ونحن ندخل الشهر السابع من حرب الإبادة الجماعية لشعبنا العربي الفلسطيني الصامد بثبات فوق ثرى الركن الجنوبي من وطننا الذي لا نملك سواه فلسطين، تواصل دولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد القضاء على كل مقومات الحياة ونشر الفوضى والجوع وإشاعة اليأس، واستكمالا لكل جرائمها السابقة التي طالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، قامت في الأسبوعين الماضيين بقتل أفراد من الشرطة الفلسطينية المدنية ودمرت كل مباني البلديات لمنع أي إنسان يستطيع تقديم الخدمات وتنظيمها للناس المحتاجين للغذاء والماء والدواء!
في داخل الكيان الغاصب ولأول مرة زمن الحرب تكون جبهتهم الداخلية هشة لا بل ممزقة، فيجاهر الكتاب بالقول إن هذه الأرض ليست صالحة للعيش لنا نحن (الإسرائيليين) حيث لا أمن ولا أمان على أرض أخذناها عنوة، فتشكلت جمعية تطلق على نفسها «لنغادر البلاد معا» و جمعية «أطباء من أجل تغيير مكان السكن» وهدف الجمعيتين واحد وهو مغادرة الكيان!
وفي ظل ما يطلقون عليه واقعا بائسا ومستقبلا غامضا، تأتي صرخة الحاخام الأكبر لليهود السفارديم «إذا أجبرونا على الخدمة في الجيش، سنشتري التذاكر ونغادر البلاد جميعا»، حيث يتمتع الشباب المتدين «الحريديم» في المجتمع اليهودي بمزايا كثيرة منها عدم الخدمة في الجيش ويحصلون على أموال دعم طائلة من الدولة لمؤسساتهم الدينية!
على الجانب الآخر في الولايات المتحدة الأمريكية التي وضعت نفسها أكثر من شريك في هذه الحرب العدوانية على فلسطين أرضا وشعبا وقضية وهوية، يصرح الكاتب الشهير «توماس فريدمان» الأمريكي اليهودي الداعم للكيان الغاصب أن هذه الحرب وصمة عار على جبين الدولة اليهودية ولا يختلف معه «تشاك شومر» زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي في وصفه «نتنياهو» رئيس الوزراء الصهيوني «لقد ضل طريقه وهو عقبة في طريق السلام، لقد خضع في كثير من الأحيان لمطالب المتطرفين»!
وفي الولايات المتحدة الأمريكية أيضا، دعا عضو الحزب الديمقراطي قائد التيار التقدمي اليساري داخل الحزب «بيرني ساندرز» إلى وقف تمويل (إسرائيل) ويقول إذا أردنا إحلال السلام لا يمكن لإدارة نتنياهو الاستمرار، وهذا التيار بشبابه يضغط بقوة على صانع القرار الأمريكي لوقف انحيازه للرواية الصهيونية!
وفي أوروبا وكتطور حديث هددت بريطانيا بنشر تقرير يقول إن (إسرائيل) دولة تنتهك القانون الدولي، وفي نفس السياق يعلن وزير خارجية إسبانيا بأنهم سيفرضون عقوبات على المستوطنين الذين يعتدون على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة!
وفي موقف شجاع للمقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية صرحت «فرانشيسكا أليانز» أن (إسرائيل) تستخدم سلاح التجويع كسياسة عقاب جماعي لتركيع الشعب الفلسطيني، ويقابلها موقف متقدم أيضا لمفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان «فولكر تورك» الذي يصرح بأن هناك أسبابا منطقية تدعو إلى الاعتقاد أن (إسرائيل) تستخدم سلاح التجويع في الحرب وهذا يرقى إلى مستوى جرائم الحرب!
وفي لحظة ضمير إنساني متقدة مفعمة بالإنسانية قدمت مسؤولة الشؤون الخارجية في مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان في الخارجية الأمريكية «أنيل شيلين» استقالتها فهي لم تعد تحتمل رؤية الارتكابات الدموية وتتألم على بلدها أمريكا التي انتهكت قوانينها وتزود (إسرائيل) بأسلحة الدمار الفتاكة، وألهمها الاستقالة رؤية الطيار الأمريكي «آرون بوشنيل» الذي كان في الخدمة وأضرم النار في نفسه أمام السفارة الصهيونية في «واشنطن» العاصمة الأمريكية احتجاجا على الحرب في قطاع غزة!
واستكمالا للحظة الضمير تقول «أنيل شيلين»: «أخجل من ابنتي حين تكبر أن تعلم أن والدتها كانت متواطئة وكانت تعمل في الخارجية الأمريكية أثناء المذابح في قطاع غزة، أريد أن أخبرها أنني لم أبق صامتة » ولم تنسى «أنيل شيلين» القول إنها تحمل معها اعتراضات زملائها الذين كلفوها بالتحدث نيابة عنهم ولم يملكوا مثلها جرأة الاستقالة !
وفي خطوة خطيرة وعن عمد وسابق إصرار وترصد أقدمت دولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد على قتل 7 من موظفي «المطبخ المركزي العالمي» بصواريخ من الجو دمرت سياراتهم وهم يقومون بواجبهم المهني، ويقوم «المطبخ المركزي العالمي» بتقديم 350 ألف وجبة يوميا في قطاع غزة وحظيت خطوة القتل بسخط عالمي واحتجاجات شعبية واسعة!
لن تستطيع دولة الكيان العنصري الغاصب تركيع شعب عربي أصيل يفيض طاقة وحيوية وكبرياء وطني بالتجويع، فالشعب العربي الفلسطيني يعمل بكل قوته لتحقيق أهدافه في الحرية والانعتاق وإقامة دولته المستقلة بجناحيها الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية العاصمة الأبدية وعودة اللاجئين حسب قرارات الشرعية الدولية التي نتمسك بها.
{ كاتب فلسطيني مقيم
في مملكة البحرين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك