العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

أمور لا يضيرك أن تجهلها

رغم‭ ‬انني‭ ‬اكسب‭ ‬الرزق‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬التلفزيون،‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬شديد‭ ‬التحسس‭ ‬تجاه‭ ‬التلفزيون‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وصرت‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬زبونا‭ ‬دائما‭ ‬ليوتيوب،‭ ‬حيث‭ ‬أجد‭ ‬الخبر‭ ‬والتحليل‭ ‬والتوثيق‭ ‬والطرفة،‭ ‬ويزداد‭ ‬نفوري‭ ‬من‭ ‬القنوات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬رمضان،‭ ‬رغم‭ ‬أنني‭ ‬أحس‭ ‬بأنني‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬الفوز‭ ‬بالجوائز‭ ‬الثمينة‭ ‬لو‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬المسابقات‭ ‬التلفزيونية‭ ‬‮«‬المرضانية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تنتشر‭ ‬وبائيا‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬لأن‭ ‬مقدمي‭ ‬تلك‭ ‬البرامج‭  ‬يحسبون‭ ‬أن‭ ‬الكرم‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تطرح‭ ‬على‭ ‬الجمهور‭ ‬أسئلة‭ ‬سخيفة‭ ‬ثم‭ ‬تمنحهم‭ ‬جوائز‭ ‬سخية،‭ ‬ورغم‭  ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أجد‭ ‬نفسي‭ ‬أصرخ‭ ‬أحيانا‭ ‬في‭ ‬متسابق‭ ‬غبي‭:  ‬الزم‭ ‬بيتك‭ ‬يا‭ ‬حمار‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تفضح‭ ‬جهلك،‭ (‬ابحث‭ ‬في‭ ‬يوتيوب‭ ‬عن‭ ‬‮«‬أغبى‭ ‬متسابق‭ ‬عربي‮»‬‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬من‭ ‬سيربح‭ ‬المليون‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يقدمه‭ ‬عبر‭ ‬قناة‭ ‬أم‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬1‭ ‬جورج‭ ‬قرداحي،‭ ‬وكي‭ ‬لا‭ ‬أفسد‭ ‬عليكم‭ ‬متعة‭ ‬مشاهدة‭ ‬ذلك‭ ‬المقطع‭  ‬سأكتفي‭ ‬بالقول‭ ‬إنه‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬أول‭ ‬سؤال‭ ‬في‭ ‬المسابقة،‭ ‬ويكون‭ ‬عادة‭ ‬من‭ ‬نوع‭: ‬ما‭ ‬حاصل‭ ‬جمع‭ ‬9‭ ‬و3؟‭)‬

‭ ‬وفي‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬هناك‭ ‬أشخاص‭ ‬يفوزون‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬المسابقات‭ ‬بالتخصص‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صارت‭ ‬الـ‭ ‬‮«‬تريفيا‮»‬‭ ‬علماً‭ ‬قائماً‭ ‬بذاته،‭ ‬وتعني‭ ‬الكلمة‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لها‭. ‬أي‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬إلمامك‭ ‬بها‭ ‬أنك‭ ‬عارف‭ ‬وعالم،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬الجهل‭ ‬بها‭ ‬أنك‭ ‬غير‭ ‬متعلم‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مثقف،‭ ‬ولكن‭ ‬‮«‬التريفيا‮»‬‭ ‬مسلية‭ ‬للغاية‭ ‬لأنها‭ ‬تعطيك‭ ‬حقائق‭ ‬طريفة‭ ‬تجعلك‭ ‬تدرك‭ ‬كنه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بك‭ ‬في‭ ‬حياتك‭ ‬العادية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تستوقفك‭.  ‬وإليك‭ ‬هذه‭ ‬الأمثلة‭: ‬هناك‭ ‬مليون‭ ‬نملة‭ ‬مقابل‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬من‭ ‬البشر،‭ ‬وأقوى‭ ‬عضلة‭ ‬في‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان‭ ‬هي‭ ‬اللسان،‭ ‬والإنسان‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬قتل‭ ‬نفسه‭ ‬بكتم‭ ‬النفس‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬سد‭ ‬أنفه‭ ‬بيده،‭ ‬وطالما‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬سيرة‭ ‬الموت‭ ‬فهل‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬الصرصار‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬9‭ ‬أيام‭ ‬بدون‭ ‬رأس؟‭  ‬وأن‭ ‬حاسة‭ ‬التذوق‭ ‬عند‭ ‬الفراشة‭ ‬توجد‭ ‬في‭ ‬أقدامها؟‭ ‬وهناك‭ ‬معلومة‭ ‬يعرفها‭ ‬معظم‭ ‬السودانيين‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬الطريقة‭ ‬الوحيدة‭ ‬للإفلات‭ ‬من‭ ‬فكي‭ ‬تمساح،‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬إصبعك‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬عينيه،‭ ‬والسودانيون‭ ‬سمر‭ ‬أو‭ ‬سود،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإنهم‭ ‬أقل‭ ‬عرضة‭ ‬من‭ ‬الخواجات‭ ‬لسرطانات‭ ‬الجلد،‭ ‬وبالمناسبة‭ ‬فإن‭ ‬نحو‭ ‬ثلث‭ ‬حالات‭ ‬الإصابة‭ ‬بالسرطانات‭ ‬تنتج‭ ‬عن‭ ‬التعرض‭ ‬لأشعة‭ ‬الشمس‭.‬

ونبقى‭ ‬مع‭ ‬السودان‭ ‬فنقول‭: ‬إن‭ ‬متوسط‭ ‬نصيب‭ ‬الفرد‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الصالحة‭ ‬للزراعة‭ ‬يبلغ‭ ‬نحو‭ ‬30‭ ‬فداناً،‭ ‬والفدان‭ ‬به‭ ‬4200‭ ‬متر‭ ‬مربع‭ (‬وربما‭ ‬تجعلك‭ ‬هذه‭ ‬المعلومة‭ ‬تقول‭: ‬شعب‭ ‬عنده‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الخير‭ ‬والنيل‭ ‬والأمطار‭ ‬ويشكو‭ ‬من‭ ‬المجاعات؟‭  ‬صح‭ -‬فعلاً‭ - ‬كسالى‭!  ‬الله‭ ‬يسامحك‭!)  ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬فإنه‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬توزيع‭ ‬الأراضي‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬ظهر‭ ‬كوكبنا‭ ‬على‭ ‬سكانه‭ ‬بالتساوي‭ ‬فإن‭ ‬نصيب‭ ‬الفرد‭ ‬سيكون‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬30‭ ‬مترا‭ ‬مربعاً‭ (‬يعني‭ ‬بعد‭ ‬خمسين‭ ‬سنة‭ ‬سيكون‭ ‬كفيلك‭ ‬أو‭ ‬كفيل‭ ‬ابنك‭ ‬سودانيا‭).‬

طبعاً‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬ضآلة‭ ‬متوسط‭ ‬نصيب‭ ‬الفرد‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ملياري‭ ‬هندي‭ ‬وصيني‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬المعاصر،‭ ‬وتخيل‭ ‬أنك‭ ‬واقف‭ ‬في‭ ‬نقطة‭ ‬ما‭ ‬وسار‭ ‬سكان‭ ‬الصين‭ ‬أمامك‭ ‬في‭ ‬طابور‭ ‬واحد،‭ ‬سيكون‭ ‬هذا‭ ‬الطابور‭ ‬بلا‭ ‬نهاية‭ ‬بسبب‭ ‬معدلات‭ ‬التناسل‭ ‬والتكاثر‭ ‬بين‭ ‬الصينيين‭! ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬‮«‬التريفيا‮»‬‭ ‬التي‭ ‬استوقفتني‭ ‬ان‭ ‬الإنسان‭ ‬يضحك‭ ‬نحو‭ ‬15‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬اليوم‭!  ‬ويخيل‭ ‬إليّ‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المعلومة‭ ‬غير‭ ‬دقيقة‭ ‬لأن‭ ‬متوسط‭ ‬نصيب‭ ‬الإنسان‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬الضحكات‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬12‭ ‬ضحكة،‭ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬البوز‭ ‬الممدود‭ ‬والوجه‭ ‬المكشر‭ ‬اللذان‭ ‬يطالعانك‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬العمل‭ ‬والشارع‭ ‬والبيت‭. ‬ومعلومة‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬دقيقة‭ ‬عثرت‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬للانترنت‭ ‬خاص‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬التريفيا‮»‬‭: ‬متوسط‭ ‬المدة‭ ‬التي‭ ‬يقضيها‭ ‬الإنسان‭ ‬العادي‭ ‬على‭ ‬التلفون‭ ‬طوال‭ ‬حياته‭ ‬تبلغ‭ ‬نحو‭ ‬عامين‭. ‬كلام‭ ‬فارغ،‭ ‬فالإنسان‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬يقضي‭ ‬ربع‭ ‬يومه‭ ‬نائما‭ ‬ونحو‭ ‬4‭ ‬ساعات‭ ‬يوميا‭ ‬على‭ ‬الهاتف،‭ ‬وبعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬فإن‭ ‬شخصاً‭ ‬عربياً‭ ‬يعيش‭ ‬30‭ ‬سنة‭ ‬يقضي‭ ‬5‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬التلفون‭!  ‬وأختمها‭ ‬بمعلومة‭ ‬تقول‭: ‬إن‭ ‬عدد‭ ‬الكنائس‭ ‬في‭ ‬جامايكا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬والمساحة‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬علما‭ ‬بأنه‭ ‬البلد‭ ‬الأكثر‭ ‬استخداماً‭ ‬لمخدر‭ ‬الماريوانا‭ ‬التي‭ ‬ننطقها‭ ‬خطاً‭ ‬ماريجوانا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا