العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

قلق أمريكي.. يُضرب بعرض الحائط

بلد‭ ‬عربي‭ ‬وافق‭ ‬على‭ ‬إقرار‭ ‬قانون‭ ‬لمكافحة‭ ‬البغاء‭ ‬والشذوذ‭ ‬الجنسي،‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬الثوابت‭ ‬الدينية‭ ‬والمبادئ‭ ‬العربية‭ ‬والقيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬السليمة،‭ ‬والتزاما‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬هويته‭ ‬وخصوصيته،‭ ‬ورؤيته‭ ‬للعلاقات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الطبيعية‭.. ‬هذا‭ ‬خبر‭ ‬عام‭ ‬مقبول‭ ‬ومحمود‭.‬

ولكن‭ ‬الخبر‭ ‬الضار،‭ ‬غير‭ ‬المقبول‭ ‬وغير‭ ‬المحمود،‭ ‬هو‭ ‬رفض‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬ما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬الدولة‭ ‬العربية،‭ ‬والتدخل‭ ‬السافر‭ ‬في‭ ‬شؤونها،‭ ‬بل‭ ‬التعليق‭ ‬‮«‬السخيف‮»‬‭ ‬على‭ ‬التشريع‭ ‬والقانون‭ ‬الأخلاقي،‭ ‬الذي‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬الفطرة‭ ‬السليمة‭ ‬والإنسانية‭ ‬الحقة‭.‬

أسوأ‭ ‬من‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬هو‭ ‬التعليق‭ ‬السافر‭ ‬والغريب،‭ ‬والتهديد‭ ‬المبطن‭ ‬والأرعن،‭ ‬بأن‭ ‬ذلك‭ ‬القانون‭ ‬يضعف‭ ‬قدرة‭ ‬تلك‭ ‬الدولة‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬تنويع‭ ‬اقتصادها‭ ‬وجذب‭ ‬استثمارات‭ ‬أجنبية‭ ‬إليها،‭ ‬بل‭ ‬يهدد‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والحريات‭ ‬الأساسية‭ ‬فيها،‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬فيها‭ ‬وصدر‭ ‬عنها‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬القلق‭ ‬العميق‭ ‬والأسف‭ ‬الشديد‭. ‬

هل‭ ‬لاحظتم‭ ‬كيف‭ ‬أصبحت‭ ‬الآية‭ ‬مقلوبة،‭ ‬والمفاهيم‭ ‬مغلوطة،‭ ‬والنور‭ ‬ظلاما،‭ ‬والظلام‭ ‬نورا؟‭ ‬والادعاء‭ ‬أن‭ ‬التمسك‭ ‬بالأخلاقيات‭ ‬ورفض‭ ‬الشذوذ‭ ‬والبغاء‭ ‬يهدد‭ ‬الحريات‭ ‬والحقوق،‭ ‬ويناهض‭ ‬التوجه‭ ‬الحضاري‭ ‬والانفتاح،‭ ‬والتنوع‭ ‬والتعددية‭ ‬وفقا‭ ‬لمعنى‭ ‬ومغزى‭ ‬تلك‭ ‬المبادئ‭ ‬في‭ ‬ثقافة‭ ‬من‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يدير‭ ‬العالم،‭ ‬ويسيطر‭ ‬على‭ ‬مقدراته،‭ ‬وتغريب‭ ‬أجياله،‭ ‬وتغيير‭ ‬أفكاره،‭ ‬وطمس‭ ‬هويته،‭ ‬والانسلاخ‭ ‬من‭ ‬قيمه‭ ‬ومبادئه،‭ ‬وخلق‭ ‬جيل‭ ‬جديد‭ ‬مشوه‭ ‬فكريا‭ ‬وعقائديا‭ ‬وإنسانيا‭.‬

هل‭ ‬لاحظتم‭ ‬التهديد‭ ‬المبطن‭ ‬بتأثير‭ ‬ذلك‭ ‬القانون‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬اقتصادها‭ ‬والعملية‭ ‬الاستثمارية‭ ‬فيها؟‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬تعطيل‭ ‬المشاريع‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وقد‭ ‬يشمل‭ ‬هذا‭ ‬التعطيل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬أشكالا‭ ‬عديدة‭ ‬وكثيرة‭.. ‬منها‭ ‬عقوبات‭ ‬اقتصادية،‭ ‬وضرب‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬والإساءة‭ ‬لسمعة‭ ‬الدولة،‭ ‬وزيادة‭ ‬الأعمال‭ ‬الإرهابية‭ ‬المفتعلة‭ ‬لطرد‭ ‬الاستثمار‭ ‬والمستثمرين‭.‬

وقد‭ ‬يتم‭ ‬تطبيق‭ ‬وتنفيذ‭ ‬التهديد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬عبر‭ ‬إغراق‭ ‬تلك‭ ‬الدولة‭ ‬بعملات‭ ‬مزيفة‭ ‬ومخدرات‭ ‬وممنوعات،‭ ‬أو‭ ‬خفض‭ ‬العملة‭ ‬والائتمان،‭ ‬والحرب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬على‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الدولة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أساليب‭ ‬وممارسات‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬أمريكا‭ ‬ومن‭ ‬يساندها‭ ‬ويعينها‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬أجندتها،‭ ‬وأجندة‭ ‬‮«‬العصابة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬لكي‭ ‬تحكم‭ ‬العالم‭.‬

ما‭ ‬لوحت‭ ‬به‭ ‬أمريكا،‭ ‬تصريحا‭ ‬وتمليحا،‭ ‬ضد‭ ‬تلك‭ ‬الدولة‭ ‬العربية‭ ‬إشارة‭ ‬واضحة‭ ‬ومباشرة‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬الأخرى،‭ ‬وأي‭ ‬دولة‭ ‬تتعارض‭ ‬مبادئها‭ ‬وقيمها‭ ‬وثوابتها‭ ‬مع‭ ‬الفكر‭ ‬والنهج‭ ‬الذي‭ ‬يراد‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يتحكم‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬البشرية،‭ ‬وأن‭ ‬يغمس‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬يخالف‭ ‬الفطرة‭ ‬السليمة،‭ ‬وأن‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬الثوابت‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬بالغزو‭ ‬الإعلامي‭ ‬والتكنولوجي،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬ينجح‭ ‬بالغزو‭ ‬الفكري‭ ‬أو‭ ‬العسكري،‭ ‬فإن‭ ‬الغزو‭ ‬والحرب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والبيانات‭ ‬الحقوقية‭ ‬هي‭ ‬العصا‭ ‬القادمة‭ ‬والتهديد‭ ‬المباشر‭...!!‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬سبب‭ ‬القلق‭ ‬الأمريكي‭.. ‬وهذا‭ ‬أساس‭ ‬مغالطات‭ ‬التقارير‭ ‬الحقوقية‭ ‬ضد‭ ‬دولنا‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭.. ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬التهديد‭ ‬الذي‭ ‬تلوح‭ ‬به‭ ‬أمريكا‭ ‬ضد‭ ‬من‭ ‬يخالف‭ ‬توجهاتها،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬الفطرة‭ ‬السليمة‭.. ‬ومثل‭ ‬هذا‭ ‬القلق‭ ‬‮«‬السياسي‭ ‬الشاذ‮»‬‭ ‬يضرب‭ ‬بعرض‭ ‬الحائط‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬هوادة‭.. ‬ويرمى‭ ‬في‭ ‬‮«‬القمامة‮»‬‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تفكير‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا