اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
المنظور النسوي للصحة النفسية
في رسالة مؤثرة للغاية تنم عن واقع مؤلم قد يكون غائبا عن المعنيين ناشدتني إحدى السيدات النشيطات على وسائل التواصل الاجتماعي كي أكتب عن الصحة النفسية للمرأة بشكل خاص، حيث تراها قد حصلت على كثير من الدعم في كل الجوانب إلا هذا الجانب المهم، الأمر الذي أوقع الكثير من النساء تحت طائلة مرض الاكتئاب بغض النظر عن العمر أو المستوى التعليمي أو المكانة الاجتماعية، وجعلهن يعشن حالة من التخبط والصراع الداخلي الصامت.
مؤخرا تطرقت صحيفة الاندبندنت إلى نفس القضية ولكن بشكل عام حيث أفادت بأن تسريبا حصريا لأرقام هيئة الخدمات الصحية الوطنية كشفت عن أن أكثر من 15000 مريض ماتوا أثناء وجودهم تحت رعاية خدمات الصحة النفسية المجتمعية خلال عام واحد فقط، مشيرة إلى وجود ضغوط شديدة تواجه هذه الخدمات حيث تكافح الصناديق الائتمانية لتلبية الطلب المتزايد وسط نقص الموظفين ومحدودية التمويل، وهو ما أكده مصدر رفيع المستوى في الهيئة المذكورة معربا عن أسفه تجاه إهمال الرعاية النفسية المجتمعية على مدى عقود وذلك في مقابل التركيز غير المتناسب على الخدمات الصحية الأخرى.
ليبقى السؤال هو: إذا كان هذا هو حال الصحة النفسية في العالم المتقدم.. فما بالنا في دولنا النامية التي تعاني نقصا شديدا في الوعي بها وبأهميتها؟
الصحة النفسية هي جزء لا يتجزأ من الصحة العامة والتي تدعم قدرات الفرد على تشكيل العالم من حوله، فمن خلالها يمكن لأي شخص اتخاذ القرارات وإقامة العلاقات والتواصل مع الآخرين وفهم العقل البشري وامتلاك القدرة على التعامل مع التحديات، كما أنها أحد الجوانب الأساسية للرفاهية الشاملة ولتعزيز السعادة والتوازن العاطفي والعقلي، ومن ثم بناء مجتمع أكثر تفاعلية وقوة واستقرار.
اليوم تحتل قضية تراجع الصحة النفسية للنساء أهمية بالغة من قبل المختصين وذلك لكونها تمثل نصف المجتمع، حيث تم إرجاع سبب ذلك إلى التحديات المتعددة والمختلفة التي تواجهها وأهمها التمييز والتحيز الجنسي والعنف الأسري والتوترات المرتبطة بتشعب المسؤوليات العائلية والاجتماعية، إضافة إلى الضغوط النفسية المتعلقة بتحقيق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية في حال العمل.
من هنا تبرز أهمية تبني منظورا نسويا عند التعامل مع الصحة النفسية، مع ضرورة تقديم العناية اللازمة للنساء في هذا الصدد، انطلاقا من كم التحديات الضخم والصعب الذي يواجه الجنس الناعم خاصة في عصرنا الحالي، والسعي نحو منح هذا الجانب الأولوية المستدامة، حيث إن خطورة الاعتلال النفسي تفوق الجسدي بمراحل، لأنه لا يمكن رؤيته، والمرأة وحدها هي من تشعر به وتعاني منه في ألم وصمت.
يقول الطبيب النفسي الأمريكي كارل مينينجر: «لا تصيب مشاكل الصحة النفسية إثنين أو ثلاثة من كل خمسة أشخاص.. بل تصيب الجميع.. لذا فإن سلامتها يجب أن تكون أولوية في كل المجتمعات»!!
وهذا بالفعل ما يجب العمل به وخاصة حين يتعلق الأمر بنصف المجتمع!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك