الدارس لملف الحرب الروسية الأوكرانية والذي يمتلك المعلومات الدقيقة والسليمة والصحيحة ويمتلك القدرة على التحليل الموضوعي بعيدا عن الاعتبارات السياسية والأيديولوجية يدرك بكل سهولة أن روسيا في طريقها إلى الانتصار وحسم هذه الحرب التي افتعلتها في الأساس القوى الغربية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية والأدلة على ذلك عديدة منها:
أولا: إن روسيا الاتحادية وبدءا من عام 2000 وخلال الاجتماعات الدورية مع الدول الغربية قد طلبت وبشكل رسمي أن تكون جزءا من الفضاء الأوروبي على الصعيد الاقتصادي والأمني هذا فضلا عن طلب روسيا الاتحادية في أواخر التسعينيات من القرن الماضي الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو» ولم تتلق أي رد إيجابي بهذا الخصوص، وهذان مؤشران عن النوايا السلمية لروسيا وعلى رغبتها الصادقة أن تكون جزءا من هذا الفضاء الأوربي ولكن رفض الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى بوجه خاص لفكرة وجود وانضمام روسيا الاتحادية إلى هذا الفضاء كانت تعبر عن رغبة معلنة في فصل روسيا عن أوروبا الغربية والشرقية على حد سواء وبدءا من عام 2014 كان الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يحضر لخنق روسيا بعد أن نكث وعوده للرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسين في التسعينيات بعدم توسع حلف الناتو نحو الشرق.
ثانيا: إن روسيا الاتحادية وأمام هذه الهجمة الأطلسية الشرسة قد سعت منذ البداية إلى تفادي الحرب بأي شكل من الأشكال تعبيرا عن نواياها لحل الخلافات بالطرق السلمية ومن خلال الحوار والجلوس إلى طاولة المفاوضات، ولكن بينت الوثائق والإجراءات أن الغرب وبدءا من عام 2000 وحتى 2014 كان يهيئ أوكرانيا لتكون شوكة في خاصرة روسيا الاتحادية وقد بينت هذه التقارير والوثائق أن المخابرات الأمريكية قد زرعت 24 قاعدة لها على امتداد الحدود الأوكرانية الروسية وهذا بلا شك مؤشر آخر على النوايا العدوانية الواضحة ضد روسيا.
ثالثا: المواجهة التي حدثت في عام 2014 وعام 2015 والتي انتهت إلى توقيع اتفاقيات مينسك 1 و 2 برعاية وضمانة كل من ألمانيا وفرنسا والتي كانت تنص أساسا على إنهاء الحرب ومنح منطقة الدونباس ذات الأغلبية الروسية الساحقة استقلالا ذاتيا ضمن الكيان الأوكراني يتمتعون فيه بالحقوق الثقافية والاجتماعية وغيرها من الحقوق الأخرى التي من شأنها أن تجنب هذا الإقليم ويلات الحرب والقتل الممنهج الذي كان يتعرض له من قبل القوى النازية التي تم زرعها في أوكرانيا لكي تعمل على ضرب روسيا وإيذائها بكل الطرق الممكنة، وقد بينت الأحداث لاحقا أن هذه الهدنة كانت مجرد خديعة كبرى لمنح القوى النازية في أوكرانيا فرصة الاستعداد والإعداد العسكري لمحاربة روسيا وقد اعترفت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل بهذه الحقيقة المؤسفة صراحة.
وإضافة إلى هذه المؤشرات الثلاثة فإن روسيا وقبل انطلاق العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا في فبراير من عام 2022 قد حاولت مع الولايات المتحدة الأمريكية وبذلت كل الجهود لمنع وقوع هذه الحرب من خلال ما قدمته من مطالب أمنية مشروعة بحياد أوكرانيا وعدم ضمها إلى حلف الناتو وبعض الجوانب الأخرى إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى تحديدا رفضتا أي مجال للحل السلمي وتأكيد استمرار تنفيذ هذه الخطة العدوانية وهذا ما حدث بالفعل في 24 فبراير 2022 عندما اضطرت روسيا اضطرارا إلى خوض هذه المعركة التي وجدت نفسها تواجه أكثر من 50 دولة تكالبت عليها بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ولكن من الواضح أن روسيا أكبر من هذه المؤامرة الكبرى وإن 50 دولة لم تستطع أن تلحق هزيمة بروسيا الاتحادية مثلما كانت ترغب في ذلك دول الناتو التي جيشت وحرضت هذه الدول ضد روسيا والذي حدث هو أن الولايات المتحدة الأمريكية قد ورطت الدول الأوروبية في هذه المواجهة الكبرى التي انتهت بخسارة الدول الأوروبية خسارة كبيرة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وماديا في حين استفادت الولايات المتحدة الأمريكية من هذه الحرب وحققت أهدافا اقتصادية كانت تحتاجها منذ بداية التسعينيات وهى أن تكون هنالك قطيعة بين روسيا الاتحادية والدول الأوروبية وأن تكون الدول الأوروبية مرتبطة ارتباطا كبيرا بالولايات المتحدة الامريكية ومصالحها وها هي اليوم تدفع ثمنا باهظا من تبعيتها للولايات المتحدة الأمريكية وفي المقابل ها هي روسيا الاتحادية بالرغم من هذا الحشد الهمجي الكبير وهذا الإنفاق الهائل لتحشيد دول العالم ضد روسيا تتمكن من الصمود في وجه المؤامرة الغربية وها هو الجيش الروسي الجرار يتقدم على الأرض ويحقق الانتصار تلو الانتصار وها هو الجيش الأوكراني يتقهقر ويتراجع ويخسر كل يوم المزيد من المدن وتزداد أعداد القتلى ويتم تحطيم أو الاستيلاء على الأسلحة والمعدات المختلفة التي زودت بها الدول الأوروبية الجيش الأوكراني وها هي الدول الغربية تتخلى عن أوكرانيا وها هي الولايات المتحدة الأمريكية تتفرغ للانتخابات الرئاسية في الخريف القادم والتي سوف تحدد مسار السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية المستقبلية وسط جدال وخلافات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي ووسط مخاوف من وصول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى السلطة مرة أخرى، أما المؤشرات فكلها تؤكد أن روسيا الاتحادية في طريقها إلى الانتصار المظفر على كل القوى التي تكالبت عليها وما هي إلا مسألة وقت ليتم إعلان الاستسلام الأوكراني والموافقة على إنهاء هذه الحرب وفق الشروط الروسية والتي أعلنتها مع بدء العملية الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك