العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

لماذا فشلت الاستراتيجيات العسكرية والسياسية الإسرائيلية في حرب غزة؟

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الجمعة ٠٥ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬أعقاب‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر2023؛‭ ‬كتب‭ ‬‮«‬لورانس‭ ‬فريدمان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬كلية‭ ‬كينجز‭ ‬لندن‮»‬،‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الصراع‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬فن‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬مواءمة‭ ‬الأهداف‭ ‬السياسية،‭ ‬مع‭ ‬الوسائل‭ ‬العسكرية‮»‬،‭ ‬وأنه‭ ‬‮«‬مهما‭ ‬بلغت‭ ‬كفاءة‭ ‬الأخيرة‭ ‬وبراعة‭ ‬تكتيكاتها،‭ ‬فإذا‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬أهدافها‭ ‬المرجوة،‭ ‬فإنه‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬‮«‬إيجاد‭ ‬وسائل‭ ‬أخرى‮»‬،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الإحباط،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬النتائج‭ ‬الأسوأ‭. ‬وفي‭ ‬الأشهر‭ ‬الستة‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬قصفًا‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وغزوًا‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬فإن‭ ‬الوضع‭ ‬القاتم‭ ‬الحالي،‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬قادت‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬نفسها‭ ‬نحوه‭.‬

وفي‭ ‬مارس‭ ‬2024،‭ ‬كتب‭ ‬‮«‬أندرو‭ ‬إكسوم‮»‬‭ ‬‭ ‬نائب‭ ‬مساعد‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكي‭ ‬لسياسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2015‭ ‬و2017‭ ‬‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬ذي‭ ‬أتلانتيك‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬‮«‬تفتقد‭ ‬استراتيجية‭ ‬عسكرية‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬حماس‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬استراتيجية‭ ‬سياسية‭ ‬للتعايش‭ ‬مع‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‮»‬‭. ‬وهي‭ ‬مشكلة‭ ‬رصدها‭ ‬المراقبون‭ ‬الغربيون‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر؛‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬أن‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬كانت‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬انتقام‭ ‬عنيف‮»‬،‭ ‬من‭ ‬الإذلال‭ ‬الذي‭ ‬تعرضوا‭ ‬له‭ ‬عندما‭ ‬فوجئوا‭ ‬بالهجوم‭ ‬غير‭ ‬المتوقع،‭ ‬بحرا،‭ ‬وبرا،‭ ‬وجوا،‭ ‬وكذب‭ ‬ادعاءاتهم‭ ‬حول‭ ‬قوة‭ ‬استخباراتهم‭.‬‮ ‬‭ ‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬يهدد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬بشن‭ ‬هجوم‭ ‬عسكري‭ ‬شامل‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬رفح،‭ ‬التي‭ ‬يقطنها‭ ‬حاليا‭ ‬نحو‭ ‬1,5‭ ‬مليون‭ ‬فلسطيني‭ ‬نازح،‭ ‬جراء‭ ‬ما‭ ‬لحق‭ ‬من‭ ‬دمار‭ ‬ببقية‭ ‬قطاع‭ ‬غزة؛‭ ‬فلا‭ ‬يُمكن‭ ‬إنكار‭ ‬الفشل‭ ‬المشترك‭ ‬للاستراتيجيات‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬

وفي‭ ‬بداية‭ ‬الاجتياح‭ ‬البري‭ ‬للقطاع،‭ ‬حذر‭ ‬خبراء‭ ‬الأمن‭ ‬الغربيون،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬جون‭ ‬ألترمان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‮»‬،‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬الحرب،‭ ‬فمع‭ ‬تفوق‭ ‬أسلحة‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬قد‭ ‬يخسر‭ ‬معركته‭ ‬ضد‭ ‬حماس‮»‬‭. ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬6‭ ‬أشهر‭ ‬تقريبًا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التحذير،‭ ‬فشلت‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬قدرات‭ ‬حماس‭ ‬العسكرية‭ -‬كما‭ ‬تعهد‭ ‬قادتها‭ ‬‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬المراقبين‭ ‬الغربيين‭ ‬أكدوا‭ ‬عدم‭ ‬إمكانية‭ ‬تصفية‭ ‬الحركة‭ ‬سياسيا‭ ‬عبر‭ ‬القوة؛‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬شائعا‭ ‬ومقبولا‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬وكالات‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬السياسي‭.‬

ومع‭ ‬تصاعد‭ ‬التوتر‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬نتيجة‭ ‬للحروب‭ ‬الدائرة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان،‭ ‬أثار‭ ‬‮«‬إكسوم‮»‬،‭ ‬تساؤلًا‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬والاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬لغزة،‭ ‬قد‭ ‬جعلها‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬أمنًا‮»‬؟‭ ‬وترتبط‭ ‬الإخفاقات‭ ‬العسكرية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬داخل‭ ‬غزة،‭ ‬‮«‬ارتباطا‭ ‬وثيقا‮»‬،‭ ‬بإخفاقاتها‭ ‬السياسية‭ ‬الأوسع‭. ‬ورأى‭ ‬‮«‬دانييل‭ ‬ليفي‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬‮«‬مشروع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭/‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬البحثي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬‮«‬تدفقت‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬بخطة‭ ‬معركة،‭ ‬وليس‭ ‬بخطة‭ ‬حرب‭ ‬واضحة‭ ‬لما‭ ‬بعد‭ ‬الغزو‮»‬‭. ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬الأولى،‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إنها‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬هزيمة‭ ‬حماس‭ ‬عسكريا‭. ‬وعلق‭ ‬‮«‬بول‭ ‬روجرز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬برادفورد‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬تخسر‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬حماس‮»‬،‭ ‬بسبب‭ ‬فشلها‭ ‬في‭ ‬‮«‬عقيدة‭ ‬القوة‭ ‬الغاشمة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تتبعها،‭ ‬وذلك‭ ‬كون‭ ‬ما‭ ‬تتبناه‭ ‬الحركة‭ ‬من‭ ‬أفكار،‭ ‬ليس‭ ‬بالمقدور‭ ‬هزيمته‭ ‬بالقوة‭ ‬العسكرية‮»‬‭. ‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬آرون‭ ‬ميلر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬كارنيجي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬و«ستيفن‭ ‬سايمون‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬واشنطن‮»‬،‭ ‬عدم‭ ‬توافر‭ ‬دليل‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬تضاؤل‭ ‬‮«‬قدرة‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬داخل‭ ‬غزة‭ ‬وخارجها،‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‮»‬‭. ‬ووفقاً‭ ‬لـ«دينيس‭ ‬روس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لسياسات‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الاستنتاج‭ ‬الذي‭ ‬أقرت‭ ‬به‭ ‬وكالات‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الآن‭ ‬أيضا،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬استمرار‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬بالبلاد‭ ‬في‭ ‬إنكار‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‮»‬‭.‬

وتحيلنا‭ ‬هذه‭ ‬التقييمات‭ ‬للتحذيرات‭ ‬المبكرة‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬‮«‬ألترمان‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬قد‭ ‬تخسر‮»‬‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حماس‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬‮«‬القوة‭ ‬فقط‭ ‬لهزيمة‭ ‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬لكنها‭ ‬معنية‭ ‬بإبعادها‭ ‬عن‭ ‬شركائها‭ ‬الدوليين‮»‬،‭ ‬وتحويلها‭ ‬‮«‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬منبوذة‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬إكسوم‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يواجهه‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬من‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬تصميم‭ ‬وتنفيذ‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحملة‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬‮«‬القتال‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الكثيفة‭ ‬سكانيًا‭ ‬صعب‭ ‬للغاية‭ ‬حتى‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الوحدات‭ ‬الأفضل‭ ‬تدريباً‮»‬‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬فشل‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬قبول‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬حماس‭ ‬أصبحت‭ ‬تجسيدا‭ ‬للنموذج‭ ‬السياسي،‭ ‬ومقاومة‭ ‬الاحتلال‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية؛‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬إكسوم‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬تصريح‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬‮«‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تُولي‭ ‬أولوية‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬المدنيين‮»‬،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬‮«‬تداعيات‭ ‬أخلاقية‮»‬،‭ ‬تقوض‭ ‬أمنها‭. ‬وكامتداد‭ ‬لعقود‭ ‬من‭ ‬العداء‭ ‬والقمع‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬تعمدت‭ ‬قصف‭ ‬المناطق‭ ‬المدنية‭ ‬ذات‭ ‬الكثافة‭ ‬السكانية‭ ‬العالية،‭ ‬وفرض‭ ‬قيود‭ ‬شديدة‭ ‬على‭ ‬تدفق‭ ‬المساعدات‭ ‬التي‭ ‬تشتد‭ ‬الحاجة‭ ‬إليها،‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬إعلان‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬برنامج‭ ‬الغذاء‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬و«منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‮»‬،‭ ‬‮«‬مجاعة‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬الإنسان‮»‬،‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬نصف‭ ‬السكان‭ ‬على‭ ‬الأقل‭.‬

وفي‭ ‬تقييمه،‭ ‬فإن‭ ‬تاريخها‭ ‬بالأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬كقوة‭ ‬احتلال،‭ ‬قد‭ ‬‮«‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تزايد‭ ‬جبروتها‭ ‬وممارستها‭ ‬القوة‭ ‬المميتة‭ ‬بشكل‭ ‬لافت‭ ‬للنظر‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين،‭ ‬وتدل‭ ‬مقاطع‭ ‬الفيديو‭ ‬المتداولة‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬العالمية‭ ‬للجنود‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬وهم‭ ‬يضحكون‭ ‬ويمزحون‭ ‬وسط‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬لغزة،‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬تركوها‭ ‬‮«‬معزولة‭ ‬دوليا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬توثيق‭ ‬‮«‬روس‮»‬،‭ ‬لكيفية‭ ‬‮«‬تسبب‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬صدمة‭ ‬عميقة‭ ‬للفلسطينيين‮»‬،‭ ‬وتسليط‭ ‬‮«‬إكسوم‮»‬،‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تدمير‭ ‬سبل‭ ‬عيشهم،‭ ‬‮«‬سيؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬وسلبي‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬المستقبل»؛‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬ميلر‮»‬،‭ ‬و«سايمون‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ازدياد‭ ‬مقاومة‭ ‬حماس‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منها‮»‬،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬سياسات‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الحالية،‭ ‬وسلوك‭ ‬جنود‭ ‬الاحتلال‭ ‬داخل‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬ومن‭ ‬ثم،ّ‭ ‬فإن‭ ‬إصرار‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬على‭ ‬شن‭ ‬هجوم‭ ‬عسكري‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬استمرار‭ ‬دائرة‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬والتي‭ ‬استمرت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬وسبعين‭ ‬عامًا‭. ‬وكما‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬إكسوم‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬الاستيلاءات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التاريخية‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬وحتى‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬وحملاتها‭ ‬الاستيطانية‭ ‬جعلت‭ ‬‮«‬مسألة‭ ‬الفصل‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬أمرًا‭ ‬شبه‭ ‬مستحيل‮»‬‭.‬

ونتيجة‭ ‬لحقيقة‭ ‬أن‭ ‬نهج‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬وحلفائه‭ ‬السياسيين‭ ‬نحو‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬لن‭ ‬يجعل‭ ‬إسرائيل‭ ‬أكثر‭ ‬أمنا،‭ ‬كتب‭ ‬‮«‬روس‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬أفيرز‮»‬،‭ ‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجية‭ ‬جديدة‮»‬،‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تنفيذ‭ ‬النصر‭ ‬الكامل‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬ممكن‮»‬‭. ‬وكجزء‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬قادتها‭ ‬‮«‬إدراك‭ ‬أنهم‭ ‬لن‭ ‬يتمكنوا‭ ‬أبدًا‭ ‬من‭ ‬استئصال‭ ‬حماس‭ ‬أو‭ ‬القضاء‭ ‬عليها‮»‬‭ ‬‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قصف‭ ‬غزة‭ ‬وقتل‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬‭ ‬وأنهم‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬منفتحين‭ ‬على‭ ‬‮«‬التعاون‭ ‬للدفع‭ ‬قدما‭ ‬بنهج‭ ‬دولي‭ ‬قوي‭ ‬لحل‭ ‬المشكلة‭ ‬من‭ ‬جذورها‭ ‬وإعادة‭ ‬الإعمار‮»‬‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بضرورة‭ ‬تغيير‭ ‬استراتيجية‭ ‬إسرائيل‭ ‬لتأمين‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬يرى‭ ‬‮«‬إكسوم‮»‬‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬ضروري‭ ‬ويحظى‭ ‬بدعم‭ ‬الأكاديميين‭ ‬الغربيين‭ ‬وخبراء‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬السياسيين‭ ‬المتشددين‭ ‬داخل‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬غير‭ ‬مقتنعين‭ ‬بذلك،‭ ‬واصفا‭ ‬الوضع‭ ‬الداخلي‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬محموم‮»‬‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬وحتى‭ ‬إذا‭ ‬تمت‭ ‬‮«‬الإطاحة‭ ‬بـنتنياهو‮»‬،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬إضعاف‭ ‬شوكة‭ ‬القوميين‭ ‬اليمينيين‭ ‬المتطرفين‭ ‬الذين‭ ‬أبقوه‭ ‬في‭ ‬السلطة‭. ‬ولهذا‭ ‬السبب،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ميلر‮»‬،‭ ‬و«سايمون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬رغم‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬90%‭ ‬من‭ ‬اليهود‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬تستخدم‭ ‬القدر‭ ‬المناسب‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬ضد‭ ‬حماس‮»‬،‭ ‬فإنهم‭ ‬يرون‭ ‬أيضا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬عليها‭ ‬استخدام‭ ‬المزيد‮»‬،‭ ‬وأنه‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬المحللين‭ ‬في‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬مستقبله‭ ‬السياسي،‭ ‬فإن‭ ‬نتنياهو‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬سيبقى‭ ‬في‭ ‬السلطة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬سيواصل‭ ‬الحرب‭ ‬بلا‭ ‬هوادة‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬فشل‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬حالة‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي،‭ ‬يثير‭ ‬التساؤل‭ ‬حول‭ ‬السبب‭ ‬وراء‭ ‬صمت‭ ‬حلفائها‭ ‬الغربيين‭ ‬‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬‭ ‬وعدم‭ ‬تدخلهم‭ ‬بشكل‭ ‬فعّال‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬إكسوم‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬المسئولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬غاضبون‭ ‬من‭ ‬تجاهل‭ ‬إسرائيل‭ ‬لحياة‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وأنهم‭ ‬وُضِعوا‭ ‬في‭ ‬‮«‬موقف‭ ‬محرج‭ ‬للغاية‮»‬،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عرقلت‭ ‬توصيل‭ ‬المساعدات‭ ‬إلى‭ ‬غزة،‭ ‬فاضطروا‭ ‬إلى‭ ‬توصيلها‭ ‬عبر‭ ‬البحر‭. ‬ورغم‭ ‬ذلك،‭ ‬ترفض‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬بشكل‭ ‬متكرر‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬غضب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬والإعراب‭ ‬علنا‭ ‬عن‭ ‬إدانة‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭. ‬

وأشار‭ ‬‮«‬ليفي‮»‬،‭ ‬و«كارون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬لديها‭ ‬قناعة‭ ‬مع‭ ‬حليفتها،‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬‮«‬العنف‭ ‬النابع‭ ‬من‭ ‬مجتمع‭ ‬مضطهد‭ ‬يمكن‭ ‬التغلب‭ ‬عليه‭ ‬بواسطة‭ ‬القوة‭ ‬الساحقة‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬‮«‬جونا‭ ‬بلانك‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬راند‮»‬،‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬يسمح‭ ‬له‭ ‬الآن‭ ‬باتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬أكثر‭ ‬صرامة‭ ‬تجاه‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقليص‭ ‬الدعم‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وقيود‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬والاقتصادي‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬والاعتراف‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطينية؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬لم‭ ‬يُظهر‭ ‬بعد‭ ‬استعداده‭ ‬لتحدي‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشكل‭ ‬جدي‮»‬‭. ‬

وبالتالي،‭ ‬يعد‭ ‬تعنت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تجاه‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬سياساتها‭ ‬العسكرية‭ ‬والسياسية‭ ‬قد‭ ‬تستمر،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الاعتراف‭ ‬بعيوبها‭ ‬ومخاطرها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬صناع‭ ‬السياسات‭ ‬والمراقبين‭. ‬وأشار‭ ‬منسق‭ ‬الإغاثة‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬‮«‬مارتن‭ ‬غريفيث‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬بالخجل‭ ‬جراء‭ ‬فشله‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬المجاعة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ومنع‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬تدمير‭ ‬واحتلال‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عسكريا‭. ‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬انتقادات‭ ‬‮«‬ليفي‮»‬،‭ ‬و«كارون‮»‬،‭ ‬لطريقة‭ ‬دعم‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬لآلة‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬التحذير‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬استراتيجية‭ ‬سياسية‭ ‬واضحة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬على‭ ‬غزة؛‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬قد‭ ‬يستمر‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2024‭. ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالداخل‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬يعتقد‭ ‬‮«‬إكسوم‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬قد‭ ‬تحتاج‭ ‬سنوات‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬عقودا‭ ‬لتظهر‭ ‬الشجاعة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تعنت‭ ‬اليمين‭ ‬الذي‭ ‬عزز‭ ‬قبضته‭ ‬على‭ ‬السلطة‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬رفض‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬فعالة‭ ‬لمحاسبتها،‭ ‬والتدخل‭ ‬لضمان‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬فقط‭ ‬مستقبلًا‭ ‬مظلمًا‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬بل‭ ‬يعني‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬لن‭ ‬يحققوا‭ ‬الأمن‭ ‬الذي‭ ‬وعد‭ ‬به‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬اليمينيين‭ ‬المتطرفين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حملة‭ ‬التدمير‭ ‬المتعمدة‭ ‬للقطاع‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا