اختتمت أعمال الدورة العادية الثالثة والثلاثين لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة التي عقدت في مملكة البحرين مؤخرا في ظل أوضاع إقليمية ودولية بالغة الدقة وتحديات غير مسبوقة تتعرض لها منطقتنا العربية مما يستدعي اتخاذ مواقف عربية موحدة ليكون العرب قادرين على مواجهة هذه التهديدات التي تواجه أمتنا العربية، ويأتي العدوان الصهيوني الغاشم على غزة وما ارتكبته وترتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلي من مجازر وفظاعات وعنف وإرهاب لم تشهد البشرية مثله من قبل هذه الهمجية الإسرائيلية التي لم تراع أبسط قواعد احترام حقوق الإنسان وقت السلم ووقت الحرب، حيث لا تزال قوات الاحتلال تواصل همجيتها ضد السكان المدنيين البسطاء أمام العالم أجمع الذي لا يزال صامتا ولم يحرك ساكنا لوقف هذه الإبادة الجماعية، وهذا الدمار الذي لحق بقطاع غزة وسكانه من المدنيين من قبل الكيان الصهيوني الذي تقوده حفنة من المتطرفين اليمينيين، ولذلك كان من الطبيعي أن يتصدر الهجوم الإسرائيلي على غزة والمستمر منذ 7 أكتوبر من العام الماضي جدول أعمال قمة البحرين العربية، حيث لم تخل خطابات القادة العرب من الشجب والاستنكار لهذه الهجمة الصهيونية ضد إخوتنا وأشقائنا في قطاع غزة مطالبين المجتمع الدولي والدول الكبرى ومنظمة الأمم المتحدة ممثلة في مجلس الأمن الدولي بمسؤولياتهم الإنسانية والأخلاقية لإجبار إسرائيل على وقف هذا الهجوم ووضع حد لهذا العدوان السافر، فكان الموقف الذي عبر عنه القادة العرب في كلماتهم حول هذه المسألة موقفا واحد موحدا وقويا في رسالة واضحة للقيادة الصهيونية بضرورة وقف العدوان الغاشم على غزة لتهيئة الظروف المناسبة للدخول في مفاوضات حل الدولتين كما يريده العالم ويريده العرب والفلسطينيون لإنهاء هذه الحالة التي تعيشها المنطقة العربية منذ أكثر من سبعة عقود من الزمان لتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته الوطنية المستقلة ذات السيادة على التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران من عام 1967 لتتمكن المنطقة من العيش في سلام واستقرار والتفرغ للتنمية والتعاون في أجواء من الثقة والوئام.
إن إسرائيل ليس أمامها إلا القبول بهذا الحل إن هي أرادت سلاما حقيقيا ودائما في المنطقة لوضع حد لهذا الوضع المختل لأن البديل هو المزيد من العنف والإرهاب والتدمير والخراب وقد جربت إسرائيل الحرب في مناسبات أخرى ولم تجلب لها ولا للمنطقة السلام كما إنه مضى على حربها على غزة أكثر من سبعة أشهر دون أن تحقق أهدافها بل إن بعض المؤشرات تؤكد أن الكيان الصهيوني قد وقع في مستنقع غزة ولن يخرج منه خصوصا وإن الشعب الفلسطيني مصمم على نيل حقوقه المشروعة وأول هذه الحقوق حقه في إقامة دولته الوطنية ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، ولذلك كانت الدعوة العربية الجماعية بضرورة عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين ومطالبتها بنشر قوات حفظ سلام دولية في الأراضي الفلسطينية حتى إعلان دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية لدعم الموقف الفلسطيني العادل.
كما أن الأوضاع في بعض الدول العربية كانت حاضرة على طاولة القمة العربية حيث أكدت ضرورة إنهاء الأزمة السورية وفق القرار 2254 ورفضت أي تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية للقطر السوري الشقيق كما رفضت أي محاولات لتغير التركيبة الديمغرافية للمجتمع السوري لحفظ أمن سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها ووحدة شعبها لتحقيق آمال وتطلعات الشعب السوري الشقيق بحياة كريمة بعد عشر سنوات من الحرب التي جلبت الخراب والدمار وشردت الملايين من الذين تركوا ديارهم ومساكنهم هربا من الحرب نحو ملاذ آمن لهم ولأسرهم ولتخليص سوريا من المجموعات الإرهابية التي استقرت في عديد من المناطق السورية وأصبحت مصدر تهديد لأمن واستقرار سوريا ولتوفير الظروف الملائمة لمساعدة اللاجئين السوريين للعودة إلى بلادهم.
وحول الوضع في السودان واليمن أكدت القمة ضرورة الدخول في مفاوضات مباشرة بين الجيش السوداني وقوات التدخل السريع لحل الخلافات بينهما لما فيه خير وصالح السودان وشعبه مع الأخذ بعين الاعتبار مصلحة السودان فوق كل اعتبار للوصول إلى تفاهمات تنقذ السودان من الوضع الحالي الذي مضى عليه أكثر من عام لبدء مرحلة جديدة من البناء والتنمية، كما جددت القمة دعمها لمجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد محمد العليمي ومساندة الحكومة اليمنية في جهودها لتحقيق المصالحة الوطنية التي ينشدها المواطن اليمني.
ولكن يبقى السؤال المهم هو وماذا عن تنفيذ هذه القرارات المهمة والحيوية التي تحدد مستقبلنا كعرب بالنسبة إلى مستقبل العمل العربي؟!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك