اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
من أرض الأحلام إلى أرض الكوابيس
في جلسة مع عدد من الصديقات المقربات فاجأتنا إحداهن بأن ابنها الأكبر (شاب في مقتبل العمر) الذي يعيش في أمريكا منذ سنوات طوال ويحمل جنسيتها قد قرر مؤخرا مغادرتها وللأبد، وذلك لرفضه الموقف الأمريكي تجاه ما يحدث على أراضي غزة من إبادة جماعية لا إنسانية، حيث يخطط حاليا لبداية جديدة في بلد عربي.
بالفعل، هناك حالات عديدة مماثلة لهذا الشاب العربي المسلم تبدلت آراؤها ونظرتها للولايات المتحدة الأمريكية بصفة خاصة، وذلك في أعقاب أحداث غزة التي عاصرتها وعاشتها لحظة بلحظة، وهو ما أكده مقال نشرته صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية لمراسلتها في الشرق الأوسط «ريا جلبي» بشكل واقعي وعلمي تحت عنوان «العالم العربي يوجه غضبه إلى الولايات المتحدة والغرب بسبب تدمير غزة».
لقد استعرضت «جلبي» آراء بعض الشباب العربي التي جاءت ضمن استطلاع للرأي حول الحرب في غزة، وكيف غير ذلك العدوان الغادر وجهة نظرهم عن الغرب والولايات المتحدة الأمريكية والذين أكدوا أن أمريكا لا تهتم بحقوق الإنسان وتساعد على ارتكاب إبادة جماعية، وأن معاييرها مزدوجة، واصفين ما يحدث في غزة بأنه أسوأ من الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ومعربين عن حزنهم وصدمتهم إزاء الدمار الذي لحق بالقطاع، وانتشار المجاعة والمرض وارتفاع عدد القتلى مع استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل ومدها بالسلاح.
الاستطلاع شمل 8000 شخص من 16 دولة من جميع أنحاء المنطقة العربية، حيث أعرب 76% من المشاركين أن موقفهم تجاه أمريكا أصبح أكثر سلبية وأن الجمهور العربي فقد الثقة فيها، وأن عددا كبيرا قد لغى خططه للدراسة على أراضيها، ورفض وظائف في شركاتها.
باختصار، لم يعد «الحلم الأمريكي» يراود أو يداعب الكثير من شبابنا العربي المسلم اليوم، ذلك الحلم الذي بدأ السعي وراءه منذ أواخر القرن الـ19 الميلادي، وهو مصطلح مرتبط بالهجرة والعيش في أمريكا، فقد بريقه، ولم تعد تلك الأرض بالنسبة إلى الكثيرين من الشباب العرب أرض الفرص والأحلام، وذلك بعد تيقنهم من أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة منحازة وغير عادلة، ولا تحترم أي حقوق أو إنسانيات أو ديانات حين يتعلق الأمر بمنطقتنا.
بمعنى آخر يمكننا الجزم اليوم بأن «الحلم الأمريكي» قد انكسر وتحطم على صخرة الواقع المر، بل تحول إلى كابوس مرعب!!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك