الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
المكاسب الإسرائيلية من التمثيلية الإيرانية
معظم العقلاء والعارفين ببواطن الأمور، ومن يجيد قراءة الأوضاع والمستجدات، يدرك تماما أن المكاسب الإسرائيلية من التمثيلية الإيرانية، بصواريخها وطائراتها المسيرة، جاءت بمثابة «قبلة الحياة» والمنقذ للحكومة الإسرائيلية الحالية، كما أنها خففت من الضغط الدولي على إسرائيل، جراء ما يحدث في غزة، بل وجلبت لها التأييد والدعم.
بالأمس كتب الأستاذ مصطفى بكري تحليلا واقعيا حول الموضوع قائلا: إن المتابع لمجرى السياسة الإيرانية وتعاملاتها مع الأحداث الراهنة في المنطقة، وتحديدًا منذ عملية «طوفان الأقصى» يدرك أن طهران لن تجازف وتخوض حربًا قوية، قد تقودها إلى سيناريوهات أخطر، تدفع بها إلى الصدام مع حلفاء إسرائيل، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وبريطانيا.
وأن المواجهة الإيرانية الإسرائيلية دائمًا ما تجري بشكل محدود وغير مباشر وقصير، في إطار من التفاهم غير المعلن، وأنه على الرغم من مرور القضية الفلسطينية بأحداث جسام طيلة العقود الماضية، لم تتورط إيران بشكل مباشر في القتال إلى جانب الفلسطينيين، وإنما انحصر دورها في الدفع ببعض أذرعها في المنطقة، من دون أن تتحمل إيران المسؤولية عن ذلك.
من الكاسب ومن الخاسر؟ سؤال طرحه الأستاذ مصطفى بكري، وكانت هذه هي الإجابة: إن عملية الهجوم بعيدة عن عنصر المفاجأة، كما أن الهجوم جاء في أعقاب مفاوضات جرت بين الولايات المتحدة وإيران لتحديد سقف الهجوم، ويرى الكثير من المراقبين أن الضربة الإيرانية، ما هي إلا محاولة لحفظ ماء الوجه، وخاصة أن القيادة الإيرانية لا تريد أن تظهر بمظهر الضعيف أمام حلفائها في المنطقة، وأمام الرأي العام الإيراني بالداخل، وان الهجمة الإيرانية جاءت لأسباب انتقامية وردًا على الضربة الإسرائيلية للقنصلية الإيرانية في دمشق، ولا علاقة لها بالعدوان الحاصل على قطاع غزة.
كما أن الهجمة الإيرانية تسببت في حشد القوى الغربية مجددًا إلى جانب إسرائيل، فباتت وكأنها ضحية لعدوان إيراني مباشر، وهو ما استدعى صدور العديد من البيانات التي أعلنت تضامنها مع إسرائيل وإدانتها لإيران، وهو أمر تسبب في تراجع قضية استمرار العدوان على غزة، وتصدر المشهد الإيراني، باعتباره الخطر الأكبر على إسرائيل التي تتعرض لحروب من الداخل ومن الخارج.
يقول الأستاذ سليمان جودة في مقاله بالأمس في جريدة «المصري اليوم»: أي عبث إيراني هذا؟ وأي استخفاف بعقول الناس؟، وأي ضحك على الذقون؟، وأي ضحك على النفس؟، وأي ضحك على الإيرانيين أنفسهم؟.. إن إسرائيل عندما حولت مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق إلى تراب، وعندما أتت على كل الذين كانوا بداخلها.. لم تهلل مسبقًا، ولم تعلن مُقدمًا، ولم تملأ الأجواء صخبًا، ولكن الدنيا نامت ثم استيقظت على مبنى القنصلية، وقد تمت تسويته بالأرض!
أما حكومة المرشد فلأن الدعاية أداة أساسية من أدواتها في المنطقة من حولها، فإنها قادت عملية دعائية من الدرجة الأولى، وأوهمت كل الذين تابعوا عمليتها بأنها ذاهبة إلى ضرب إسرائيل انتقامًا لتدمير القنصلية، فلما بلغت العملية منتهاها، تبين لكل متابع أنه كان أمام عمل دعائي في المقام الأول، لا عمل عسكري حقيقي بأي مقياس!.
إيران مستعدة للقتال حتى آخر جندي من جنود وكلائها في المنطقة.. فهؤلاء هُم حطبها الذي تحرقه.. ولكنها ليست مستعدة للقتال بنفسها، ولا بجنودها، ولا بأبنائها.. وإذا شئت فراجع وقائع عمليتها «الفشنك» بالمعنى العسكري!.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك