يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
كي لا ينسى العالم إبادة غزة
اليوم هناك مسعى من الكيان الصهيوني وأمريكا والدول الأوروبية لتهميش حرب الإبادة في غزة والمأساة المروعة للشعب الفلسطيني ودفعها إلى خلفية الاهتمامات العالمية.
بالطبع يفعلون هذا استغلالا للهجوم الأخير الذي شنته إيران.
من يتابع التحركات السياسية في الفترة الماضية، والتصريحات والبيانات التي تصدر، والموقف في الغرب بشكل عام يدرك هذا التهميش المتعمد من زوايا عدة:
1 – هناك محاولة للتهويل مما يعتبرونه خطرا إيرانيا على الكيان الصهيوني، ومن احتمالات تصاعد الصراع واتساع نطاقه في المنطقة.
هم يحاولون تصوير القضية على اعتبار أنها أصبحت القضية الكبرى التي يجب أن ينشغل بها العالم.
وهذا ليس صحيحا فقد اكتشف العالم أن المسألة برمتها مسألة لعبة كبرى اتضحت من طبيعة الهجوم الإيراني وأيضا من طبيعة الرد الإسرائيلي.
2 – من الملاحظ أن كل الاجتماعات التي تعقد في الغرب في الوقت الحالي سواء على المستويات الثنائية أو الجماعية لم تعد تناقش حرب الإبادة في غزة، وإنما تناقش موضوع إيران والكيان الصهيوني والموقف من إيران وما يجب أن يفعله الغرب.. وهكذا.
أي أن هناك تجاهلا متعمدا وتهميشا رسميا مقصودا لحرب إبادة غزة.
3 – وعلى الصعيد الإعلامي تراجع الاهتمام كثيرا جدا بحرب الإبادة.
كما نعلم على امتداد الأشهر الماضية كانت الجرائم الصهيونية والمحنة الإنسانية القاسية لأهل غزة تتصدر اهتمامات الصحف والمواقع الإعلامية، سواء على مستوى التغطيات الإخبارية أو على مستوى التقارير والتحليلات السياسية.
هذا الاهتمام لم يعد موجودا. أصبحت قضية إيران والكيان الصهيوني تتصدر الاهتمامات الإعلامية وتراجعت تطورات حرب إبادة غزة إلى موقع ثانوي.
صحيفة «الجارديان» البريطانية نبهت إلى التبعات الخطيرة لهذا التهميش ونشرت مؤخرا افتتاحية تحت عنوان «الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة».
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها، إنه «في وقت يتزايد فيه الاهتمام بالأزمة مع إيران، لا تزال غزة تعاني، وانحسرت الآمال في وقف إطلاق النار، واستمرت المخاوف بشأن الهجوم على رفح، وظلت المساعدات الإنسانية غير كافية على الإطلاق».
وقالت الجارديان «إن شبح اتساع الصراع الإقليمي وما قد ينتج عنه من ضحايا، لا يجب أن يصرف الانتباه عما يقرب من 34 ألف فلسطيني قتلوا بالفعل في غزة، وفقا للسلطات الصحية في غزة، وغيرهم الكثير الذين سيموتون قريبا بدون الحصول على مساعدة فورية، وهو ما وصفه غوتيريش بـ«مشهد الجحيم الإنساني».
وأشارت الصحيفة إلى استمرار الأزمة الإنسانية القاسية في غزة، وقالت إنه «لا تزال هناك قيود على شحنات المساعدات وانهيار الأمن، والمجاعة لا تزال تسيطر على السكان، وخاصة في الشمال. وحتى لو حدثت نهاية غير متوقعة للحرب غدا وتم توزيع كميات هائلة من المساعدات في جميع أنحاء غزة، فإن المجاعة التي بدأت بالفعل ستستمر في حصد الأرواح».
واعتبرت الجارديان في النهاية «أن المساعي الملحة لمنع اندلاع حريق إقليمي لا تعني بالضرورة تأجيل غزة إلى مرحلة لاحقة، وبعيدا عن ذلك فالقضيتان مرتبطتان ارتباطا وثيقا. إذ إنه من الممكن أن يساعد وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، إلى جانب الزيادة الموعودة في المساعدات، في نزع فتيل التوترات الإقليمية وإيجاد طريق للخروج من المخاطر».
إذن، هذا التهميش لحرب إبادة غزة وتراجع الاهتمام العالمي بجرائم الكيان الصهيوني أمر في منتهى الخطورة.
تراجع الاهتمام بحرب الإبادة يعني تسترا على جرائم الكيان الصهيوني، ويعني انحسار الضغوط التي تمارس عليه لوقف الحرب. كما يعني تراجع الجهود الإنسانية لإنقاذ أهل غزة من المجاعة والمعاناة الإنسانية الرهيبة.
ليس هذا فحسب، بل إن هذا التهميش يعطي للكيان الصهيوني الفرصة كي يمضي قدما في حرب الإبادة وفي ارتكاب جرائمه ويشجعه مثلا على اجتياح رفح بما يعنيه ذلك من مجازر غير مسبوقة.
الدول العربية تتحمل مسؤولية كبرى حاليا على المستويات الرسمية لإبقاء حرب إبادة غزة في صدارة الاهتمامات العالمية.
الإعلام العربي يتحمل أيضا مسؤولية أساسية. وليس مقبولا هنا ما تفعله بعض أجهزة الإعلام والمواقع العربية حين تسير على نفس نهج الإعلام الغربي بتهميش حرب إبادة غزة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك