العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

دلالات قبول «الأمم المتحدة» عضوية فلسطين في ظل الرفض الأمريكي

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الأربعاء ٢٢ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

مع‭ ‬استمرار‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬حدث‭ ‬تحول‭ ‬كبير‭ ‬بالرأي‭ ‬العام‭ ‬الدولي‭ ‬نحو‭ ‬التعاطف‭ ‬مع‭ ‬محنة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬تحت‭ ‬القمع،‭ ‬والاحتلال،‭ ‬والحصار،‭ ‬والتجويع،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تاريخيا‭ ‬أبرز‭ ‬المؤيدين‭ ‬لها‭. ‬ففي‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬أوضحت‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬التي‭ ‬أجرتها‭ ‬مؤسسة‭ ‬يوجوف،‭ ‬تأييد‭ ‬69%‭ ‬من‭ ‬البريطانيين‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ (‬مقارنة‭ ‬بمعارضة‭ ‬13%‭ ‬فقط‭ ‬ذلك‭)‬،‭ ‬وأن‭ ‬التعاطف‭ ‬مع‭ ‬فلسطين‭ ‬يعادل‭ ‬ضعف‭ ‬التعاطف‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ (‬29%‭ ‬مقابل‭ ‬16%‭)‬،‭ ‬فيما‭ ‬يعتقد‭ ‬56%،‭ ‬أنه‭ ‬يتحتم‭ ‬على‭ ‬حكومتهم‭ ‬حظر‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬لإسرائيل‭. ‬وفي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬سُجل‭ ‬تعاطف‭ ‬الأمريكيين‭ ‬الأصغر‭ ‬سنا‭ ‬تجاه‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ (‬60%‭ ‬إلى‭ ‬46%‭)‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ارتفع‭ ‬التعاطف‭ ‬بين‭ ‬عامة‭ ‬السكان‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬منذ‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭.‬

ودعما‭ ‬لهذا‭ ‬التقييم،‭ ‬أشارت‭ ‬آنا‭ ‬جوردون،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬تايم،‭ ‬إلى‭ ‬كيف‭ ‬أدت‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬تغير‭ ‬الآراء‭ ‬حول‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬إيجابي،‭ ‬إلى‭ ‬سلبي،‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬والبرازيل‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬لديها‭ ‬وجهات‭ ‬نظر‭ ‬سلبية‭ ‬كاليابان‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬انخفاضات‭ ‬حادة‭ ‬أيضًا‭. ‬ومع‭ ‬تأكيد‭ ‬شركة‭ ‬مورنينج‭ ‬كونسلت،‭ ‬تراجع‭ ‬الآراء‭ ‬العامة‭ ‬حول‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬42‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬43‭ ‬دولة‭ ‬قامت‭ ‬بتقييمها؛‭ ‬فإن‭ ‬متوسط‭ ‬انخفاض‭ ‬قدره‭ ‬18‭.‬5%‭ ‬يؤكد‭ ‬كيف‭ ‬تبدلت‭ ‬المواقف‭ ‬الدولية‭ ‬بين‭ ‬شعوب‭ ‬العالم،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬ساعدت‭ ‬بها‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو،‭ ‬على‭ ‬تفاقم‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وهجومها‭ ‬على‭ ‬رفح‭.‬

ومع‭ ‬استمرار‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬دعمها‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬والسياسي،‭ ‬والعسكري،‭ ‬والاقتصادي‭ ‬لإسرائيل‭ ‬طوال‭ ‬الحرب،‭ ‬وعدم‭ ‬تغيير‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬من‭ ‬سياساتها؛‭ ‬اتخذت‭ ‬بقية‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬إجراءات‭ ‬لمحاسبة‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬جراء‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬وسلطت‭ ‬التحقيقات‭ ‬التي‭ ‬أجرتها‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬والمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭. ‬فيما‭ ‬دعمت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬عبر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬مساءلتها‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭. ‬وفي‭ ‬أحدث‭ ‬إجراء‭ ‬لها،‭ ‬أوضح‭ ‬جوليان‭ ‬بورغر،‭ ‬ولورينزو‭ ‬توندو،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان،‭ ‬أنها‭ ‬وافقت‭ ‬بأغلبية‭ ‬ساحقة،‭ ‬في‭ ‬10‭ ‬مايو‭ ‬2024‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬فلسطين‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬العضوية‭ ‬الكاملة‭ ‬بالأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬

ومع‭ ‬تصويت‭ ‬143‭ ‬دولة‭ ‬لصالح‭ ‬القرار‭ ‬مقابل‭ ‬رفض‭ ‬9‭ ‬دول،‭ ‬وامتناع‭ ‬25‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ (‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭)‬؛‭ ‬رأى‭ ‬بورغر،‭ ‬وتوندو،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعد‭ ‬فقط‭ ‬تعبيرا‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬لصالح‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لكنه‭ ‬أيضا‭ ‬بمثابة‭ ‬تأكيد‭ ‬للعزلة‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬إسرائيل‭ ‬جراء‭ ‬جرائمها‭ ‬وانتهاكاتها‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وقد‭ ‬دل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬حقيقة‭ ‬دعم‭ ‬فرنسا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭. ‬وصرح‭ ‬السفير‭ ‬نيكولا‭ ‬دي‭ ‬ريفيير،‭ ‬الممثل‭ ‬الدائم‭ ‬لها‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬بأن‭ ‬الوقت‭ ‬قد‭ ‬حان‭ ‬لكي‭ ‬تتخذ‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬إجراءات‭ ‬بهدف‭ ‬حل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬رأت‭ ‬ألكسندرا‭ ‬شارب،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬فورين‭ ‬بوليسي،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬هي‭ ‬انتصار‭ ‬رمزي،‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬فقد‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬كيف‭ ‬ستواصل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬منع‭ ‬حصول‭ ‬فلسطين‭ ‬على‭ ‬العضوية‭ ‬الكاملة‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التصويت‭ ‬بالفيتو‭ ‬لدى‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭.‬

ولتمديد‭ ‬صلاحيات‭ ‬فلسطين،‭ ‬كمراقب‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬والذي‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2012،‭ ‬أوضح‭ ‬بورغر،‭ ‬وتوندو،‭ ‬أن‭ ‬الإجراء‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تمريره‭ ‬لا‭ ‬يدعو‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬إلى‭ ‬منح‭ ‬العضوية‭ ‬الكاملة‭ ‬لدولة‭ ‬فلسطين‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬يشمل‭ ‬أيضًا‭ ‬تعزيز‭ ‬مهمتها‭ ‬الحالية‭ ‬بمجموعة‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬والامتيازات‭ ‬الجديدة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬وضعها‭ ‬الحالي‭ ‬كمراقب‭. ‬وأشارت‭ ‬شارب‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬لممثليها‭ ‬الآن‭ ‬التحدث‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬القضايا،‭ ‬واقتراح‭ ‬بنود‭ ‬جدول‭ ‬الأعمال‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬النقاش‭ ‬وفي‭ ‬لجان‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وحضور‭ ‬المؤتمرات‭. ‬وعليه،‭ ‬رأى‭ ‬ريتشارد‭ ‬جوان،‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التصويت‭ ‬يمنح‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬حقوق‭ ‬ومزايا‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬بدون‭ ‬السمات‭ ‬الأساسية‭ ‬لعضو‭ ‬حقيقي،‭ ‬وهي‭ ‬التصويت‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭.‬

ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬انضمامها‭ ‬كعضو‭ ‬كامل‭ ‬بالجمعية‭ ‬العامة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بموافقة‭ ‬الأعضاء‭ ‬الخمسة‭ ‬الدائمين‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن؛‭ ‬فإن‭ ‬موقف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬باعتبارها‭ ‬الداعم‭ ‬الأول‭ ‬للسياسات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المناهضة‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬قد‭ ‬أدى‭ ‬توصل‭ ‬المراقبين‭ ‬إلى‭ ‬نتيجة‭ ‬مفادها‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يتم‭ ‬منح‭ ‬العضوية‭ ‬الكاملة‭ ‬لفلسطين‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬قريب‭. ‬وبالفعل،‭ ‬أعلنت‭ ‬بعثة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬أنها‭ ‬ستستخدم‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ ‬ضد‭ ‬قبول‭ ‬العضوية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬تمامًا‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬في‭ ‬المسألة‭ ‬ذاتها‭ ‬في‭ ‬أبريل2011،‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬فلسطين،‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬طلبت‭ ‬ذلك‭. ‬وصرح‭ ‬ناثان‭ ‬إيفانز،‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬البعثة‭ ‬بأن‭ ‬فلسطين‭ ‬لا‭ ‬تستوفي‭ ‬حاليًا‭ ‬معايير‭ ‬العضوية‭ ‬الكاملة،‭ ‬بموجب‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬روبرت‭ ‬وود،‭ ‬نائب‭ ‬المندوبة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬أفضل‭ ‬طريقة‭ ‬لضمان‭ ‬العضوية‭ ‬الكاملة‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المفاوضات‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬يجب‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬تأثير‭ ‬القيود‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة؛‭ ‬لعرقلة‭ ‬المسار‭ ‬الراهن‭ ‬لفلسطين‭ ‬نحو‭ ‬زيادة‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنظمة‭. ‬وأوضح‭ ‬بورغر،‭ ‬وتوندو،‭ ‬أن‭ ‬نص‭ ‬تصويتها‭ ‬للسماح‭ ‬بحصول‭ ‬فلسطين‭ ‬على‭ ‬العضوية‭ ‬الكاملة‭ ‬تم‭ ‬تصميمه‭ ‬بعناية،‭ ‬حيث‭ ‬تضمن‭ ‬تخفيف‭ ‬لهجته‭ ‬بعض‭ ‬الشيء؛‭ ‬ليتناسب‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الأمريكي‭ ‬الصادر‭ ‬عام‭ ‬1990،‭ ‬والذي‭ ‬يحظر‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬الفيدرالية‭ ‬تمويل‭ ‬أي‭ ‬وكالة‭ ‬تابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬تمنح‭ ‬العضوية‭ ‬الكاملة‭ ‬لدولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬وتحديدا‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭. ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬أشارت‭ ‬شارب‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬النص‭ ‬النهائي‭ ‬للقرار‭ ‬استبعد‭ ‬الصياغة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬فلسطين‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬المساواة‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭.‬

من‭ ‬جانبها،‭ ‬حاولت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تقويض‭ ‬مظاهر‭ ‬التضامن‭ ‬الدولي‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توجيه‭ ‬اتهامات‭ ‬لا‭ ‬أساس‭ ‬لها‭ ‬ومحاولات‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬المنظمة‭ ‬الأممية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬انتهاكاتها‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭. ‬ولم‭ ‬يقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬قيام‭ ‬مندوبها‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬جلعاد‭ ‬إردان،‭ -‬خلال‭ ‬كلمته‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬جلسات‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭- ‬بتمزيق‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة؛‭ ‬احتجاجا‭ ‬على‭ ‬التصويت‭ ‬الذي‭ ‬يمنح‭ ‬حقوقا‭ ‬إضافية‭ ‬لفلسطين؛‭ ‬لكنه‭ ‬تعهد‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬التصويت‭ ‬لن‭ ‬يغير‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬استمرار‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬على‭ ‬رفح،‭ ‬يُظهر‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬معنية‭ ‬بالامتثال‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬قام‭ ‬أعضاء‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬دعمهم‭ ‬القوي‭ ‬لقوات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬بتهديد‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ووكالاتها‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬التمويلية؛‭ ‬بسبب‭ ‬اعترافها‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭. ‬وقبل‭ ‬التصويت،‭ ‬قدم‭ ‬25‭ ‬عضوًا‭ ‬جمهوريًا‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬مشروع‭ ‬قرار‭ ‬لتشديد‭ ‬القيود‭ ‬الحالية،‭ ‬وقطع‭ ‬التمويل‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬كيان‭ ‬يمنح‭ ‬حقوقًا‭ ‬وامتيازات‭ ‬للفلسطينيين‭. ‬وأوضح‭ ‬المرشح‭ ‬الرئاسي‭ ‬الأسبق‭ ‬ميت‭ ‬رومني،‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬لـ«واشنطن‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬تمنح‭ ‬المصداقية‭ ‬لمنظمة‭ ‬تشجع‭ ‬الأعمال‭ ‬الإرهابية‭ ‬وتمولها‭ ‬بشكل‭ ‬نشط،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬القوانين‭ ‬التشريعية،‭ ‬تفرض‭ ‬قطع‭ ‬التمويلات‭ ‬عن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬إذا‭ ‬منحت‭ ‬حقوقا‭ ‬وامتيازات‭ ‬إضافية‭ ‬للسلطة‭ ‬الفلسطينية‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬صحيفة‭ ‬ميدل‭ ‬إيست‭ ‬مونيتور،‭ ‬رأت‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تمرير‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التشريعات‭ ‬عبر‭ ‬الكونجرس؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬والتصريحات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬قد‭ ‬يذهب‭ ‬إليه‭ ‬المشرعون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬للتصدي‭ ‬للانتقادات‭ ‬الموجهة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬ومحاولات‭ ‬مساءلتها‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكار‭ ‬أن‭ ‬عرقلة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬واضحة؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬أعلنت‭ ‬رغبتها‭ ‬في‭ ‬الاعتراف‭ ‬رسميًا‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭. ‬وتحدث‭ ‬منسق‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬بالاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬جوزيب‭ ‬بوريل،‭ ‬عن‭ ‬نية‭ ‬الحكومتين‭ ‬الإسبانية،‭ ‬والإيرلندية،‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭ ‬قبل‭ ‬نهاية‭ ‬مايو‭ ‬2024‭. ‬ومن‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬تتبعهما‭ ‬سلوفينيا،‭ ‬ومالطا‭. ‬وفي‭ ‬أبريل‭ ‬الماضي،‭ ‬أعلن‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإسباني‭ ‬خوسيه‭ ‬ألباريس،‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحصلوا‭ ‬على‭ ‬العضوية‭ ‬والحق‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬دولتهم‭ ‬الخاصة‭. ‬ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬رأى‭ ‬مارك‭ ‬جونيينت،‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬ميدل‭ ‬إيست‭ ‬مونيتور،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدفعة‭ ‬القوية‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأربع‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬الى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬داخل‭ ‬أوروبا‭ ‬الغربية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تحولات‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬نفوذا،‭ ‬مثل‭ ‬فرنسا،‭ ‬وإيطاليا،‭ ‬بشأن‭ ‬علاقاتهما‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬رغم‭ ‬استمرار‭ ‬تعنت‭ ‬إسرائيل،‭ ‬تجاه‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وسعي‭ ‬المشرعين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬إلى‭ ‬قمع‭ ‬الأصوات‭ ‬المنتقدة‭ ‬لذلك،‭ ‬فقد‭ ‬فشلا‭ ‬في‭ ‬عرقلة‭ ‬التحقيقات‭ ‬التي‭ ‬تجريها‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬ومحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬كما‭ ‬أخفقا‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬تقويض‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بالأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬حذر‭ ‬بها‭ ‬يان‭ ‬إيجلاند،‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬النرويجي‭ ‬للاجئين،‭ ‬من‭ ‬تفاقم‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬جراء‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬رفح؛‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬هؤلاء‭ ‬المشرعين‭ -‬الذين‭ ‬يدّعون‭ ‬أنهم‭ ‬محكمون‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬العالمية‭- ‬أن‭ ‬يركزوا‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬منع‭ ‬فلسطين‭ ‬من‭ ‬أخذ‭ ‬مكانتها،‭ ‬ووضعها‭ ‬الملائم‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭. ‬

ومع‭ ‬رفضهم‭ ‬القيام‭ ‬بذلك،‭ ‬وسعيهم‭ ‬لمواجهة‭ ‬المواقف‭ ‬العالمية‭ ‬المتزايدة‭ ‬الداعمة‭ ‬لفلسطين،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬سيمثل‭ ‬نقطة‭ ‬سوداء،‭ ‬ستثقل‭ ‬كاهل‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لعقود‭ ‬عديدة‭ ‬قادمة،‭ ‬جراء‭ ‬معاييرها‭ ‬المزدوجة،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وحق‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬إنكاره‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا