رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يمثل النموذج الأسوأ للقيادات السياسية، هو شخص متهم بالفساد، أناني، وشعبوي يستخدم المقولة الميكافيلية «الغاية تبرر الوسيلة» بأبشع أشكالها، بما في ذلك ادعاءاته الأيديولوجية اليمينية المتطرفة تبدو وكأنها لخدمة شخصه أكثر ما هي قناعة راسخة، أو حتى لو كانت كذلك فهو يترجمها بكل المعايير لما فيه مصلحته. صحيح هو سليل أسرة يمينية تمتد جذورها إلى الصهيوني المتطرف والمثير للجدل في الحركة الصهيونية جابوتنسكي زعيم التنقحيين، الذين كانوا أكثر وحشية ودموية مع الشعب الفلسطيني، وينادون بدولة صهيونية واسعة تضم شرق الأردن ومساحات واسعة من سيناء ومن شمال الجزيرة العربية، وفي النهاية فإن نتنياهو عبارة عن مزيج سياسي وأيديولوجي ليس فيه ما يطمئن، أو يمنح الثقة لأحد، فهو مفجر للأزمات لا يعرف المراعاة الاخلاقية حتى مع أقرب حلفائه.
ظهر نتنياهو على الساحة السياسية عام 1984 مندوبا لإسرائيل في هيئة الأمم المتحدة، ثم في عام 1988 أصبح نائبا لوزير الخارجية وعضوا في الكنيست، واشتهر نتنياهو عندما كان ناطقا باسم حكومة اليميني شامير خلال حرب الخليج عام 1991، وخصوصا عندما كانت إسرائيل تتعرض لقصف صاروخي من العراق. نتنياهو أصبح رئيسا للوزراء للمرة الأولى في ربيع عام 1996، وهو أكثر زعيم سياسي في إسرائيل يحتل هذا المنصب والتي مجموعها تزيد على 15 عاما.
برز نتنياهو في التسعينيات من القرن الماضي كصقر متشدد يرفض السلام مع الفلسطينيين. ويجاهر في رفض الاعتراف بوجودهم، ومتوعدا بتدمير اتفاقيات أوسلو وإلغاء كل التزام إسرائيل، معتبرا أن أوسلو هو أكبر خطأ تقترفه إسرائيل في تاريخها. وانطلاقا من ذلك كثف الاستيطان والتهويد، وفي أولى خطوات التحدي لأوسلو أقر بناء مستوطنة «هار هوما» جبل أبو غنيم بين القدس وبيت لحم عام 1997، وأمر بحفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى، وقام بكل شيء من أجل تدمير أي فرصة للسلام.
ومن وجهة نظر العالم تحول نتنياهو إلى سياسي ثقيل مزعج ويسير بعكس التوجهات العامة للسياسة الدولية، ولا يراعي أصول العلاقات بين الدول متعجرف، مشاكس لا يمكن ضبطه وكاره للسلام.
وفي المرحلة الحالية هو من شاكلة الرئيس الأمريكي السابق ترامب. المرعب للسياسة الدولية، الذي كاد يعصف بالولايات المتحدة عبر التمرد على الدستور ودفع أتباعه لاقتحام مبنى الكونجرس من أجل أن يبقى في البيت الأبيض، وهو أيضا أناني متعجرف لا يرعي أصول العلاقات، هما مكيافيليان لا هدف لهم سوى تبرير مصالحهم.
نتنياهو الذي ادخل إسرائيل في أخطر أزمة داخلية في تاريخها قبل حربه على غزة. وكاد يدخلها في حرب أهلية. قام باستغلال هجوم السابع من أكتوبر الماضي الذي قامت به حماس إلى أقصى حد، وأفرغ كل السواد في داخله في حرب إبادة بربرية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أساسا وفي الضفة بأشكال أخرى وفرض حصارا ماليا على السلطة من أجل إضعافها إلى أبعد حد وإنهاء اتفاق أوسلو تماما.
تصرفات نتنياهو كانت كل الوقت متعبة ومرهقة حتى لحلفائه وهو اليوم يمثل حالة خطيرة لأن لا هم له سوى نفسه ومصلحته الأنانية، وهو خطير في نظر العالم لكونه لا يقيم أي وزن لا للأعراف أو القيم حتى ولو بالشكل.
يمثل نتنياهو اليوم عقبة أمام أي حل عقلاني للخروج من الأزمة وفرض الاستقرار ما بعد الحرب، المزيج العقلي والأيديولوجي والشخصي لهذا الرجل يعيق اليوم مسألة وقف إطلاق النار، ويتسبب في المزيد من الفتك بالشعب الفلسطيني.
نتنياهو تحول إلى عامل هدم، وكان من الممكن أن يحتمل لو كان نتنياهو يؤمن ولو بالحد الأدنى بالسلام أو إمكانية أن يتحقق نوع من التعايش مع الشعب الفلسطينيين، وحتى لو اختبأ نتنياهو خلف موضوع التطبيع مع الدول العربية ليبدو انه ايجابي وعامل بناء، إلا أن القفز عن السلام مع الفلسطينيين قد ثبت انه وصفة هدم وليس بناء، وصفة لاستمرار الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة، وهي حقيقية بدأ العالم يكتشف بؤسها، وبالتالي بؤس وجود نتنياهو في مركز القرار في إسرائيل.
إدارة الرئيس بايدن، وإدارات الديمقراطيين بشكل عام منذ الرئيس كلينتون في الفترة من عام 1996 إلى 1999 الذي دعم عودة حزب العمل للحكم، مرورا بفتور العلاقة بين الرئيس أوباما ونتنياهو، والآن مع بايدن.
الفترة الأكثر ازدهارا في علاقات نتنياهو مع واشنطن هي عندما فاز الجمهوري ترامب، وقدم هدية لنتنياهو هدية ثمينة عندما اعترف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل في نهاية عام 2017.
العالم أجمع سئم وجود نتنياهو والجميع كما هو واضح حتى داخل إسرائيل ينتظر التخلص منه ليهل عهد جديد في الشرق الأوسط.
{ كاتب من فلسطين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك