميثاق الجامعة، ونظم وكالاتها المتخصصة، وميثاق العمل الاجتماعي للدول العربية، واستراتيجية العمل الاجتماعي العربي، واستراتيجية تطوير التربية في الوطن العربي، وما صدر عن القمم العربية. وبناءً على التوصية الصادرة عن مؤتمر الطفولة والتنمية، بتونس في 1986، تحت رعاية جامعة الدول العربية، تم إنشاء المجلس العربي للطفولة والتنمية، برئاسة الأمير طلال بن عبدالعزيز (رحمه الله)، ومقره القاهرة، والذي يعمل بتعاون وثيق مع الجامعة، فيما شاركت البحرين في إعداد الاستراتيجية العربية للأسرة، التي أقرتها قمة الجزائر في 2005، وتم تحديثها عام 2021.
وفي أبريل 2024، أكدت الجامعة، أهمية توفير السبل اللازمة لحماية ورعاية الأطفال الأيتام، وضرورة تجديد الالتزام الإنساني والقانوني تجاه حقوق الأطفال، فيما أعلنت 5 أبريل من كل عام اليوم العربي لليتيم، وكانت البحرين قد ترأست اجتماعات لجنتي الطفولة والأسرة مرات عديدة، وحرصت على نقل خبراتها منذ إنشاء المجلس الأعلى للمرأة في 2001، خاصة في تشريعات الأسرة، ومناهضة العنف الأسري، وجهودها في مجال تمكين المرأة سياسيًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا، كما شاركت في منتصف عام 2022 -من خلال الجامعة- في مؤتمر الأسرة العربية والتحضر.
أما المنظمة العربية للأشخاص ذوي الإعاقة، فقد تأسست عام 1998 في ختام المؤتمر التأسيسي لجمعيات الأشخاص ذوي الإعاقة، تحت شعار نحو عِقد عربي للمعاقين، برعاية أمين عام الجامعة العربية، وحضور وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، وقد شاركت البحرين في هذا التأسيس، ودعا الأمين العام للجامعة في 26 يناير 2023، إلى مبادرة العِقد العربي الثاني لذوي الإعاقة، فيما حرصت المملكة أيضًا على نقل خبراتها في مجال دمج المعاقين في التعليم والأنشطة الرياضية والشبابية، والمشاركة في الإعداد لإطلاق العِقد العربي الثاني للأشخاص ذوي الإعاقة.
وكانت القمة العربية بتونس في مارس 2019، قد أقرت الاستراتيجية العربية لكبار السن، لتمثل نقلة نوعية مهمة لهذه الفئة، كما أطلقت الجامعة، مشروع القانون العربي الاسترشادي لحماية حقوق كبار السن، وأقر مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب يوم 10 أكتوبر من كل عام اليوم العربي لكبار السن. وبمناسبة مناقشة تقرير البحرين الدوري أمام لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، أشادت اللجنة بالجهود البحرينية في رعاية حقوق كبار السن، وهي التي حرصت على وضعها في خدمة العمل العربي المشترك في هذا الشأن.
على العموم، يتضح من العرض السابق تعدد أنشطة الجامعة العربية في جوانب الملف الاجتماعي، فيما كان دور مملكة البحرين جليًّا، ليس فقط على مستوى المشاركة في الاجتماعات الوزارية، واللجان المعنية؛ ولكن أيضا على مستوى صياغة الرؤى والاستراتيجيات والسياسات والقوانين الاسترشادية، وهو الدور الذي أهلها لرئاسة العديد من اللجان المعنية بهذه الأنشطة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك