العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

لا للخنزرة

تم‭ ‬زرع‭ ‬قلوب‭ ‬خنازير‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشخاص‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬خلال‭ ‬الشهور‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬وقوبل‭ ‬الأمر‭ ‬بالتهليل،‭ ‬بينما‭ ‬يعتبر‭ ‬الأمريكان‭ ‬الخنزير‭ ‬رمزا‭ ‬للوساخة،‭ ‬ورافق‭ ‬نبأ‭ ‬تلك‭ ‬‮«‬الزراعة‮»‬،‭ ‬العودة‭ ‬الى‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬أصل‭ ‬الانسان،‭ ‬والشائع‭ ‬في‭ ‬الدوائر‭ ‬العلمية‭ ‬هو‭ ‬الأفارقة‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬الكبرى‭ ‬هم‭ ‬نسل‭ ‬آدم‭ ‬وحواء‭ ‬الأصليون،‭ ‬ولهذا‭ ‬الأمر‭ ‬وقع‭ ‬خاص‭ ‬لدي‭ ‬بوصفي‭ ‬ناطقا‭ ‬باسم‭ ‬النوبيين‭ ‬والأثيوبيين‭ ‬والطوارق‭ ‬والهوتو‭ ‬والزولو‭ ‬والتوتسي‭ ‬والبيبسي‭ (‬اكيد‭ ‬هناك‭ ‬قبيلة‭ ‬إفريقية‭ ‬تحمل‭ ‬هذا‭ ‬الاسم‭)‬،‭ ‬ولكن‭ ‬ماذا‭ ‬أفعل‭ ‬في‭ ‬الإمبريالية‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬تستهدفني‭ ‬وتجهض‭ ‬تطلعاتي‭.‬

طلعت‭ ‬علينا‭ ‬جريدة‭ ‬صنداي‭ ‬تايمز‭ ‬اللندنية‭ (‬لعن‭ ‬الله‭ ‬حاملها‭ ‬وشاريها‭)‬،‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬بتقرير‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬الكائن‭ ‬الذي‭ ‬انحدر‭ ‬منه‭ ‬الإنسان‭ ‬‮«‬خنزير‮»‬‭ ‬كان‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬صحراء‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الجيوراسي‭. ‬يعني‭ ‬قالوا‭: ‬جدكم‭ ‬كان‭ ‬قردا‭ ‬فسكتنا‭ ‬على‭ ‬مضض،‭ ‬ولكن‭ ‬‮«‬خنزير‮»‬‭. ‬لا،‭ ‬هذه‭ ‬كثيرة‭ ‬وكبيرة‭ ‬TOO MUCH..‭ ‬هل‭ ‬يستطيع‭ ‬أحدكم‭ ‬أن‭ ‬يقنعني‭ ‬أن‭ ‬جد‭ ‬ليلي‭ ‬علوي‭ ‬وبنات‭ ‬كاردشيان‭ ‬‮«‬خنزير»؟‭ ‬مستحيل‭. ‬بالطبع‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬ينفي‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬‮«‬خنازير‮»‬‭ ‬أو‭ ‬حلاليف‭ ‬ومفردها‭ ‬حلوف،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬أسلافهم‭ ‬‮«‬أولاد‭ ‬ناس‮»‬‭.‬

يعني‭ ‬لو‭ ‬ترددت‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المزاعم‭ ‬بعد‭ ‬ألف‭ ‬سنة،‭ ‬وذكر‭ ‬العلماء‭ ‬وقتها‭ ‬أنهم‭ ‬عثروا‭ ‬على‭ ‬أحفوريات‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أصل‭ ‬الإنسان‭ ‬‮«‬خروف‮»‬‭ ‬لكان‭ ‬ذلك‭ ‬معقولا،‭ ‬لأن‭ ‬الجماعة‭ ‬الذين‭ ‬عملوا‭ ‬على‭ ‬استنساخ‭ ‬النعجة‭ ‬دوللي،‭ ‬والجماعة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬زرع‭ ‬جينات‭ ‬بشرية‭ ‬في‭ ‬النعاج‭ ‬والخنازير،‭ ‬لن‭ ‬يتوقفوا‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ينتجوا‭ ‬كائنا‭ ‬هجينا‭ ‬تغلب‭ ‬عليه‭ ‬صفات‭ ‬وخصائص‭ ‬النعاج،‭ ‬وقد‭ ‬حكيت‭ ‬وكتبت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عن‭ ‬الجهود‭ ‬الخيرة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬مواطن‭ ‬يمني‭ ‬لتزويج‭ ‬خروفه‭ ‬بالآنسة‭ ‬دوللي‭ ‬واتصالاته‭ ‬بالمسؤولين‭ ‬الدوليين‭ ‬والسفراء‭ ‬الأجانب‭ ‬في‭ ‬صنعاء‭ ‬لإتمام‭ ‬تلك‭ ‬الزيجة‭. ‬ولكن‭ ‬ماذا‭ ‬نفعل‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭ ‬المتغطرس؟‭ ‬لقد‭ ‬رفضت‭ ‬دوللي‭ ‬الكبش‭ ‬اليمني‭ ‬بحجة‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يجيد‭ ‬الانكليزية‭ ‬وأنه‭ ‬غير‭ ‬كفء‭! ‬وواقع‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬دوللي‭ ‬عنصرية‭ ‬مثل‭ ‬أسيادها،‭ ‬ورفضت‭ ‬الخروف‭ ‬الصنعاني‭ ‬لأنه‭ ‬أسمر‭ ‬البشرة‭.‬

على‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬دوللي‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬الخاسرة،‭ ‬فلو‭ ‬أتت‭ ‬لتعيش‭ ‬بين‭ ‬ظهرانينا‭ ‬لما‭ ‬أحست‭ ‬بالغربة‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التمييز،‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬ستجد‭ ‬نفسها‭ ‬محاطة‭ ‬بملايين‭ ‬‮«‬النعاج‮»‬‭ ‬الوديعة‭ ‬التي‭ ‬تأكل‭ ‬التبن‭ ‬وتساق‭ ‬إلى‭ ‬حتوفها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬‮«‬بِغِم‭ ‬أو‭ ‬بااااع‮»‬‭. ‬نعاج‭ ‬مبرمجة‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬زرائبها‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تركوا‭ ‬لها‭ ‬الأبواب‭ ‬مفتوحة‭.. ‬بل‭ ‬وأن‭ ‬دوللي‭ ‬كانت‭ ‬ستحظى‭ ‬بمعاملة‭ ‬خاصة‭ ‬لأن‭ ‬النعاج‭ ‬عندنا‭ ‬وأسيادها‭ ‬ضعيفون‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أوروبي‭. ‬وعندنا‭ ‬يتبجح‭ ‬زيد‭ ‬أو‭ ‬عبيد‭ ‬بأن‭ ‬كلبه‭ ‬من‭ ‬هولندا‭.. ‬طيب‭ ‬وأنا‭ ‬كلبي‭ ‬من‭ ‬أم‭ ‬درمان‭ ‬وينبح‭.. ‬ويتبول‭ ‬على‭ ‬عمود‭ ‬الكهرباء‭ ‬كما‭ ‬الهولندي‭.. ‬على‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬سأصطحب‭ ‬كلبي‭ ‬معي‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬بعدما‭ ‬تعطيني‭ ‬‮«‬القرعة‮»‬‭ ‬البطاقة‭ ‬الخضراء‭.. ‬وهناك‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬سأقوم‭ ‬باستنساخ‭ ‬كلاب‭ ‬كثيرة‭ ‬منه‭ ‬وإعادتها‭ ‬إلى‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬لتنهش‭ ‬لحوم‭ ‬النعاج‭ ‬الوديعة‭.‬

وإذا‭ ‬لم‭ ‬تأخذني‭ ‬القرعة‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬فلربما‭ ‬أذهب‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ (‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬سابقًا‭) ‬لأعيش‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬وسلام‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الجليل‭ ‬بالتحديد،‭ ‬حيث‭ ‬أقام‭ ‬المهاريشي‭ ‬يوغي‭ ‬قرية‭ ‬ضخمة‭ ‬‮«‬للتأمل‮»‬‭ ‬تتسع‭ ‬لسبعة‭ ‬آلاف‭ ‬شخص‭ ‬سيتعلمون‭ ‬‮«‬قتل‭ ‬العداوة‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬العدو‮»‬،‭ ‬وتقول‭ ‬وكالات‭ ‬الأنباء‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القرية‭ ‬‮«‬ستكون‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬أوسلو‭!!‬‮»‬،‭ ‬ولماذا‭ ‬أوسلو‭ ‬بالتحديد؟‭ ‬لأنها‭ ‬مسقط‭ ‬رأس‭ ‬الاتفاق‭ ‬التعيس‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬سلطة‭ ‬فلسطينية‭ ‬بلا‭ ‬سلطة‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬بل‭ ‬هأنذا‭ ‬أنذر‭ ‬بأن‭ ‬أي‭ ‬عدوان‭ ‬على‭ ‬قرية‭ ‬المهاريشي‭ ‬سيعتبر‭ ‬عدوانا‭ ‬على‭ ‬لاس‭ ‬فيغاس،‭ ‬ولاشك‭ ‬أنكم‭ ‬تدركون‭ ‬عاقبة‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬لاس‭ ‬فيغاس‭. ‬

وأود‭ ‬أن‭ ‬أبشر‭ ‬الإخوة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بأن‭ ‬جميع‭ ‬مشاكلهم‭ ‬ستحل‭ ‬بقيام‭ ‬هذه‭ ‬القرية‭ ‬التي‭ ‬اسمها‭ ‬الرسمي‭ ‬‮«‬حكومة‭ ‬واحدة‭ ‬لعالم‭ ‬واحد‮»‬‭.. ‬يعني‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬للاستمرار‭ ‬في‭ ‬المطالبة‭ ‬بجلاء‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬عن‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬لأن‭ ‬الحالة‭ ‬ستصبح‭ ‬‮«‬واحدة‮»‬‭.. ‬ثم‭ ‬أن‭ ‬فلسطينيي‭ ‬الشتات‭ ‬الداخلي‭ ‬والخارجي‭ ‬يخضعون‭ ‬الآن‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ستين‭ ‬حكومة‭ ‬وسلطة‭.. ‬ولكنهم‭ ‬وفي‭ ‬تلك‭ ‬القرية‭ ‬سيخضعون‭ ‬لحجة‭ ‬السلام‭ ‬مهاريشي‭ ‬يوغي‭ ‬وحده،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬وإلى‭ ‬عهد‭ ‬قريب‭ ‬يوحي‭ ‬اسمه‭ ‬بأنه‭ ‬شخصية‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬الرسوم‭ ‬المتحركة،‭ ‬تماما‭ ‬كما‭ ‬كنت‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الأوزون‮»‬‭ ‬أكلة‭ ‬إيطالية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬ابنتي‭ ‬تقول‭ ‬أنه‭ ‬اسم‭ ‬فرقة‭ ‬موسيقية‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا