الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
راشد بن خليفة.. و«الدبلوماسية الفنية»
=يقول تيم ريفيه نائب مدير متحف فكتوريا وألبرت في لندن: «يمكن للفن -ويجب عليه- أن يفعل أكثر مما يظن أنه قادر عليه.. تقليديا يُوَفّر الفن سياقا تاريخيا لا يقدر بثمن للأزمات المعاصرة والتوترات الجيوسياسية، وهو يتيح رؤى جديدة، ويذكرنا بإرثنا المشترك، وإنسانيتنا المشتركة.. إلا أنه يمكن أن يخلق أيضا أسس الحوار، وذلك بشكل وأسلوب لا تقدر عليه أحيانا القنوات الدبلوماسية».
ومملكة البحرين تمتلك إرثا ثقافيا وفنيا حضاريا عظيما، ساهم في ذلك تاريخها العريق، وطبيعة جغرافيتها، وإيمان قيادتها الحكيمة بدور الفن، وانفتاح شعبها، وتسامح مجتمعها، ورسوخ ثوابتها الوطنية، ومرونة فكرها ونهجها، وتطورها المدني والسياسي والاجتماعي، طوال المراحل الزمنية.
تقول الأستاذة «جيهان زكي» خلال محاضرتها في الجامعة الألمانية بالقاهرة، وتحت عنوان (دبلوماسية الفنون وهوية الدول): إن «الدبلوماسية الثقافية والفنية» هي أحد فـــنون الإدارة، وهي من أهم الاستراتيجيات التي تستخدم لإرساء دعائم متجددة للسياسة الخارجية للدول، لذا فإنها لم تعد ترفا في ساحة العلاقات الدولية اليوم، بل أصبحت أداة محورية للتعريف بمقومات البلاد ورؤيتها للعالم، وعمقها الحضاري وحيوية شعبها، من خلال إنتاجات المبدعين والمثقفين، ورجال الفكر ورواد الفن.. وأن هذا النمط من الدبلوماسية يبرهن على أن العمل الفني يملك وحده امتياز التواصل بسلاسة مع النخب، ولا سيما القاعدة العريضة من المجتمعات، قافزة على الحدود السياسية، مما دفع دولا كثيرة لتعظيم الاستثمار في التمثيل الثقافي والفني الدولي، ودعمه بقوة كأداة نافذة المدى وعابرة للحدود..).
ومن هذا المنطلق تأتي جهود المجلس الوطني للفنون برئاسة معالي الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة لترسيخ دور «الدبلوماسية الفنية»، وخاصة بعد التعاون المتميز مع وزارة الخارجية في تنظيم المعرض الفني في واشنطن، وإلقاء الضوء على إبداعات 14 فنانًا بحرينيًا، وإبراز الصورة الجمالية بالبيئة الطبيعية في البحرين.. وهي جهود تستحق التقدير والإشادة، ونتطلع إلى المزيد منها دعما للفنان والشباب البحريني.
ولدى المجلس الأعلى للفنون مشروع ثقافي بعنوان «من جزيرة إلى جزيرة»، وكذلك الخطة التشغيلية الهادفة إلى حفظ «حقوق الملكية الفكرية» وتشكيل لجنة للتنسيق مع الجهات المختصة لإيجاد الآليات الفعالة لتوعية المبدعين بأهمية تسجيل إنتاجهم الإبداعي لحفظه وحمايته، ولجنة للتنسيق والمتابعة مع المعنيين بفعالية الفن من أجل السلام، مع التوجه إلى قطاع التعليم، وحث طلبة المدارس على أن يكون تخصص الفن في المرحلة الجامعية من ضمن اختياراتهم الدراسية.
ربما من الواجب هنا أن نشير إلى أهمية التعاون الثنائي والتكامل المهني والتنسيق الإداري بين المجلس الأعلى للفنون مع هيئة البحرين للثقافة والآثار، فكلاهما يسعى لتحقيق هدف وطني رفيع، كل في تخصصه ومجاله، ووسائله المتعددة، ونثق تمام الثقة بأن معالي الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للفنون، وسعادة الشيخ خليفة بن أحمد بن عبدالله آل خليفة رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار، يملكان ذات الروح والحرص، والمسؤولية والاهتمام، في إبراز الوجه الحضاري المشرق، الفني والثقافي لمملكة البحرين.
ختاما.. نتطلع إلى الاستثمار الأمثل للفنون، وتعزيز دور «الدبلوماسية الفنية».. فهي لغة العالم والشعوب، وأساس الحضارة والرقي، في الماضي والحاضر والمستقبل.. والشيخ راشد بن خليفة آل خليفة قادر على ذلك.. بعون الله تعالى ودعم الجميع.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك