مثلما أعرب جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم عن تمنياته الخالصة بنجاح القمة العربية الثالثة والثلاثين، وذلك عند ترؤس جلالته الاجتماع الاعتيادي لمجلس الوزراء في يوم الاثنين الثالث عشر من شهر مايو 2024 أي قبل انعقاد القمة العربية بثلاثة أيام، حيث عقدت في البحرين في السادس عشر من شهر مايو الجاري، خرجت القمة بنتائج إيجابية وقرارات بنّاءة ومثمرة تعزز التضامن العربي ووحدة الصف والنهوض بقدرات الأمة وإمكانياتها السياسية والاقتصادية، والإسهام في حماية أمنها القومي وتلبية تطلعاتها على طريق التقدم والتنمية المستدامة، ودعم السلم والأمن والاستقرار في المنطقة ، فجاءت قراراتها والوثائق التي أطلقتها تحمل رؤية عقلانية شجاعة، وقد اكدت جملة من الثوابت العربية التي لا تقبل التجزئة ولا المجاملة، بدءا من الموقف الواضح الشاجب للعدوان الإسرائيلي على الشعب العربي الفلسطيني، وتأكيد ضرورة المعالجة الجذرية للمشكلة التي تتمثل في قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقا للقرارات الدولية، كما أكدت القمة قضية الأمن المائي العربي ومحاولات بعض دول المنابع للأنهار العربية حرمان الدول العربية من حقها القانوني والإنساني في الحصول على المياه، بالإضافة إلى تأكيد حرمة التدخل في الشؤون الداخلية العربية سواء في دعم أحزاب أو منظمات سياسية معادية أو مليشيات مسلحة أو غيرها، كما دعت قمة البحرين إلى انسحاب إيران من الجزر العربية الثلاث، والحفاظ على أمن الممرات المائية وخاصة الخليج العربي والبحر الأحمر، وتناولت القمة بالتحليل والمعالجة الأوضاع في اليمن وسوريا والصومال والسودان، فيما أكدت القضايا التنموية وأهمية سعي الدول العربية لتحقيق التنمية المستدامة، وغيرها من الموضوعات الحيوية، وقد أثبتت هذه القمة إدراك قادة الدول العربية لخطورة المرحلة الراهنة التي تمر بها البلاد العربية والعالم أجمع، حيث تمر الأمة العربية بمنعطف خطير وتواجه تحديات غاية في الدقة والاهمية، نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب العربي الفلسطيني، في معركة تستهدف إبادته ومحو وطنه وتركيع الأمة العربية وإخضاعها للأمر الواقع من دون رادع، فيما تغمض الدول الكبرى أعينها عما يجري على الأرض، وتصم أسماعها عن نداءات الدول العربية والإسلامية الداعية إلى السلام والتهدئة غير آبهة بما يربطها من علاقات سياسية واقتصادية واتفاقات أمنية مع العديد من الدول العربية، وهي في ذلك تدعم العدوان الاسرائيلي بشكل أو بآخر، لذا فقد كانت القمة بمستوى التحدي أمام شعوبها وأمام التاريخ، وأن انعقادها في مملكة البحرين مملكة الحكمة والرأي والشجاعة والفروسية مثل لقادة الأمة العربية فرصة تاريخية ليستمدوا من تاريخها وحاضرها الزاهر، وحكمة وبعد نظر قيادتها الخليفية، مخرجا آمنا، عبر ما تمتلكه من خبرات ومؤهلات اعتبارية قل نظيرها، فهي ظاهرة مميزة من ظواهر الربط العضوي بين الأصالة وامتدادها التاريخي الحضاري وتعشقها بشعب البحرين وأمتها العربية، وجهودها المتواصلة من أجل نصرة القضايا العربية، وإيمانها الثابت بأن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في منطقة الشرق الأوسط، والقضية المركزية الأولى للأمة العربية من ناحية، وقدرتها العالية على فهم المزاج العالمي ومؤثراته من ناحية ثانية، والمستوعب إن لم يكن السابق بمدركاته وأحاسيسه وتحليلاته العميقة لما يمكن أن يحدث في المستقبل في ضوء مجمل المتغيرات والمستجدات التي تتفاعل وترسم مسارات حركة السياسة الدولية من ناحية ثالثة، وقدرتها المميزة على استثمار الفرص من ركام التحديات، وتطوير القدرات التأثيرية للدول العربية مجتمعة على القرارات الدولية ودعوتها إلى الاعتراف الكامل بدولة فلسطين، وحل الدولتين لتعزيز الامن والسلام الدائم في المنطقة والعالم.
إن نجاح قمة البحرين في التصدي الفعلي للتحديات الراهنة، وتعزيز التعاون العربي العربي، والعربي العالمي لإرساء مقومات الأمن والسلام في فلسطين خصوصا، والمنطقة العربية عموما، سيؤسس لمرحلة جديدة من النهضة وإشاعة الأمن، وتعزيز التنمية المستدامة، ورسم خريطة طريق للعمل العربي المشترك. نأمل ونتطلع إلى القادة العرب باستمرار متابعة وتنفيذ قرارات القمة لتكون الامة العربية بمستوى التحدي، تقول وتفعل.
وختاما لا يسعنا إلا أن نرفع أسمى آيات التهاني وأخلص التبريكات إلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المعظم وإلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء على النجاح الباهر الذي حققته قمة البحرين، وما مثلته من أمل جديد للشعوب العربية المتطلعة للأمن والسلام والاستقرار والرفاهية.
{ أكاديمي وخبير اقتصادي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك