العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تخبط السياسة الأمريكية يطيل أمد إبادة الفلسطينيين في غزة

بقلم: د. رمزي بارود {

الخميس ٠٤ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

عندما‭ ‬تكون‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬لدولة‭ ‬كبيرة‭ ‬ومهمة‭ ‬مثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬محكومة‭ ‬بحالة‭ ‬من‭ ‬التنافر‭ ‬المعرفي،‭ ‬فإن‭ ‬أشياء‭ ‬فظيعة‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬حينئذ‭ ‬ويكون‭ ‬لها‭ ‬تداعيات‭ ‬وخيمة‭ ‬وخطيرة‭.‬

وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬الفظيعة‭ ‬تحدث‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬اليوم،‭ ‬حيث‭ ‬قُتل‭ ‬أو‭ ‬جُرح‭ ‬أو‭ ‬فقد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100,000‭ ‬شخص،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المجاعة‭ ‬التامة‭ ‬تعصف‭ ‬حاليًا‭ ‬بالسكان‭ ‬النازحين‭ ‬الذين‭ ‬أصبحوا‭ ‬فريسة‭ ‬للجوع‭.‬

منذ‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023م،‭ ‬أساءت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الوضع،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬التقارير‭ ‬الأخيرة‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كبر‭ ‬سنه،‭ ‬قرأ‭ ‬المعنى‭ ‬الإجمالي‭ ‬لأحداث‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح‭.‬

ووفقاً‭ ‬لموقع‭ ‬أكسيوس‭ ‬الإخباري،‭ ‬قال‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬مع‭ ‬المستشار‭ ‬الخاص‭ ‬روبرت‭ ‬هور،‭ ‬في‭ ‬8‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭ ‬إن‭ ‬‮«‬الشيء‭ ‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬‭ ‬هجوم‭ ‬حماس‭ ‬والحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬‭ ‬‮«‬قد‭ ‬غيّر‭ ‬كل‭ ‬شيء‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬عبارة‭ ‬‮«‬غير‭ ‬كل‭ ‬شيء‮»‬،‭ ‬كان‭ ‬بايدن‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬نتائج‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬مجتمعة‭ ‬‮«‬ستحدد‭ ‬كيف‭ ‬ستبدو‭ ‬العقود‭ ‬الستة‭ ‬أو‭ ‬السبعة‭ ‬المقبلة‮»‬‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬أيضا‭.‬

إن‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬ليس‭ ‬مخطئا‭. ‬وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬وحكومته‭ ‬ومجلس‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬قراءة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬مماثلة‭ ‬لأهمية‭ ‬الأحداث‭ ‬‮«‬التي‭ ‬تغير‭ ‬العالم‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬أثبت‭ ‬نتنياهو‭ ‬استعداده‭ ‬لتنفيذ‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬وتجويع‭ ‬ملايين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يشعر‭ ‬أن‭ ‬القوة‭ ‬النارية‭ ‬المتفوقة‭ ‬للجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬عقارب‭ ‬الساعة‭ ‬إلى‭ ‬الوراء،‭ ‬واستعادة‭ ‬مكانة‭ ‬إسرائيل‭ ‬العسكرية‭ ‬ونفوذها‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬ومكانتها‭ ‬العالمية‭.‬

إنه‭ ‬مخطئ‭. ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬ظلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬خمسة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬والقتل‭ ‬غير‭ ‬المبرر‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تثبت‭ ‬هذا‭ ‬الادعاء‭.‬

لكن‭ ‬المقامرة‭ ‬السياسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والتداعيات‭ ‬العالمية‭ ‬لسياسة‭ ‬واشنطن‭ ‬الخارجية‭ ‬الانهزامية‭ ‬تبدو‭ ‬أقل‭ ‬منطقية‭ ‬بكثير‭.‬

وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬واشنطن‭ ‬التاريخي‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬فإن‭ ‬سلوك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مفاجئاً‭.‬

وسرعان‭ ‬ما‭ ‬حشدت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬خلف‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬الحربية،‭ ‬وأرسلت‭ ‬حاملات‭ ‬طائرات‭ ‬إلى‭ ‬شرق‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط،‭ ‬مما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مستعدة‭ ‬لصراع‭ ‬إقليمي‭ ‬كبير‭.‬

وبدأت‭ ‬التقارير‭ ‬الإعلامية‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬تورط‭ ‬عسكري‭ ‬أمريكي،‭ ‬وتحديداً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قوة‭ ‬دلتا،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬البنتاغون‭ ‬ادعى‭ ‬أن‭ ‬الألفي‭ ‬جندي‭ ‬أمريكي‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬نشرهم‭ ‬للقتال‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬نفسها‭.‬

إذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كانت‭ ‬شريكاً‭ ‬مباشراً‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬فإن‭ ‬التقارير‭ ‬الإعلامية‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قد‭ ‬أزالت‭ ‬أي‭ ‬شك‭. ‬في‭ ‬يوم‭ ‬6‭ ‬مارس،‭ ‬ذكرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وافقت‭ ‬بهدوء‭ ‬وسلمت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬شحنة‭ ‬من‭ ‬المبيعات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأجنبية‭ ‬المنفصلة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬حرب‭ ‬غزة‮»‬‭.‬

ولكن‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت،‭ ‬أصبحت‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بغزة‭ ‬أكثر‭ ‬إرباكاً‭ ‬وارتباكا‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬شكك‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية،‭ ‬في‭ ‬تقديرات‭ ‬عدد‭ ‬القتلى‭ ‬التي‭ ‬أصدرتها‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فإن‭ ‬عدد‭ ‬الضحايا‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬موضع‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭.‬

عندما‭ ‬سُئل‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكي‭ ‬لويد‭ ‬أوستن‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬فبراير‭ ‬الماضي‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬الذين‭ ‬قتلتهم‭ ‬إسرائيل‭ ‬خلال‭ ‬الحرب،‭ ‬أجاب‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تردد‭: ‬‮«‬إنه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬ألفاً‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الأرقام‭ ‬في‭ ‬تصاعد‭ ‬مستمر،‭ ‬وكذلك‭ ‬شحنات‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭. ‬‮«‬نحن‭ ‬نواصل‭ ‬دعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬احتياجاتها‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‭. ‬وقال‭ ‬جون‭ ‬كيربي،‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬لشبكة‭ ‬أي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬نيوز‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬14‭ ‬مارس‭ ‬‮«‬هذا‭ ‬لن‭ ‬يتغير‮»‬‭.‬

وهذا‭ ‬التصريح‭ ‬بالذات‭ ‬يستحق‭ ‬وقفة،‭ ‬لأنه‭ ‬جاء‭ ‬بعد‭ ‬تسريبات‭ ‬إعلامية‭ ‬عديدة‭ ‬بشأن‭ ‬إحباط‭ ‬بايدن،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬غضبه‭ ‬الصريح‭ ‬من‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬يتعامل‭ ‬بها‭ ‬نتنياهو‭ ‬مع‭ ‬الحرب‭.‬

وذكرت‭ ‬قناة‭ ‬أي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬نيوز‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬فبراير‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬كان‭ ‬‮«‬ينفس‭ ‬عن‭ ‬إحباطه‮»‬‭ ‬بسبب‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬إدارته‭ ‬على‭ ‬إقناع‭ ‬إسرائيل‭ ‬بتغيير‭ ‬تكتيكاتها‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬‭. ‬ونقلت‭ ‬الصحيفة‭ ‬عن‭ ‬بايدن‭ ‬قوله‭ ‬إن‭ ‬نتنياهو‭ ‬‮«‬يسبب‭ ‬له‭ ‬الجحيم‮»‬‭.‬

ويتسق‭ ‬هذا‭ ‬مع‭ ‬تقارير‭ ‬أخرى‭ ‬حديثة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تقرير‭ ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬بوليتيكو،‭ ‬يزعم‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬‮«‬وصف‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بأنه‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬الرجل‭ ‬السيئ‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬أيضًا‭ ‬بسبب‭ ‬موقفه‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يظل‭ ‬نتنياهو‭ ‬أكثر‭ ‬جرأة‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬ظهر‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬قناة‭ ‬فوكس‭ ‬نيوز‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬11‭ ‬مارس،‭ ‬وهو‭ ‬يتحدث‭ ‬صراحة‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الخلافات‮»‬،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بين‭ ‬حكومتي‭ ‬بايدن‭ ‬ونتنياهو،‭ ‬بل‭ ‬بين‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬والشعب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بأكمله‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬الواضح‭ ‬بشكل‭ ‬صارخ‭ ‬أنه‭ ‬لولا‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬الأمريكي‭ ‬المستمر‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الدعم،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لتتمكن‭ ‬من‭ ‬مواصلة‭ ‬حربها‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬بضعة‭ ‬أسابيع،‭ ‬وبالتالي‭ ‬إنقاذ‭ ‬حياة‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الناس‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬كانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بمثابة‭ ‬طليعة‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬حكومات‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تطالب‭ ‬يوميا‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الفوري‭ ‬وغير‭ ‬المشروط‭ ‬في‭ ‬القطاع‭. ‬ولولا‭ ‬الفيتو‭ ‬الأمريكي‭ ‬المتكرر‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬لكان‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬إقرار‭ ‬قرار‭ ‬يطالب‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬غير‭ ‬المشروط،‭ ‬فإن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تجنب‭ ‬صراع‭ ‬إقليمي‭ ‬أوسع‭ ‬نطاقا،‭ ‬والذي‭ ‬يهدد‭ ‬بالفعل‭ ‬مكانتها‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

ولذلك،‭ ‬يريد‭ ‬بايدن‭ ‬استعادة‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجديد‭ ‬المناقشات‭ ‬‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التزام‭ ‬بعمل‭ ‬حقيقي‭ ‬‭ ‬حول‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬ومستقبل‭ ‬غزة‭.‬

وقد‭ ‬بدا‭ ‬واضحا‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬غير‭ ‬مهتم‭ ‬بهذه‭ ‬الأمور‭ ‬لأن‭ ‬أعظم‭ ‬إنجاز‭ ‬سياسي‭ ‬له،‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬ناخبيه‭ ‬اليمينيين،‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬جمد‭ ‬تماما‭ ‬أي‭ ‬نقاش‭ ‬حول‭ ‬الأفق‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬نتنياهو،‭ ‬فإن‭ ‬خسارة‭ ‬الحرب‭ ‬تعني‭ ‬العودة‭ ‬غير‭ ‬الرسمية‭ ‬إلى‭ ‬الإطار‭ ‬السياسي‭ ‬الأمريكي‭ ‬القديم‭ ‬لما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬السلام‮»‬‭.‬

ويدرك‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المحاصر‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬سيشكل‭ ‬نهاية‭ ‬لائتلافه‭ ‬الحكومي،‭ ‬الذي‭ ‬يدعمه‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬متطرفون‭ ‬يمينيون‭ ‬مثل‭ ‬إيتامار‭ ‬بن‭ ‬جفير‭ ‬وبتسلئيل‭ ‬سموتريتش‭. ‬ولتحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬تخدم‭ ‬مصالحه‭ ‬الذاتية،‭ ‬فإن‭ ‬نتنياهو‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لتحمل‭ ‬حرب‭ ‬خاسرة‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬‮«‬فقد‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬نتنياهو‭ ‬تمامًا‮»‬،‭ ‬وفقًا‭ ‬لوكالة‭ ‬أسوشيتد‭ ‬برس،‭ ‬فإنه‭ ‬يواصل‭ ‬دعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التشكيك‭ ‬علنًا‭ ‬في‭ ‬النتائج‭ ‬الكارثية‭ ‬للحرب،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أمريكا‭ ‬نفسها‭.‬

ويجب‭ ‬على‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬وخاصة‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬ينتمون‭ ‬إلى‭ ‬حزب‭ ‬بايدن‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬أن‭ ‬يستمروا‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬ضغوطهم‭ ‬على‭ ‬إدارتهم‭ ‬حتى‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬حل‭ ‬حالة‭ ‬التنافر‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭. ‬ويجب‭ ‬ألا‭ ‬يُسمح‭ ‬لبايدن‭ ‬بممارسة‭ ‬هذا‭ ‬التوازن‭ ‬المميت،‭ ‬حيث‭ ‬يطالب‭ ‬سراً‭ ‬بوقف‭ ‬الحرب،‭ ‬بينما‭ ‬يقوم‭ ‬بتمويل‭ ‬آلة‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬علناً‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬غالبية‭ ‬الأمريكيين‭ ‬يشعرون‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬بالفعل،‭ ‬فإن‭ ‬بايدن‭ ‬وحكومته‭ ‬لم‭ ‬يتلقوا‭ ‬الرسالة‭ ‬بعد‭. ‬كم‭ ‬عدد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يموتوا‭ ‬حتى‭ ‬يسمع‭ ‬بايدن‭ ‬هتافات‭ ‬الشعب‭: ‬‮«‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الآن»؟

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬فلسطيني

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا