يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
.. وتحية لمسؤولة أمريكية شجاعة
تحدثت في المقال السابق عن السيدة فرانشيسكا البانيز المقررة الخاصة بالأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية ووجهت لها تحية تقدير واجلال لموقفها التاريخي بالتقرير الذي قدمته عن «الإبادة الجماعية في غزة».
وهذه سيدة أمريكية شجاعة أخرى لا بد ان نعبر أيضا عن التقدير والاحترام لموقفها.
السيدة هي أنيل شيلين، مسؤولة الشؤون الخارجية بمكتب شؤون الشرق الأدنى للديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لوزارة الخارجية الأمريكية. هي أيضا سيدة شجاعة سجلت موقفا للتاريخ دفاعا عن الحق والانسانية وإدانة لأبشع السياسات والمواقف الأمريكية.
هذه المسؤولة الأمريكية قدمت استقالتها مؤخرا من منصبها في الخارجية احتجاجاً على سياسة الإدارة الأمريكية تجاه حرب الإبادة في غزة.
لم تشأ ان تستقيل في صمت. شرحت الأسباب التي دفعتها الى الاستقالة بوضوح وحزم في مقالات كتبتها وتصريحات صحفية ادلت بها.
كتبت تقول ان هناك اجماعا على ان ما ترتكبه إسرائيل في غزة هي جرائم إبادة جماعية، وهذه الجرائم يتم ارتكابها بالأسلحة الأمريكية وبالدعم السياسي والدبلوماسي الأمريكي. قالت: تل أبيب استخدمت قنابل أمريكية قتلت أكثر من 32 ألف فلسطيني، بينهم 13 ألف طفل، إلى جانب عدد لا يحصى من المفقودين تحت الأنقاض. وإسرائيل تقوم بتجويع مليوني شخص لا يزالون داخل القطاع «عن عمد». وأضافت انه رغم كل هذا تخطط إسرائيل لاجتياح مدينة رفح، الأمر الذي سيعني وقوع مذبحة تفوق الخيال».
المسؤولة الأمريكية قالت: انني لا أستطيع الاستمرار في إدارة أمريكية تمكن إسرائيل من ارتكاب كل هذه الفظائع ولهذا قررت الاستقالة من منصبي.
أنيل شيلين لخصت تقديرها للموقف الأمريكي من جرائم الإبادة في غزة بالقول: لقد تلاشت تقريباً كل مصداقية كانت لدى الولايات المتحدة كمدافعة عن حقوق الإنسان منذ بدء الحرب». وأضافت: «دعم إدارة بايدن الواسع لإسرائيل يدمر السمعة الأخلاقية للولايات المتحدة». وتحدثت عن جرائم قتل الصحفيين في غزة وكيف ان أمريكا لم تفعل أي شيء لحمايتهم.
في المحصلة النهائية كتبت تقول: انني لم أعد اتحمل ولم أعد قادرة على القيام بعملي في الدفاع عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، بسبب دعم إدارة بايدن للعمل العسكري الإسرائيلي في غزة وحصارها. كما إنني استقلت لأنني لم أعد أرغب في العمل بإدارة تنتهك القانون الأمريكي بشكل علني المتعلق بالمساعدات الخارجية وشروطها».
وقالت ان كثيرين من زملائها في الخارجية حين ابلغتهم بعزمها الاستقالة طلبوا منها ان ترفع صوتها وان تتحدث بالنيابة عنهم.
أمثال هذه السيدة الأمريكية في الغرب الذين لديهم الشجاعة والجرأة على ان يرفعوا أصواتهم في مواجهة الهمجية والإبادة الجماعية وفي مواجهة المشاركة الغربية الاجرامية في حرب الابادة، يستحقون كما ذكرت كل التحية والشكر والتقدير.
هؤلاء يتخذون هذا الموقف على الرغم من كل حملة الإرهاب العلنية التي يشنها الصهاينة في الدول الغربية ضد كل من يجرؤ على ان يقول كلمة حق نصرة للفلسطينيين او ادانة للكيان الصهيوني. وهم يتعرضون للملاحقات وقطع الأرزاق وتشويه السمعة والتهديدات السافرة.
المسؤولة الأمريكية نفسها قالت ان الموقف الذي أقدمت عليه بالاستقالة قد يمنعها من العمل في وزارة الخارجية مستقبلا، لكنها ليست وحدها في هذا الموقف.
وهي تمنت أن يدفع القرار الذي اتخذته الإدارة الأمريكية إلى إعادة النظر في موقفها من جرائم الإبادة في غزة.
بالطبع موقفها لن يغير في حد ذاته موقف الإدارة الأمريكية ولن يوقف المشاركة الأمريكية في كل جرائم الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني. ومع هذا سيبقى موقفها وموقف امثالها في الدول الغربية صوتا للضمير الإنساني ومثالا للشجاعة في مواجهة الإرهاب والهمجية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك