الكواليس
وفاء جناحي
waffajanahi@gmail.com
كبار السن والرعاية الخاصة
رب ارحم واحفظ لي والديّ ووالدي كل الناس.. يا رب.
تقول صاحبة القصة: تعاني والدتي من الزهايمر، وأصبحت تلك المرأة القوية الرائعة الحكيمة تحتاج إلى معاملة خاصة جدا، تنسى كثيرا فتخاف كل شيء وخصوصا الوحدة، لا أستطيع أن أتركها ولو دقيقة، لدرجة أنها تحتاج إلى حبوب مهدئة بالليل لتنام، حيث إنها إذا استيقظت ولم تجد أحدا إلى جانبها تشعر بالذعر وتصرخ وتنزل من سريرها بطريقة سريعة وعشوائية مما يعرضها لحوادث أحيانا بسيطة وأحيانا خطرة في الجسم، لذلك تحتاج إلى مرافق ليل نهار وخصوصا بالليل.
قررت من بداية حياتي أن أعيش مع أمي وأبي وأشكر ربي أن أنعم عليّ بزوج طيب بارّ بأمي وأبي، وافق ألا نتركهما وحيدين وخصوصا بعد أن تزوج كل إخوتي وأخواتي وأصبحت لديهم عائلاتهم الصغيرة.. أصبحت ووالدتي مرتبطتين ببعضنا البعض بشكل كبير جدا لدرجة أنني أشعر بأنها أصبحت ابنتي وأنا والدتها وليس العكس.
إخوتي وأخواتي لم يقصروا معهما يزورونهما، بعضهم كل يوم وبعضهم أياما في الأسبوع، ولكن والدتي بالذات أصبحت تخشى وحدة الليل لأن والدي عندما ينام، نومه الثقيل ولا يصحو بسهولة، فقررت وإخوتي وأخواتي أن والدتي تحتاج إلى رعاية كاملة ويجب أن نبحث لها عمن يجلس معها طوال الليل والنهار، وبعد أن دفعنا مبلغا وقدره لمكاتب الخدم ووفرنا لها شغالة خاصة لها هربت (المزيونة) قبل حتى أن تكمل أربعة أشهر، وفي وسط دوامة الهرب أشار علينا الأصدقاء بالأرقام المتوافرة للجميع لتوفير الخدم الهاربين أو تاركي العمل (عشان لا يزعل رئيس مجلس الشورى) إذ إنه لا يعتبرهم هاربين بل تاركين للعمل!! وبما أننا دفعنا كثيرا وافقنا وحصلنا على (تاركة عمل) ممتازة لترعى أمي ولكن براتب شهري محترم.
وبعد أن حللنا مشكلة غاليتنا وتاج رأسنا والدتنا وارتحنا عدة أشهر، تعرض والدي لكسر في الرجل مما استدعى أيضا احتياجه إلى رعاية خاصة ودائمة ليل نهار، وبما أننا جميعا تعدينا الأربعين فنحن نعاني من آلام الظهر والديسك و.. و، ولا يستطيع أحدنا أن يحمل والدي لوحده، دخلنا ثانية في متاهة البحث عن ممرض لمساعدته على القيام بأموره اليومية الحياتية حتى يشفى، فانصعقنا من الأرقام التي سمعناها إن وفرنا له ممرضا خاصا بالطرق القانونية أو المكاتب، فأقل راتب كان 800 دينار لمدة 8 ساعات فقط، أما لمن سيرعاه طوال الليل فعلينا أن ندفع تقريبا 1500 دينار، فلم يكن لدينا غير الخيار الثاني المتوافر وهو عصابات الخدم الهاربات، وفعلا حصلنا على من ترعى والدي بمبلغ 250 دينارا شهريا وطوال الليل والنهار (شفتو فرق السعر؟)...؟ تقول صاحبة القصة: أشكر الله أننا كعائلة تعاونا لدفع كل هذه التكاليف، ولكن ماذا عمّن لا يستطيع أن يدفع؟
هذه معاناة أسرة بحرينية واحدة من بين آلاف الأسر، تجعلنا نطرح العديد من الأسئلة: ماذا لو كانت أسرة صغيرة وفقيرة لا تستطيع أن تدفع في الشهر أكثر من ألف دينار أجرة من يعمل في البيت ومن يرعى والديه كبيري السن؟ هذه الأسرة تعاون فيها الإخوان وأصبحوا يدفعون تكاليف رعاية والديهم كبار السن؟ ماذا تفعل أسرة بسيطة إن تعرض أبوهم أو أمهم لكسر في الرجل؟ فالمستشفى لا يتحمل رعايتهم بعد العملية بيوم واحد.. فقط يتم ترخيصهم؟ فكيف؟ وماذا يفعل من ليس لديه إلا ابنة واحدة كبيرة أيضا في العمر ولا تستطيع أن تحملهم على ظهرها وليس لديها إلا راتب تقاعدي بسيط تدفع به مصاريف الشهر؟ 800 دينار أول سعر لممرض خاص! من يستطيع أن يتحمل؟ الأسعار القانونية نار وشرار والأسعار الأخرى أيضا غالية، فماذا تفعل الأسر الفقيرة إذا تعرضوا لنفس الموقف؟
اللهم ارحمنا في كبرنا ولا تجعلنا حملا ثقيلا على أولادنا.. ولكن هل هناك حلّ؟ أفيدونا أفادكم الله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك