العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

اختبار حاسم لأمريكا والنظام الدولي في غزة

بقلم: د. نبيل فهمي

السبت ١٣ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

أصدر مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬وهو‭ ‬الجهاز‭ ‬الرئيس‭ ‬المنوط‭ ‬به‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يمس‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الدوليين،‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ ‬2728‭ ‬في‭ ‬الـ25‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬الماضي‭ ‬بغالبية‭ ‬14‭ ‬صوتا‭ ‬في‭ ‬مصلحته‭ ‬وامتناع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

ركز‭ ‬القرار‭ ‬على‭ ‬ثلاث‭ ‬زوايا‭ ‬رئيسة،‭ ‬الوقف‭ ‬الفوري‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‮ ‬غزة حتى‭ ‬نهاية‭ ‬رمضان‭ ‬والاتجاه‭ ‬نحو‭ ‬وقف‭ ‬كامل‭ ‬والإفراج‭ ‬الفوري‭ ‬وغير‭ ‬المشروط‭ ‬عن‭ ‬جميع الرهائن وتسهيل‭ ‬الإجراءات‭ ‬لتوفير‭ ‬ونشر‭ ‬المساعدات‭ ‬الغذائية‭ ‬والطبية‭ ‬والإنسانية‭.‬

أعتبر‭ ‬أن‭ ‬صدور‭ ‬القرار‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬عدمه‭ ‬لأنه‭ ‬بداية‭ ‬لاستعادة‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬صدقيته‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تلعثم‭ ‬وفشل‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الموقف‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الحرب،‭ ‬ومع‭ ‬تحفظي‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الصياغات‭ ‬والمواءمات‭ ‬بالقرار،‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬صدوره‭ ‬يعد‭ ‬خطوة‭ ‬تتسق‭ ‬جزئياً‭ ‬مع‭ ‬التوجه‭ ‬المتنامي‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الدولي‭ ‬الداعم‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬والرافض‭ ‬تماماً‭ ‬لاستمرار‭ ‬العمليات‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

هناك‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬ملاحظات‭ ‬وتقديرات‭ ‬أخرى‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬معاني‭ ‬ومفاهيم‭ ‬وتداعيات‭ ‬سلبية،‭ ‬ومنها‭ ‬أن‭ ‬تأخر‭ ‬المجلس‭ ‬وتبني‭ ‬القرار‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬يعتبران‭ ‬دليلاً‭ ‬واضحاً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬وأجهزته‭ ‬الرئيسة‭ ‬لم‭ ‬يعودا‭ ‬فاعلين،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الدول‭ ‬الخمس‭ ‬دائمة‭ ‬العضوية‭ ‬لا‭ ‬تقدر‭ ‬أو‭ ‬تحترم‭ ‬المسؤولية‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭.‬

وتأخر‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬التحرك،‭ ‬على‭ ‬رغم‭ ‬تعرض‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لأزمات‭ ‬طبية‭ ‬ومجاعات‭ ‬وتهجير‭ ‬قصري،‭ ‬يعد‭ ‬مؤشراً‭ ‬واضحاً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬المعاصر‭ ‬فقد‭ ‬بوصلته‭ ‬القانونية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬والإنسانية‭.‬

وكالعادة‭ ‬أعلنت‭ ‬إسرائيل‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬توقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬ولم‭ ‬تظهر‭ ‬أي‭ ‬اكتراث‭ ‬لما‭ ‬خلص‭ ‬إليه‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬أيضاً‭ ‬منذ‭ ‬أشهر‭ ‬قليلة‭ ‬تجاه‭ ‬المخرجات‭ ‬الأولية‭ ‬لمحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬حول‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬وللأسف‭ ‬قوبل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬بتردد‭ ‬وسلبية‭ ‬من‭ ‬حكومات‭ ‬العالم‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬التي‭ ‬تجنبت‭ ‬محاسبة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬مخالفاتها‭ ‬القانونية‭ ‬والإنسانية‭ ‬تجاه‭ ‬فلسطيني‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬مما‭ ‬يهدد‭ ‬بانزلاق‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بمعدلات‭ ‬أسرع‭ ‬نحو‭ ‬ترجيح‭ ‬القوة‭ ‬والوحشية‭ ‬على‭ ‬القانون،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ممارسات‭ ‬الغابة‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬القواعد‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬العدالة‭ ‬وتوازن‭ ‬المصالح‭ ‬والحقوق‭ ‬المشروعة‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بضبط‭ ‬وتنظيم‭ ‬ممارساتهم‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬والسلام‭.‬

وجدت‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬القرار‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬المواءمات‭ ‬والصياغات‭ ‬غير‭ ‬المتوازنة،‭ ‬مثل‭ ‬أن‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬اقتصرت‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬وهي‭ ‬فترة‭ ‬قصيرة‭ ‬للغاية،‭ ‬لن‭ ‬تسمح‭ ‬باستقرار‭ ‬الأمور‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬توفير‭ ‬وتوزيع‭ ‬القدر‭ ‬الكافي‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والطبية،‭ ‬كما‭ ‬تفتح‭ ‬بعض‭ ‬الصياغات‭ ‬الباب‭ ‬ضمنياً‭ ‬لإسرائيل‭ ‬لاستئناف‭ ‬عملياتها‭ ‬العسكرية‭ ‬بعد‭ ‬انقضاء‭ ‬هذه‭ ‬المدة،‭ ‬إذا‭ ‬افترضنا‭ ‬التزامها‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬أصلاً‭.‬

ويلاحظ‭ ‬أنه‭ ‬حين‭ ‬لم‭ ‬يدعُ‭ ‬المجلس‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬فوري‭ ‬ومستمر‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬طالب‭ ‬بالإفراج‭ ‬الكامل‭ ‬وغير‭ ‬المشروط‭ ‬عن‭ ‬المختطفين،‭ ‬وأغفل‭ ‬الإشارة‭ ‬كلية‭ ‬إلى‭ ‬المحتجزين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الذين‭ ‬تزايدت‭ ‬أعدادهم‭ ‬مع‭ ‬اعتقال‭ ‬إسرائيل‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الجدد،‭ ‬وبما‭ ‬يتجاوز‭ ‬من‭ ‬أطلق‭ ‬سراحهم‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الإفراجات‭ ‬الإسرائيلية‭- ‬الفلسطينية‭ ‬المتبادلة‭ ‬أخيراً‭.‬

ويعتبر‭ ‬بعضهم‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬استخدام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لحق‭ ‬النقض‭ ‬وقبولها‭ ‬ضمنياً‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬قصير‭ ‬المدى‭ ‬بمثابة‭ ‬خطوة‭ ‬أمريكية‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصحيح،‭ ‬ومن‭ ‬الناحية‭ ‬النظرية‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬كذلك،‭ ‬غير‭ ‬أنني‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأصلي‭ ‬كان‭ ‬سيئاً‭ ‬والجديد‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قاصراً‭.‬

وهناك‭ ‬أسباب‭ ‬عدة‭ ‬تجعلني‭ ‬غير‭ ‬متحمس‭ ‬كثيراً‭ ‬للتغيير‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬زلت‭ ‬أعتبره‭ ‬غير‭ ‬كافٍ‭ ‬ولا‭ ‬يلبي‭ ‬الغرض‭ ‬وهو‭ ‬إنهاء‭ ‬معاناة‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يرتفع‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬المسؤولية‭ ‬المطلوبة‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬كبرى،‭ ‬وأول‭ ‬تلك‭ ‬الأسباب‭ ‬أن‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬جاء‭ ‬متأخراً‭ ‬للغاية‭ ‬بعد‭ ‬أشهر‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬المعارك‭ ‬وقتل‭ ‬ودمار‭ ‬متواصلين‭.‬

والسبب‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬المقترح‭ ‬جاء‭ ‬مدة‭ ‬محددة‭ ‬وقصيرة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬المطلوب‭ ‬هو‭ ‬وقف‭ ‬كامل‭ ‬وثابت‭ ‬ونهائي،‭ ‬كما‭ ‬صاحب‭ ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬البسيط‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬ضغط‭ ‬شديد‭ ‬منها‭ ‬خلال‭ ‬المفاوضات‭ ‬لتخفيف‭ ‬النص‭ ‬وربطه‭ ‬ضمنياً‭ ‬بالإفراج‭ ‬عن‭ ‬الرهائن‭.‬

وأغرب‭ ‬ما‭ ‬رأيناه‭ ‬اتصالاً‭ ‬بصدور‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬كان‭ ‬تصرف‭ ‬المندوبة‭ ‬الدائمة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬استفاضت‭ ‬في‭ ‬شرحها‭ ‬للتصويت،‭ ‬في‭ ‬الربط‭ ‬الضمني‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬هذه‭ ‬العناصر،‭ ‬مما‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬لجدل‭ ‬حول‭ ‬جعل‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬مرهوناً‭ ‬بالإفراج‭ ‬عن‭ ‬الرهائن‭.‬

وإنما‭ ‬الأهم‭ ‬والأخطر‭ ‬والأسوأ‭ ‬كان‭ ‬تأكيد‭ ‬المندوبة‭ ‬الدائمة‭ ‬مرات‭ ‬عدة‭ ‬ومن‭ ‬بعدها‭ ‬المتحدث‭ ‬الرسمي‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬غير‭ ‬ملزم،‭ ‬كأن‭ ‬ذلك‭ ‬دعوة‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬الالتزام‭ ‬بالقرار‭ ‬ورغبة‭ ‬في‭ ‬تحصين‭ ‬المخالفين‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬المساءلة‭.‬

وبصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الجدل‭ ‬حول‭ ‬الصياغة‭ ‬أو‭ ‬صدور‭ ‬القرار‭ ‬تحت‭ ‬الفصل‭ ‬السادس‭ ‬أو‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬الميثاق‭ ‬كان‭ ‬تصرف‭ ‬السفيرة‭ ‬سابقة‭ ‬غريبة،‭ ‬فلم‭ ‬تجرِ‭ ‬العادة‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬دولة‭ ‬دائمة‭ ‬العضوية‭ ‬بتبني‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬قرار‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬عامة،‭ ‬خصوصاً‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تعترض‭ ‬عليه،‭ ‬ومن‭ ‬الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬المندوب‭ ‬الدائم‭ ‬البريطاني‭ ‬السابق‭ ‬مارك‭ ‬ليال‭ ‬جرانت‭ ‬أخذ‭ ‬موقفاً‭ ‬مختلفاً‭ ‬تماماً،‭ ‬إذ‭ ‬أعلن‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬ملزم‭ ‬لإسرائيل‭ ‬باعتبارها‭ ‬دولة‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬أيضاً‭ ‬المندوب‭ ‬الدائم‭ ‬الصيني‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تشانغ‭ ‬جون،‭ ‬وكذلك‭ ‬متحدث‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الذي‭ ‬أعلن‭ ‬أن‭ ‬قرارات‭ ‬المجلس‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تعتبر‭ ‬ملزمة‭.‬

ويثير‭ ‬موقف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬موضوع‭ ‬غزة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬تساؤلات‭ ‬عدة،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬حول‭ ‬تقديراتها‭ ‬ومسؤولياتها‭ ‬الدولية‭ ‬عامة،‭ ‬أو‭ ‬حول‭ ‬مواقفها‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬خصوصاً،‭ ‬وأعتقد‭ ‬بأنها‭ ‬فقدت‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬صدقيتها‭ ‬المحدودة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬نتيجة‭ ‬معارضتها‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬طوال‭ ‬أشهر‭ ‬واستمرار‭ ‬توريدها‭ ‬للسلاح‭ ‬الأمريكي‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬حتى‭ ‬بما‭ ‬يخالف‭ ‬القوانين‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬تحظر‭ ‬استخدامها‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭.‬

ولقد‭ ‬اهتزت‭ ‬هيبة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بعد‭ ‬التراشق‭ ‬الإسرائيلي‭- ‬الأمريكي‭ ‬حول‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬رفح‭ ‬وإزاء‭ ‬صدور‭ ‬قرار‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬حول‭ ‬غزة،‭ ‬بعد‭ ‬إعلان‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬إسرائيل‭ ‬أنه‭ ‬عاقد‭ ‬العزم‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بعمليات‭ ‬عسكرية‭ ‬برية‭ ‬ضخمة‭ ‬في‭ ‬رفح‭ ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬اعترضت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ثم‭ ‬تهديد‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬العلني‭ ‬بإلغاء‭ ‬زيارة‭ ‬مقررة‭ ‬مسبقاً‭ ‬لمسؤولين‭ ‬إسرائيليين‭ ‬إلى‭ ‬واشنطن‭ ‬تلبية‭ ‬لدعوة‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تعترض‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬لتعرقل‭ ‬صدوره‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬تخفيفه،‭ ‬وقيام‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالفعل‭ ‬بإلغاء‭ ‬الزيارة‭ ‬بعد‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬مباشرة‭ ‬وامتناع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬عليه،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬الفيتو،‭ ‬في‭ ‬صفعة‭ ‬علنية‭ ‬ومباشرة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحاميها‭ ‬وحليفها،‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬شخصياً‭ ‬صاحب‭ ‬المقولة‭ ‬الشهيرة‭ ‬‮«‬أنا‭ ‬صهيوني‮»‬،‭ ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬أنها‭ ‬أعلنت‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬اتُفق‭ ‬على‭ ‬إتمامها‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬

وليس‭ ‬من‭ ‬المبالغة‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬تطورات‭ ‬الأسابيع‭ ‬المقبلة‭ ‬ستكون‭ ‬لها‭ ‬آثار‭ ‬مهمة‭ ‬على‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭ ‬وعلى‭ ‬استقرار‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وستشكل‭ ‬امتحاناً‭ ‬فاصلاً‭ ‬وحقيقياً‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬أخيراً‭ ‬لفاعلية‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬ومؤسساته،‭ ‬وستخلق‭ ‬ظروفاً‭ ‬كاشفة‭ ‬لمكانة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وهيبتها‭ ‬وسياساتها،‭ ‬وعلى‭ ‬الكل‭ ‬اتخاذ‭ ‬مواقف‭ ‬مبدئية‭ ‬قوية‭ ‬وحكيمة‭ ‬إذا‭ ‬أرادوا‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬خطرة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭.‬

 

{ وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬المصري‭ ‬السابق

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا