العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ذكرى النصر السوفيتي الكبير في الحرب العالمية الثانية

بقلم: د. نبيل العسومي

الجمعة ١٠ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬تاريخ‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب‭ ‬تسجل‭ ‬أحداث‭ ‬وتواريخ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬نسيانها‭ ‬أبدا‭ ‬فهي‭ ‬تظل‭ ‬محفورة‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطنين‭ ‬يتذكرها‭ ‬جيل‭ ‬بعد‭ ‬جيل‭ ‬وتبقى‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬البلاد‭ ‬تدرس‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬والمعاهد‭ ‬والجامعات‭ ‬ضمن‭ ‬المناهج‭ ‬الدراسية‭ ‬والمواد‭ ‬العلمية‭ ‬ليتعلمها‭ ‬الطلبة‭ ‬والدارسين‭.‬

ومن‭ ‬هذه‭ ‬التواريخ‭ ‬يبقى‭ ‬يوم‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬مايو‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1945‭ ‬وهو‭ ‬يوم‭ ‬النصر‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الوطنية‭ ‬العظمى‭ ‬أيام‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬محفورا‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الشعب‭ ‬الروسي‭ ‬وشعوب‭ ‬الجمهوريات‭ ‬السوفيتية‭ ‬السابقة‭ ‬ففي‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬رفع‭ ‬أحد‭ ‬أفراد‭ ‬الجيش‭ ‬الأحمر‭ ‬السوفيتي‭ ‬العلم‭ ‬السوفيتي‭ ‬الأحمر‭ ‬فوق‭ ‬‮«‬الرايخ‮»‬‭  ‬البرلمان‭ ‬الألماني‭ ‬في‭ ‬برلين‭ ‬معلنا‭ ‬انتصار‭ ‬اتحاد‭ ‬الجمهوريات‭ ‬الاشتراكية‭ ‬السوفيتية‭ ‬على‭ ‬ألمانيا‭ ‬الهتلرية‭ ‬وهزيمة‭ ‬الفاشية‭ ‬والنازية‭ ‬واستسلامها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قيد‭ ‬أو‭ ‬شرط‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬سحق‭ ‬الجيش‭ ‬الأحمر‭ ‬الجيش‭ ‬الألماني‭ ‬وانتحار‭ ‬زعيمه‭ ‬أودلف‭ ‬هتلر‭ ‬وتبخر‭ ‬حلمه‭ ‬في‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬أوروبا‭ ‬والعالم‭ ‬وإقامة‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬الألمانية‭ ‬بقيادته‭ ‬ليكون‭ ‬العالم‭ ‬تحت‭ ‬إمرته‭ ‬يتصرف‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الكون‭ ‬كيفما‭ ‬يشاء‭ ‬دون‭ ‬حسيب‭ ‬أو‭ ‬رقيب،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الأحمر‭ ‬السوفيتي‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬ند‭  ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬طرفا‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬أحداثها‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬عام‭ ‬1939‭ ‬لأن‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬كان‭ ‬مرتبطا‭ ‬باتفاقية‭ ‬عدم‭ ‬الاعتداء‭ ‬مع‭ ‬ألمانيا‭ ‬النازية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هتلر‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬اجتاح‭ ‬أوروبا‭ ‬بغربها‭ ‬وشرقها‭ ‬ووسطها‭ ‬دون‭ ‬مقاومة‭ ‬تذكر‭ ‬وكأن‭ ‬الطريق‭ ‬بدت‭ ‬له‭ ‬مفروشة‭ ‬بالورود‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬لذلك‭ ‬نكث‭ ‬هتلر‭ ‬بالاتفاق‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬سابق‭ ‬إنذار‭ ‬هجم‭ ‬على‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭  ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬22‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬1941‭ ‬واحتل‭ ‬أراضي‭ ‬شاسعة‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬ضواحي‭ ‬موسكو‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬قياسي‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬القيادة‭ ‬السوفيتية‭ ‬في‭ ‬الكرملين‭ ‬بقيادة‭ ‬جوزيف‭ ‬ستالين‭ ‬تسمع‭ ‬دوي‭ ‬الطائرات‭ ‬الألمانية‭ ‬وهي‭ ‬تحلق‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬موسكو‭ ‬وفوق‭ ‬الكرملين‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬القيادة‭ ‬السوفيتية‭ ‬كادت‭ ‬أن‭ ‬تنقل‭ ‬العاصمة‭ ‬السوفيتية‭ ‬من‭ ‬موسكو‭ ‬إلى‭ ‬باكو‭ ‬تجنبا‭ ‬لسقوط‭ ‬العاصمة‭ ‬وإعلان‭ ‬هزيمة‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭  ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬الهجوم‭ ‬الألماني‭ ‬بمثابة‭ ‬خرق‭ ‬واضح‭ ‬وصريح‭ ‬لتلك‭ ‬الاتفاقية‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬دخول‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬الحرب‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مستعدا‭ ‬لها‭ ‬أصلا‭.‬

وعلى‭ ‬مدار‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬المعارك‭ ‬والقتال‭ ‬تمكن‭ ‬الجيش‭ ‬الأحمر‭ ‬من‭ ‬إلحاق‭ ‬الهزيمة‭ ‬بألمانيا‭ ‬النازية‭ ‬والفاشية‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الانتصار‭ ‬الكبير‭ ‬كان‭ ‬ثمنه‭ ‬باهظا‭ ‬جدا‭ ‬دفعه‭ ‬الشعب‭ ‬السوفيتي‭ ‬والقيادة‭ ‬السوفيتية‭ ‬لتحرير‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الكابوس‭ ‬الذي‭ ‬جثم‭ ‬على‭ ‬صدور‭ ‬البشرية‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬حتى‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬مايو‭ ‬عام‭ ‬1945‭ ‬عندما‭ ‬تنفس‭ ‬العالم‭ ‬الصعداء‭ ‬بانتهاء‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬فكانت‭ ‬الخسائر‭ ‬جسيمة‭ ‬في‭ ‬الأرواح‭ ‬التي‭ ‬تجاوزت‭ ‬27‭ ‬مليون‭ ‬قتيل‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬السوفييت‭ ‬زكوا‭ ‬بدمائهم‭ ‬أرض‭ ‬المعارك‭ ‬ودفعوا‭ ‬بأرواحهم‭ ‬ثمنا‭ ‬لهذا‭ ‬النصر‭ ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أسرة‭ ‬سوفيتية‭ ‬يوجد‭ ‬شهيد‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬صورهم‭ ‬معلقة‭ ‬في‭ ‬غرف‭ ‬المنازل‭ ‬والشقق‭ ‬ليتذكرها‭ ‬الأبناء‭ ‬والأحفاد‭ ‬كرمز‭ ‬للتضحية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بلاد‭ ‬السوفييت‭  ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ملايين‭ ‬الجرحى‭ ‬والمعوقين‭ ‬والمدن‭ ‬والقرى‭ ‬التي‭ ‬دمرت‭ ‬بالكامل‭ ‬وسويت‭ ‬بالأرض‭ ‬حتى‭ ‬المدارس‭ ‬والمستشفيات‭ ‬لم‭ ‬تسلم‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬الهتلري‭.‬

ولم‭ ‬تكن‭ ‬سنوات‭ ‬الحرب‭ ‬سهلة‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬المدنيين‭ ‬الذين‭ ‬وقعوا‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬الألماني‭ ‬حيث‭ ‬مارس‭ ‬الجيش‭ ‬النازي‭ ‬مختلف‭ ‬أنواع‭ ‬وأشكال‭ ‬التعذيب‭ ‬والتنكيل‭ ‬بالمعتقلين‭ ‬والأسرى‭ ‬والمواطنين‭ ‬الذين‭ ‬رفضوا‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬العدو‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬دفعت‭ ‬مدينة‭ ‬لينينغراد‭ ‬التي‭ ‬حاصرتها‭ ‬القوات‭ ‬الألمانية‭ ‬مدة‭ ‬900‭ ‬يوم‭ ‬3‭ ‬ملايين‭ ‬قتيل‭ ‬ثمنا‭ ‬لهذا‭ ‬الحصار‭ ‬لكنها‭ ‬صمدت‭ ‬ولم‭ ‬تستطع‭ ‬القوات‭ ‬الألمانية‭ ‬دخول‭ ‬المدينة‭ ‬البطلة‭ ‬ولذلك‭ ‬سيظل‭ ‬يوم‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬مايو‭ ‬خالدا‭ ‬مخلدا‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬وتاريخ‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬والجمهوريات‭ ‬السوفيتية‭ ‬السابقة‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬المحارب‭ ‬الروسي‭ ‬قد‭ ‬تحمل‭ ‬العبء‭ ‬الأكبر‭ ‬للتصدي‭ ‬للقوات‭ ‬النازية‭ ‬والتي‭ ‬جزء‭ ‬منها‭ ‬يعيث‭ ‬اليوم‭ ‬عنفا‭ ‬وإرهابا‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬يائسة‭ ‬لإلحاق‭ ‬الضرر‭ ‬بروسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬الخراب‭ ‬الأكثر‭ ‬والدمار‭ ‬الأكبر‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬ارتبط‭ ‬الاحتفال‭ ‬بهذا‭ ‬اليوم‭ ‬وبعد‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬بالحقبة‭ ‬السوفيتية‭ ‬والأعلام‭ ‬الحمراء‭ ‬وبالمطرقة‭ ‬والمنجل‭ ‬والنجمة‭ ‬الحمراء‭ ‬هذا‭ ‬العيد‭ ‬الذي‭ ‬كلما‭ ‬يأتي‭ ‬يتذكر‭ ‬مواطنو‭ ‬هذه‭ ‬الجمهوريات‭ ‬أيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬ففي‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬تصطف‭ ‬القيادة‭ ‬الروسية‭ ‬برئاسة‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬وأحيانا‭ ‬بحضور‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬الجمهوريات‭ ‬السوفيتية‭ ‬السابقة‭  ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬أيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬على‭ ‬المنصة‭ ‬فوق‭ ‬ضريح‭ ‬لينين‭ ‬بالساحة‭ ‬الحمراء‭ ‬لمشاهدة‭ ‬الاستعراض‭ ‬العسكري‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬يقام‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬والاطلاع‭ ‬على‭ ‬آخر‭ ‬ما‭ ‬أنتجته‭ ‬الصناعة‭ ‬العسكرية‭ ‬والحربية‭ ‬الروسية‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا