كان من الواضح أن القمة العربية في دورتها الـ33 التي استضافتها مملكة البحرين قمة ناجحة بل كما قال الأمين العام للجامعة العربية السيد أحمد أبوالغيط هي من أنجح القمم على جميع المستويات ويرجع الفضل في ذلك إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها مملكة البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء وغير ذلك من الجهات ذات العلاقة والتي أبلت بلاء حسنا على المستوى التنظيمي والتواصلي والإعلامي وغير ذلك من الجوانب التي أبهرت المشاركين في هذه القمة.
إن نجاح هذه القمة على صعيد الاستضافة والتنظيم هي شهادة لمملكة البحرين والمعروفة بحسن تنظيمها وإدارتها لمثل هذه الفعاليات والمناسبات الإقليمية والعربية والدولية وهذا النجاح أشاد به المشاركون في هذه القمة من قيادات ووفود وإعلاميين فهنيئا للبحرين وهنيئا لجلالة الملك وسمو ولي العهد هذا النجاح المميز.
إن مجرد الوقوف على نتائج هذه القمة وبيانها الختامي وما تضمنه من مواقف عربية حظيت بالإجماع العربي بشكل واضح وجلي يكتشف إصرار القادة العرب على إصدار مواقف صارمة وجدية وخاصة بالنسبة إلى أهم قضية من القضايا العربية وهي القضية الفلسطينية التي تمر بمنعطف تاريخي صعب خاصة مع تواصل العدوان الصهيوني الغاشم على غزة والضفة الغربية وعمليات الإبادة الجماعية والتهجير الممنهج والتدمير للبنية التحية ويمكن أن نتوقف في هذا السياق عند نقطتين على الأقل تعتبران أهم نقطتين في بيان القمة:
أولا: تأكيد ضرورة إيقاف العدوان على غزة والتوقف عن ضرب المواطنين الفلسطينيين والتحول نحو مسار حل الدولتين كحل وحيد لإنهاء هذا الصراع الذي دام أكثر من 76 سنة في سبيل تحقيق هذا الحل دعت القمة في بيانها الختامي إلى عقد مؤتمر دولي لحل القضية الفلسطينية بحيث يكون هذا الحل برعاية وضمانة دولية مع وضع سقف زمني للعملية السياسية واتخاذ إجراءات واضحة قابلة للتنفيذ وفقا لقرارات الشرعية الدولية من أجل تحقيق الأمن والسلام للجميع وهذه الدعوة تشكل السبيل الأمثل لحل القضية الفلسطينية بشكل جوهري وجاد بعيدا عن الشعارات وبعيدا عن المواقف الاستعلائية للحكومة الإسرائيلية الحالية المتطرفة والتي ترفض حل الدولتين كما ترفض تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وترفض حق الشعب الفلسطيني في العيش في سلام وحرية وأن تكون له سيادته على أرضه كما تنص على ذلك قوانين الشرعية الدولية التي أصبحت بعيدا كل البعد عن الفكر الإسرائيلي عامة وعن فكر ومواقف القيادة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التي لم يشهد لها مثيل في التطرف والمواقف المتشددة تجاه السلام وتجاه المفاوضات السلمية وأي حل ينطلق من الشرعية المنصوص عليها في قرارات الأمم المتحدة.
ثانيا: تشمل عددا مهما من القضايا العربية الحيوية والتي منها ملف الأمن المائي العربي وخاصة المخاطر التي يتعرض لها شعب جمهورية مصر العربية والسودان بسبب التصرفات الإثيوبية المنافية للقانون الدولي والمنافي لحسن الجوار والتفاهمات المتعلقة بمياه النيل.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى ما يتعرض له القطران العربيان السوري والعراقي من ضغوط تركية خانقة بالنسبة إلى تدفق مياه نهري دجلة والفرات وهذا أمر حيوي واستراتيجي بالنسبة إلى سوريا والعراق على حد سواء اللذين يمران بأصعب فترة بسبب سياسة التعطيش إن صح التعبير التي تمارسها تركيا تماما مثل التي تمارسها الحكومة الإثيوبية.
ثالثا: الإصرار العربي على رفض دعم المليشيات الموجودة في عدد من البلدان العربية وخاصة اليمن والتي تثير الفوضى وتتسبب في ضعف سلطة الدولة وعدم تحقيق الاستقرار والأمن الاجتماعي والسياسي في هذه الدولة وهذا الموقف يؤكد أن الدول العربية ترفض تقسيم السلطة داخل البلدان العربية التي تشهد اليوم للأسف الشديد نموا مقلقا وخطيرا لهذه المليشيات.
إذن إن هذه القمة قد حققت على الأقل إجماعا عربيا حول القضايا الجوهرية والاستراتيجية التي تهم الأمة العربية وتواجه التحديات التي نمر بها في الوقت الحالي وذلك بفضل الجهود البحرينية التي قادها جلالة الملك وسمو ولي العهد بكل كفاءة واقتدار كما أسلفنا والتي أكدت المكانة المرموقة التي تتمتع بها البحرين بين أشقائها وأصدقائها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك