في كل مرة تنزل فيها الأمطار أو ما نسميه الغيث النافع نستبشر خيرا خاصة وأن بلادنا لا تشهد الأمطار إلا قليلا وفي مرات نادرة ولذلك فإن استبشارنا في الغالب يرتبط بما في هذه الأمطار من خير عميم ومن إشاعة حالة من الابتهاج في النفوس لدرجة عندما يكون الطقس ممطرا نعتبر الأجواء جميلة وممتازة بعكس الشعوب التي تهطل عليها الأمطار على مدار العام حيث يعتبرون الطقس الممطر سيئا، ولكن مع ذلك فإننا كل مرة تنزل فيها الأمطار يتحول هذا الاستبشار إلى حالة من القلق والانزعاج لدى قسم لا بأس به من الناس هذا إذا كانت الأمطار عادية حيث تتجمع مياه الأمطار في مناطق معينة من البلاد مما تتسبب في تعطيل السير العادي للسيارات وربما تؤدي إلى حوادث وإلحاق الأضرار البسيطة أو المتوسطة بالسيارات وكذلك الحال بالنسبة إلى البيوت والمحلات التي لم تكن مهيأة لتحمل الأمطار مهما كانت بسيطة فما بالك إذا كانت هذه الأمطار غزيرة وغير مسبوقة في قوتها وغزارتها وعنفها إن صح التعبير كما شهدناها في الأيام الأخيرة هذه الأمطار التي حولت العديد من مناطق البحرين في المدن والقرى على حد سواء إلى بحار تتجول فيها القوارب الصغيرة وبرك سباحة يسبح فيها الأطفال كما شاهدنا العديد من الحالات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
في الحقيقة إن ما تفعله بنا هذه الأمطار الغزيرة وغير المسبوقة كانت فوق التصور وفوق الاحتمال فقد امتلأت الشوارع والطرقات بمياه متدفقة وغزيرة تجمعت كبرك من المياه الضخمة كما أسلفنا حالت دون حركة سير السيارات أو مرور المشاة أو الوصول إلى البيوت كما حالت دون وصول الناس إلى أعمالهم أو مدارسهم أو قضاء معاملاتهم أو متابعة مراجعاتهم أو محلاتهم وهذا أمر غمر أغلب المناطق في مملكة البحرين وأثر بشكل كبير في حركة السير الطبيعي للحياة خلال يومين على الأقل.
يضاف إلى ذلك الأضرار الكبيرة التي لحقت بالعديد من البيوت والمحلات وقد شاهدنا عدداً من الفيديوهات التي تحدث فيها مواطنون عن الأضرار التي تعرضت لها بيوتهم وأصبحت الغرف غير مناسبة للعيش فيها واستمعنا إلى نداءات من هنا وهناك من مواطنين يطالبون بالدعم والمساندة لمواجهة هذه المأساة التي ألمت بهم.
إن هذه المشكلة التي تتكرر من حين لآخر ليس لها علاج دائم ونهائي إلا بعمل مجار لمياه الأمطار على شاكلة مجاري الصرف الصحي وهو أمر مكلف بكل تأكيد ويتطلب مبالغ ضخمة من الأموال لا نعلم مقدارها ولكنها كبيرة من دون أدني شك خاصة وإن مثل هذه الأمطار الغزيرة نادرة ونادرة جدا تقع كل 10 سنوات أو أكثر ولذلك قد يكون صرف أموال كبيرة لعمل مجار لمياه الأمطار غير مناسب بالنسبة إلى الميزانية العامة للدولة وقد لا يشكل أولوية ولذلك تبذل الجهات المختصة في الدولة وكلما تتعرض مملكة البحرين لمثل هذه الأمطار جهودا استثنائية وكبيرة مشكورة لتخفيف آثار هذا الوضع وبسرعة فائقة والحقيقة تقال فبين اليوم الأول واليوم الثاني فرق كبير حيث لمسنا أن هذه الجهود الاستثنائية التي بذلت وتبذل على مدار الساعة قد أدت إلى عودة الحياة إلى مجرياتها الطبيعية أو شبه الطبيعية فكل الشكر والتقدير والامتنان لهذه الجهات والعاملين فيها على ما بذلوه من جهود متميزة وتفان في العمل من أجل البحرين وأهلها باستثناء المؤسسات التعليمية بمختلف مراحلها وفروعها حيث تم تعليق الدراسة فيها كإجراء احترازي حفاظا على سلامة الطلبة وتحسبا لأي تداعيات أو مضاعفات قد تحدث.
كما كان من المفرح توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه وكعادته في مثل هذه الحالات إلى الجهات المختصة بالدولة بمعالجة وتقييم كل الأضرار التي لحقت بالمواطنين والعمل على تعويضهم مما أثلج صدر الجميع وخفف من معاناتهم بسبب ما حل بهم من أضرار فكل الشكر والتقدير والامتنان على هذه التوجيه الإنساني من لدن سموه حفظه الله ورعاه.
إن مشكلة الأمطار التي نحتاج إليها وننتظرها بفارغ الصبر في كل عام والتي تزورنا في أيام قليلة جدا أصبحت تشكل مشكلة لنا في بعض الأحيان والمواسم حيث نضع أيدينا على قلوبنا في كل مرة تأتي هذه الأمطار الغزيرة خصوصا وذلك خوفا من أن تلحق بنا وبممتلكاتنا أضرارا فادحة ومع ذلك نحمد الله أن الأَضرار التي لحقت بمملكة البحرين إذا ما قورنت ببلدان أخرى تعد بسيطة هذه المرة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك