إنها مفردات قد تبدو للنظرة العجلى ليس لها رصيد يمكن الاتكاء عليه، أو الاعتماد عليه، فإن عطاءها غير مقطوع ولا ممنوع، بل وحتى غير مجذوذ.
مفردات نستطيع عند تدبر معانيها، وسبر أغوارها أن نصل إلى
مقاصدها وغاياتها، والسؤال الذي قد يتبادر إلى أذهاننا: هل تحمل هذه المفردات كل هذه المعاني أو الغايات؟
الإجابة عن هذا السؤال هو: نعم، تحمل هذه المفردات الكثير من الرموز التي من الممكن للمثقف أن يستشعرها، ويجدها في مظانه.
الشمس.. إلى ماذا ترمز، وإلى ماذا تشير من المعاني حين نقرأها كمفردة ليست متصلة بجملة معينة ولا بسياج معين لا أولًا، ولا أخيرًا.. الشمس ترمز إلى الحرية بمعناها الشامل، والتي يتعطش إليها الناس، ويرجون أن تظلهم بظلها، وأن تطلق ألسنتهم من عقالها بالقول الحق، والدفاع عنه.
أما القمر.. فهو حلم الشعراء، وهو يحمل الضياء من الشمس.. شمس الحرية إلى البسطاء، الذين لا يجدون شيئًا من ترف الأغنياء.
والأرض.. هي جذور وتواضع، والتواضع باب غير مطروق لقلة المتزاحمين عليه، وخاصة من يسعون إلى الاستعلاء.
والجبال.. هي الثبات على الحق، وتجشم الصعوبات لبلوغ الغايات، وتحقيق الأمنيات.
والنجوم.. هداية للتائهين في الصحراء.. الباحثين عن الحق الذي قد يظن كثير من الناس أن ليس له الغلبة، فإذا الباطل زاهق، والحق تعلو راياته، وتنتصر جيوشه.
والوديان.. يسر وسهولة. والسماء.. علو وسمو وارتقاء، وقد يظن كثير من الناس بأنها بغير عمد، قال تعالى: (خلق السموات بغير عمد ترونها …) (لقمان / 10).
والتراب.. منه جاء الإنسان، وإليه يعود، ومنه يبعث مرة أخرى، وأنت أيها الإنسان حين تضع وجهك على الأرض تواضعًا لله تعالى يرفعك الحق سبحانه إلى منازل لن تبلغها إلا به.
أما الهواء.. ففيه سر الحياة، وبه يعيش الإنسان، ومن دونه. يموت ويقبر.
والطعام.. بقاء للإنسان، وبناء لماديته التي تسعى إلى إشباعها بنهم.
والفجر.. أمل وارتقاب، وتطلع إلى الغد المأمول.
والليل.. راحة وسكن، يرتاح فيه البدن ليعيد دورة الحياة. أما النهار.. فنشاط وحركة وعمل لبلوغ الغايات، والمرجو من المقاصد المبتغاة.
والعمل الصالح.. هو العنصر المكمل لمعادلة «الإيمان والعمل الصالح» الذي بهما يسعى المؤمن إلى الخلود الذي وعدك الله تعالى به يوم تلقاه.
والإخلاص.. هو تجريد القول والفعل مما قد يشوبهما من شك وريبة، وبالإخلاص ترقى المراتب، وتعلو الدرجات.
والخشوع.. أقصى. درجات ومراتب الطاعة لله تعالى، فإذا بلغ العبد هذا المقام الكريم، وتحققت له هذه المنزلة صار من عباد الله الصالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
أما التوحيد.. فهو القول الثابت، والحجة البالغة التي ليس وراءها زيادة لمستزيد.. أما السجود.. فهو قرب واتصال، وبه تتحقق المقاصد والأمنيات.
والكلمة الطيبة.. في ميزان الإسلام هي شجرة مثمرة أصلها ثابت لا تحركه العواصف والأنواء، وفروعها في السماء عالية شامخة يتقرب العبد من عطائها إلى أصحاب الحاجات.
هذه بعض المفردات، وشيء يسير من عطائها يستشعرها المؤمن حين يبحث عن دلالاتها، ويغوص في أعماقها ليكشف عن مخبوئها.
هذه بعض قطوفها الدانية، وثمارها اليانعة، وفي الجعبة غيرها كثير يجده من يبحث عنه، ويقضي شطرًا من عمره في تتبعها، والوصول إليها.
تلكم هي العربية، وما تكتنزه من خير عميم، بين يدي المؤمن عند التأمل الذي يعقبه التدبر.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك