لأيامٍ عديدة ظلّت أسعار النفط رهينة مخاوف متصاعدة جراء رد إيراني مُحتمل حينها على الغارة التي استهدفت مقر القنصلية الإيرانية في دمشق وأسفرت عن مقتل 13 شخصاً، وسط سيناريوهات مختلفة بشأن مدى تأثير ذلك الرد من قبل طهران على المستويات السعرية، ارتباطاً بحجمه وتداعياته.
إلى أن جاء الهجوم الإيراني على إسرائيل الليلة الماضية مخالفاً العديد من تلك التقديرات الموسعة التي ضغطت بشكل واسع على أسعار النفط وجعلت الأسواق تحبس أنفاسها ترقباً لهذا الرد الذي ظلّ محدوداً نسبياً مقارنة بتلك التوقعات السابقة.. فكيف يكون لذلك المشهد تأثير على أسعار النفط؟
أنهت أسعار النفط الأسبوع الماضي، على ارتفاع خلال تعاملات الجمعة بنحو 1 بالمائة؛ تأثراً بتصاعد المخاوف والتوترات في منطقة الشرق الأوسط، لكنّها سجلت خسائر أسبوعية بفعل عديد من العوامل؛ من بينها توقعات سلبية من وكالة الطاقة الدولية لنمو الطلب العالمي على الخام، علاوة على مخاوف بشأن تباطؤ تخفيضات أسعار الفائدة الأمريكية.
صعدت العقود الآجلة لخام برنت 71 سنتا مسجلة 90.45 دولارا للبرميل، في حين زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 64 سنتا إلى 85.66 دولارا عند التسوية الجمعة. وتراجع برنت 0.8 بالمائة على أساس أسبوعي مقابل انخفاض بأكثر من واحد بالمائة للخام الأمريكي.
ويشار إلى أنه قبل استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، كانت أسعار النفط تدور في نطاق سعري في حدود 85.15 دولارا للبرميل بالنسبة للعقود الآجلة لخام غرب تكساس الأميركي الوسيط تسليم مايو، و88.94 دولاراً للبرميل لخام برنت.
وفي تعاملات الرابع من شهر أبريل، تجاوز خام برنت الـ 90 دولاراً للبرميل، وذلك للمرة الأولى في خمسة أشهر، تحت ضغط التطورات الجيوسياسية.
وفي الأسبوع قبل الماضي -المُنتهي في 5 أبريل – سجلت أسعار النفط مكاسب أسبوعية -بعد توعد إيران، وهي ثالث أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول بالرد – وأنهت العقود الآجلة للخام الأميركي تعاملات الأسبوع عند التسوية 86.91 دولارا للبرميل، وعند 91.17 دولارا للبرميل بالنسبة لخام برنت.
من لندن، أكد خبير اقتصاديات الطاقة، نهاد إسماعيل، في تصريحات خاصة لموقع «اقتصاد سكاي نيوز عربية» أنه: رغم التوترات الجيوسياسية والتهديدات الإيرانية خلال الأيام الماضية بقيت الأسعار في نطاق ضيق بين 89 و91 دولاراً لخام برنت القياسي، ومع نهاية الأسبوع تعرضت الأسعار لخسارة أسبوعية بحدود 1 بالمائة.
في ظل التطورات الأخيرة ومع ارتفاع وتيرة التهديدات الإيرانية ارتفع خام برنت في المتوسط 2 بالمئة إلى 90.50 دولارا للبرميل (خلال تلك الفترة الأخيرة).
تترقب الأسواق بدء التعاملات الجديدة المبكرة، لترجمة انعكاسات الرد الإيراني وتأثيره على الأسواق بشكل عملي.
وتوقع أنه ربما نرى ارتفاعات وصفها بـ «المتواضعة» لأسعار النفط؛ بسبب تصاعد التوتر الجيوسياسي، لا سيما وأن الرد الإيراني لم يكن له أي تأثير يذكر عسكرياً.
لكنه في الوقت نفسه يعتقد بأنه في حالة حدوث رد أو تصعيد إسرائيلي واتساع رقعة الحرب الدائرة في الشرق الأوسط وتدخل أميركي أوسع فقد تجتاز الأسعار حاجز الـ 100 دولار للبرميل لاحقاً.
كذلك أشار خبير اقتصاديات الطاقة، في معرض حديثه مع موقع «اقتصاد سكاي نيوز عربية» أيضاً إلى أنه في حال قيام إيران كذلك بإغلاق مضيق هرمز الذي يعبر من خلاله 20 بالمئة من استهلاك النفط العالمي أي بحدود 20 مليون برميل يومياً (وذلك ضمن سيناريوهات التصعيد الأكثر خطورة) قد تقفز الأسعار إلى 120 دولاراً للبرميل، ولكن هذا يبقى احتمالاً ضعيفاً في هذه المرحلة؛ خاصة وأن إيران تهدد بإغلاق مضيق هرمز منذ 2010 وما قبل ذلك ولكنها لم تنفذ التهديدات حتى الآن.
وأوضح إسماعيل أن الأسواق بشكل عام تترقب بحذر وقد يتغير المشهد، ونرى تقلبات مفاجئة في الأسعار إذا حدث تطور وتصعيد كبير على الساحة الجيوسياسية.
وتضغط عديد من العوامل على أسعار النفط، من بينها التوترات الجيوسياسية الحالية، فضلاً عن المؤشرات المتباينة بالنسبة لمسار الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية، علاوة على التقديرات المرتبطة بالطلب على النفط، وكذلك الطلب في الصين.
وتوقعت منظمة أوبك ارتفاعاً قوياً في الطلب على على الجانب الآخر، وفي تصريحات خاصة لموقع «اقتصاد سكاي نيوز عربية»، قالت خبيرة النفط والغاز، لوري هايتايان، إن الأوضاع الأخيرة التي تشهدها المنطقة ومع الضربات الإيرانية الأخيرة، فإن ذلك من شأنه أن يكون له تأثير مباشر على أسعار النفط، وبالنظر إلى مدى تصاعد الأحداث خلال الفترة المقبلة.
أضافت أن التهديدات التالية بشأن استهداف إسرائيل الرد وفي نفس الوقت تحذير الولايات المتحدة الأميركية وبالتزامن مع دخول فرنسا وبريطانيا للدفاع عن إسرائيل، فإن ذلك كله يزيد حالة عدم الاستقرار بالنسبة للأوضاع الحالية، فضلاً عن احتمالات دخول روسيا أيضاً على الخط والتأكيد على دخولها الحرب حال وقوع حرب على إيران.
وأشارت إلى أنه مع أي تصعيد جدي يتوقع أن يؤثر ذلك على الأسعار ارتفاعاً في ضوء تلك التطورات ولحين هدوء واستقرار الأوضاع. في المنطقة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك