عمان - (أ ف ب): في كل ليلة من ليالي رمضان، يشارك أحمد الطبيقي في التجمّعات اليومية على مقربة من السفارة الإسرائيلية في عمان للتضامن مع قطاع غزة. ومع اقتراب عيد الفطر، يقول بأسى: «لا توجد أجواء عيد». كان الطبيقي (32 عاما) ينتظر مساء يوم الأحد مع صديقين له، بجانب مسجد الكالوتي الذي يبعد أقلّ من كيلومتر واحد عن سفارة إسرائيل، خروج المصلّين. ويقول لوكالة فرانس برس: «مجيئنا إلى هنا أصبح واجبا يوميا، وهو أقلّ ما يمكن أن نقدمّه لأهلنا في غزة».
ويضيف: «لا أعتقد أن أيّا منّا يستطيع أن يعيش أجواء عيد، سيكون ذلك معيبا». ويشهد الأردن، حيث نحو نصف عدد السكان من أصول فلسطينية، منذ بدء الحرب بين حركة حماس وإسرائيل في السابع من أكتوبر تظاهرات تضامنية مع قطاع غزة في عمان ومدن أخرى وخصوصا أيام الجمعة. ويهتف المتظاهرون للمطالبة بوقف الحرب، وأيضا بإلغاء معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل.
وقبل أيام قليلة من عيد الفطر وزّع متظاهرون بطاقات كتب عليها «عيدنا بانتصار غزة» تحمل صورة لخريطة الأردن وخريطة فلسطين التاريخية (قبل قيام إسرائيل)، وصورة المسجد الأقصى، وصورا للدمار في غزة. وشارك آلاف المتظاهرين في التظاهرة الرئيسية قرب مسجد الكالوتي خلال رمضان، اعتبارا من الساعة العاشرة مساء وبقوا أحيانا حتى موعد السحور في ساعات الفجر الأولى.
وفي يوم سابق، كانت ميرال السعدي (16 عاما) تقف مع كوفية فلسطينية بيضاء وسوداء ألقتها على كتفيها، بجانب شقيقتها يمنى (13 عاما) التي وضعت على رأسها الشماغ الأردني الأبيض والأحمر. وكانت الفتاتان تردّدان بحماس «عيد عيد ظلك عيد، 7 أكتوبر يا مجيد». وتشارك الطفلتان مع والدهما في التظاهرات منذ السابع من أكتوبر. وارتفعت أعداد المشاركين خلال رمضان.
وتراوح عدد المشاركين في التظاهرات مؤخرا ما بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف يوميا، وشهد بعضها أحداث شغب وتمّ توقيف عدد من المشاركين على خلفيتها. وتقول يمنى: «كيف يهنأ لنا عيش وإخوتنا في غزة يعانون يوميا (...). ربّنا سيسألنا يوما ما». وتتابع: «أفضل أن آتي الى هنا وأعبر عن شعوري، لأن هناك الكثير من الغضب داخلي ولا أستطيع فقط أن أجلس في المنزل». وتقول ميرال إن أكثر ما يغضبها هو أن «لا أحد يضغط على إسرائيل، القانون لا يسري عليها».
واعتمد مجلس الأمن الدولي مؤخرا أول قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان، لكن منظمات إنسانية أكدت أن «لا شيء تغيّر» منذ تبنيه.
ويحمل متظاهرون أعلاما أردنية وفلسطينية، ويطلقون هتافات تندّد بحرب غزة والدعم الأمريكي لإسرائيل، منها «من يدعم الاحتلال؟... أمريكا رأس الإرهاب»، و«من يريد تهجير شعبي؟ أمريكا رأس الإرهاب».
كما يطلقون هتافات مؤيدة لحركة حماس بينها «سيري سيري يا حماس، أنت المدفع واحنا رصاص»، و«حط الطلقة ببيت النار، احنا رجالك يا سنوار (رئيس المكتب السياسي لحماس في قطاع غزة يحيى السنوار)». وعلى الرغم من إبرام معاهدة سلام بين الأردن وإسرائيل منذ عام 1994، فإن الرأي العام الأردني بقي إلى حدّ بعيد مناهضا للإسرائيليين.
ويقول إبراهيم السعدي (47 عاما) والد ميرال ويمنى: «لا أحد يعيش حياته بشكل طبيعي»، بسبب حرب غزة، «لا من يشارك في التظاهر ولا من يبقى في البيت». ويضيف: «الحياة كلّها تغيرت، الكلّ يشعر بغضب». ومرّ شهر رمضان هذا العام في الأردن من دون بهجة حقيقية، ومن دون مظاهر رمضان التقليدية من زينة وخيم رمضانية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك