العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

التصعيد الإسرائيلي ضد إيران وغياب القيادة الأمريكية

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

السبت ٠٦ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

منذ‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬كثف‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬حملة‭ ‬من‭ ‬الغارات‭ ‬الجوية‭ ‬والاغتيالات‭ ‬ضد‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬ووكلائه‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬نفذ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الغارات‭ ‬الجوية‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬الله‮»‬‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬أوائل‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬ببيروت،‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬مسؤول‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬حماس،‭ ‬وتصعيد‭ ‬التوترات‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭. ‬

وفيما‭ ‬وصفه‭ ‬‮«‬روبي‭ ‬جرامر‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬تصعيد‭ ‬حاد‭ ‬لحرب‭ ‬الظل‭ ‬المستمرة‭ ‬بين‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬و«إيران‮»‬،‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬أسفرت‭ ‬غارة‭ ‬جوية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬أبريل‭ ‬2024‭ ‬على‭ ‬القنصلية‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬‮«‬دمشق‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬عدة‭ ‬أشخاص‭ -‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬رضا‭ ‬زاهدي‮»‬‭ ‬القائد‭ ‬في‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭- ‬والتي‭ ‬وصفها‭ ‬‮«‬رالف‭ ‬جوف‮»‬،‭ ‬المسؤول‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬وكالة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬المركزية،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬متهورة‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬يصدق‮»‬،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاستهداف‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬‮«‬الوضع‭ ‬بشكل‭ ‬خطير‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬لن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬كارثة‭ ‬على‭ ‬التوازن‭ ‬الحساس‭ ‬للغاية‭ ‬بالفعل‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي؛‭ ‬لكنه‭ ‬قد‭ ‬يجر‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬الأخرى‭ ‬إلى‭ ‬اشتباكات‭ ‬أكثر‭ ‬تكلفة‭. ‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬توسيع‭ ‬إسرائيل‭ ‬نطاق‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬العنيفة‭ ‬خارج‭ ‬حدودها،‭ ‬مستهدفة‭ ‬القادة‭ ‬الإيرانيين‭ ‬البارزين‭ ‬وكبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬من‭ ‬وكلائهم‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط؛‭ ‬وصف‭ ‬‮«‬جرامر‮»‬،‭ ‬هجوم‭ ‬دمشق‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬أحدث‭ ‬عملية‮»‬‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التكتيكات‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬أوضح‭ ‬اختلاف‭ ‬هذه‭ ‬الضربة‭ ‬عن‭ ‬سابقتها‭ ‬بسبب‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬استهدافهم‭ -‬قائد‭ ‬في‭ ‬فيلق‭ ‬القدس‭ ‬التابع‭ ‬للحرس‭ ‬الثوري‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬وسوريا‭ -‬ومكان‭ ‬حدوثها‭ ‬في‭ ‬منشأة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬في‭ ‬عاصمة‭ ‬مجاورة‭. ‬وعليه،‭ ‬رأى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬موجة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬العنف،‭ ‬ومزيد‭ ‬من‭ ‬التصعيد‮»‬‭. ‬

وفي‭ ‬هذ‭ ‬الصدد،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬ستيفن‭ ‬إيرلانجر‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬دمشق،‭ ‬هي‭ ‬‮«‬أهم‭ ‬عملية‭ ‬اغتيال‭ ‬لزعيم‭ ‬إيراني‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‮»‬،‭ ‬وأشار‭ ‬‮«‬تشارلز‭ ‬ليستر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬مكانة‭ ‬زاهدي‭ ‬البارزة‭ ‬لدى‭ ‬السلطة،‭ ‬باعتباره‭ ‬‮«‬الرجل‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬يفعله‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري،‭ ‬وفيلق‭ ‬القدس‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬ولبنان‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬شخصية‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬إيران‭ ‬الإقليمية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬علي‭ ‬فايز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬أكد‭ ‬أيضًا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أحد‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استبداله‭ ‬في‭ ‬إيران‮»‬،‭ ‬مستشهدًا‭ ‬باغتيال‭ ‬أمريكا‭ ‬لقائد‭ ‬فيلق‭ ‬القدس،‭ ‬‮«‬قاسم‭ ‬سليماني‮»‬‭ ‬عام‭ ‬2020‭. ‬

وكما‭ ‬قالت‭ ‬‮«‬سوزان‭ ‬مالوني‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬بروكينجز‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬أحد‭ ‬الدروس‮»‬‭ ‬المستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحلقة‮»‬،‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬حتى‭ ‬لو‭ ‬قمت‭ ‬باغتيال‭ ‬شخص‭ ‬نافذ؛‭ ‬فإن‭ ‬الشبكة‭ ‬وتتابع‭ ‬الأشخاص‭ ‬عبر‭ ‬تعاون‭ ‬طهران‭ ‬مع‭ ‬وكلائها،‭ ‬سيستمر‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‮»‬‭. ‬وبالتالي،‭ ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬استهداف‭ ‬إسرائيل‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬المسؤول‭ ‬العسكري‭ ‬البارز‭ ‬‮«‬أمر‭ ‬مهم‮»‬،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬هوية‭ ‬الشخص،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المدى‭ ‬الذي‭ ‬سيقلل‭ ‬به‭ ‬هذا‭ ‬فعليًا‭ ‬من‭ ‬نفوذ‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬لبنان‭ ‬وسوريا؛‭ ‬يبقى‭ ‬‮«‬محدودا‮»‬‭.‬

وبصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬هوية‭ ‬الأشخاص‭ ‬المستهدفين،‭ ‬تم‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬قيام‭ ‬إسرائيل‭ ‬بضرب‭ ‬منشأة‭ ‬دبلوماسية،‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬ذي‭ ‬مغزى‭ ‬استفزازي‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬إشارة‭ ‬‮«‬داليا‭ ‬داسا‭ ‬كاي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬بيركل‭ ‬للعلاقات‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المنشآت‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬يُنظر‭ ‬إليها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬مساحات‭ ‬وطنية‭ ‬وسيادية‭ ‬محمية‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬الهجوم‭ ‬عليها‭ ‬يشبه‭ ‬‮«‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬نفسها‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬رأت‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬قد‭ ‬‮«‬تغير‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبة‮»‬‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬والحرب‭ ‬غير‭ ‬المعلنة‭ ‬التي‭ ‬تخوضها‭ ‬إيران‭.‬

وعند‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬الضربة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬فإن‭ ‬الحقائق‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬‮«‬تعثر‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬بغزة‮»‬،‭ ‬و«فشلها‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حماس‭ ‬عسكريًا‮»‬‭ -‬كما‭ ‬ادعت‭- ‬و«تدمير‭ ‬مصداقيتها‮»‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬مُني‭ ‬به‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬إخفاقات‭ ‬سياسية‭ ‬شخصية؛‭ ‬كلها‭ ‬أسباب‭ ‬مهمة‭ ‬للقيام‭ ‬بهذا‭ ‬التصعيد‭. ‬ويُلقى‭ ‬على‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬باللوم‭ ‬في‭ ‬الفشل‭ ‬الاستخباراتي‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭. ‬ورأت‭ ‬‮«‬سانام‭ ‬فاكيل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الضربة‭ ‬ضد‭ ‬دمشق‭ ‬كانت‭ ‬تهدف‭ ‬جزئيا‭ ‬إلى‭ ‬استعادة‭ ‬سمعته،‭ ‬بعد‭ ‬فشله‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭. ‬ولعل‭ ‬تلك‭ ‬الأحداث‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬جعلت‭ ‬15%‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬بقائه‭ ‬في‭ ‬منصبه‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب،‭ ‬فيما‭ ‬انضم‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬المؤيدون‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬الدعوات‭ ‬العامة‭ ‬لإنهاء‭ ‬رئاسته‭. ‬

وفي‭ ‬تقييم‭ ‬‮«‬جون‭ ‬ساورز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جهاز‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطاني‮»‬‭ ‬‮«‬ام‭ ‬آي‭ ‬6‮»‬،‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تعتقد‭ ‬إسرائيل‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬كبار‭ ‬القادة،‭ ‬يمكنها‭ ‬تقويض‭ ‬خط‭ ‬السيطرة‭ ‬بين‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬ووكلائها،‭ ‬ولكن‭ ‬لكون‭ ‬إيران‭ ‬وحزب‭ ‬الله،‭ ‬‮«‬حريصين‭ ‬للغاية‮»‬‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬الانجرار‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فقد‭ ‬اعتبر‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬وحكومته‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬علامة‭ ‬ضعف‮»‬،‭ ‬و«دليلا‮»‬،‭ ‬يمنح‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬فرصة‭ ‬لتكون‭ ‬أكثر‭ ‬عدوانية‭ ‬في‭ ‬عملياتها‭ ‬الخاصة‭.‬

ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬استخدام‭ ‬إسرائيل‭ ‬للغارات‭ ‬الجوية‭ ‬له‭ ‬عواقب‭ ‬أوسع‭ ‬نطاقًا‭. ‬وحذر‭ ‬المراقبون‭ ‬الغربيون‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬الجسيمة‭ ‬للتصعيد‭ ‬الراهن،‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تنتج‭ ‬عن‭ ‬رد‭ ‬إيراني‭ ‬غير‭ ‬متوقع‭. ‬وعند‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الهجوم‭ ‬استهدف‭ ‬سفارتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬فاكيل‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬سيكون‭ ‬من‭ ‬‮«‬الصعب‮»‬‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬تجاهل‮»‬‭ ‬هذا‭ ‬الاستفزاز‭.‬وبينما‭ ‬علق‭ ‬‮«‬إيرلانجر‮»‬،‭ ‬بأنها‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل»؛‭ ‬فقد‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬ليستر‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬دمشق‭ ‬سيتبعه‭ ‬‮«‬رد‭ ‬فعل‭ ‬إيراني‭ ‬قوي‮»‬،‭ ‬رغم‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التكهن‭ ‬ما‭ ‬يتطلبه‭ ‬هذا‭ ‬الرد،‭ ‬وشكله‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬جرامر‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬‮«‬قائمة‭ ‬الخيارات‮»‬‭ ‬المتاحة،‭ ‬توجيه‭ ‬‮«‬ضربات‭ ‬مضادة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‮»‬،‭ ‬ضد‭ ‬منشآت‭ ‬استخباراتية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬أو‭ ‬زيادة‭ ‬الهجمات‭ ‬ضد‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬شن‭ ‬‮«‬ضربة‭ ‬صاروخية‭ ‬إيرانية‭ ‬مباشرة‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬احتمال‭ ‬تحرك‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬أمر‭ ‬مؤكد‭ ‬ومسلم‭ ‬به؛‭ ‬حيث‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬إيرلانجر‮»‬،‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تأخذ‭ ‬وقتها‮»‬،‭ ‬وترد‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬ضعف‭ ‬إسرائيلية‭ ‬أكبر‭. ‬وبالمثل،‭ ‬اعترفت‭ ‬‮«‬فاكيل‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬حربا‭ ‬إقليمية‮»‬،‭ ‬وستنتظر‭ ‬الفرصة‭ ‬للرد،‭ ‬لاسيما‭ ‬وأنها‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬صراعها‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬سيستمر‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أشارت‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الإيكونوميست‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬لديهم‭ ‬‮«‬فرصة‭ ‬نادرة‭ ‬لإلحاق‭ ‬الضرر‭ ‬بوكلاء‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المنطقة‮»‬،‭ ‬وأنهم‭ ‬تشجعوا‭ ‬بالاعتقاد‭ ‬بأن‭ ‬طهران‭ ‬ستكون‭ ‬‮«‬متوترة‭ ‬بشأن‭ ‬التورط‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬أوسع‭ ‬نطاقا،‭ ‬فإنه‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أية‭ ‬ضمانة‭ ‬للنتائج‭ ‬المستقبلية‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬‮«‬المنطقة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬أكثر‭ ‬فوضوية‮»‬‭ ‬بصورة‭ ‬مباشرة،‭ ‬بسبب‭ ‬الهجمات‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

ومع‭ ‬احتمال‭ ‬نشوء‭ ‬صراع‭ ‬إقليمي‭ ‬أوسع‭ ‬نطاقا‭ ‬بسبب‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬جيرانها،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬دراسة‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬تلعبه‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬واستغلال‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭. ‬وبينما‭ ‬كانت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬تتناول‭ ‬بشكل‭ ‬مكثف‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأخيرة‭ ‬كيفية‭ ‬تعامل‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬بـ«صرامة‮»‬‭ ‬مع‭ ‬نتنياهو‭ ‬بسبب‭ ‬استيائه‭ ‬من‭ ‬استمرار‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الستة‭ ‬الماضية،‭ ‬فإن‭ ‬سياسات‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬رغبتها‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬ترددها‭ ‬في‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬لوقف‭ ‬عدوانها‭ ‬على‭ ‬القطاع‭. ‬

ولعل‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬تضغط‭ ‬على‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬للموافقة‭ ‬على‭ ‬بيع‭ ‬طائرات‭ ‬مقاتلة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬إف‭-‬15‭ ‬بقيمة‭ ‬18‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وكذلك‭ ‬مسألة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬صرح‭ ‬بـ«عدم‭ ‬تورطه‮»‬‭ ‬في‭ ‬الضربة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬دمشق،‭ ‬و«عدم‭ ‬علمه‭ ‬بها‭ ‬مسبقًا‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬يعدا‭ ‬‮«‬انعكاسًا‮»‬،‭ ‬لتجنب‭ ‬التصعيد‭ ‬الإقليمي،‭ ‬بل‭ ‬يدل‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تهتم‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬بإبلاغ‭ ‬حليفتها‭ ‬الأساسية‭ ‬بملامح‭ ‬أعمالها‭ ‬العسكرية‭ ‬العدوانية‭ ‬التي‭ ‬ستؤثر‭ ‬حتما‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬أشار‭ ‬المراقبون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬افتقار‭ ‬الأمريكيين‭ ‬إلى‭ ‬القيادة‭ ‬والسيطرة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬التصعيد‭ ‬الإقليمي‭ ‬بين‭ ‬‮«‬إيران‮»‬،‭ ‬و‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬سيؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬مصالحهم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬ومع‭ ‬توضيح‭ ‬‮«‬ليستر‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬رد‭ ‬إيران‭ ‬التقليدي‭ ‬على‭ ‬الضربات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التصعيدية‮»‬،‭ ‬كان‭ ‬‮«‬ضرب‭ ‬الأمريكيين‮»‬،‭ ‬وليس‭ ‬إسرائيل‭ ‬نفسها،‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬تعتبرهم‭ ‬‮«‬نفس‭ ‬الشيء‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬‮«‬جوف‮»‬،‭ ‬تشبيهًا‭ ‬لذلك‭ ‬بأن‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬يحررون‭ ‬شيكات‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬قوات‭ ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬الأمريكية‭ ‬صرفها‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬لا‭ ‬تُظهر‭ ‬أي‭ ‬علامة‭ ‬على‭ ‬نهايتها‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬إصدار‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬بالوقف‭ ‬الفوري‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استبعاد‭ ‬استمرار‭ ‬العنف‭ ‬والتصعيد‭ ‬الإقليمي‭ ‬طوال‭ ‬الفترة‭ ‬المتبقية‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2024‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬تكتسب‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬المقبلة‭ ‬‮«‬أهمية‭ ‬متزايدة‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬وأن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬لطالما‭ ‬تفاخر‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لديها‭ ‬‮«‬صديق‭ ‬أفضل‮»‬‭ ‬منه‭ ‬بالمكتب‭ ‬البيضاوي،‭ ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬دعوته‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬شن‭ ‬حملة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬‮«‬الضغوط‭ ‬والعقوبات‭ ‬القصوى‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬إيران،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬بلغت‭ ‬ذروتها‭ ‬باغتيال‭ ‬الجنرال‭ ‬‮«‬سليماني‮»‬،‭ ‬ولعل‭ ‬عودته‭ ‬المحتملة‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬ستشجع‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الخارجية‭ ‬مع‭ ‬توقع‭ ‬دعم‭ ‬أمريكي‭ ‬أكبر‭ ‬ضد‭ ‬طهران‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬تمت‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الغارة‭ ‬الجوية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬مجمع‭ ‬السفارة‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬باعتبارها‭ ‬‮«‬خطوة‭ ‬تصعيدية‮»‬،‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬تضع‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بأكمله‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬شفا‭ ‬صراع‭ ‬أوسع‭ ‬نطاقا‭. ‬وبينما‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬فاكيل‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬يأمل‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬إلى‭ ‬استعادة‭ ‬مصداقيته‭ ‬بين‭ ‬الناخبين؛‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬جوف‮»‬،‭ ‬على‭ ‬مخاطر‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الاستفزاز،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬مع‭ ‬اقتناع‭ ‬‮«‬ليستر‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬شكلاً‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الرد‭ ‬العنيف‭ ‬سيصدر‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬يعتبر‭ ‬موجها‭ ‬ضدها‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭.‬

وفي‭ ‬الأخير،‭ ‬أجمع‭ ‬المراقبون‭ ‬على‭ ‬افتقار‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬فن‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬والقيادة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬حيث‭ ‬يؤكد‭ ‬عدم‭ ‬العلم‭ ‬الواضح‭ ‬بهذا‭ ‬الهجوم‭ ‬حقيقة‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬لتجنب‭ ‬أي‭ ‬تصعيد،‭ ‬ومنع‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬تدهور‭ ‬حالة‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭. ‬ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬حذر‭ ‬‮«‬ليستر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬مخاطر‭ ‬‮«‬التقديرات‭ ‬والحسابات‭ ‬الخاطئة‮»‬‭ ‬من‭ ‬كلا‭ ‬الطرفين‭ ‬أصبحت‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬ذي‭ ‬قبل‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬تزايد‭ ‬فرص‭ ‬عودة‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬يجب‭ ‬الاعتراف‭ ‬باحتمال‭ ‬توقع‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التصعيد‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا