يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
رؤية مجلس التعاون.. أسئلة بلا أجوبة
تحدثت أمس عن «رؤية مجلس التعاون الخليجي للأمن الإقليمي» وقلت إنها لا ترقى إلى أن تكون استراتيجية أو خطة استراتيجية في التعامل مع قضايا الأمن في المنطقة حاضرا ومستقبلا.
بداية، من المتعارف عليه أن أي استراتيجية للأمن القومي يجب أن تتضمن بالضرورة جوانب ثلاثة بصفة أساسية:
1 – تحديد ما هي طبيعة التهديدات الأمنية التي يتعرض لها الأمن القومي، الخارجية والداخلية. في ظل الأوضاع الحالية في الدول العربية، نستطيع الحديث هنا عن تهديدات جسيمة للأمن مثل، العدوان الخارجي، التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية، المليشيات المسلحة وتدميرها للدولة، الطائفية، والإرهاب.. وهكذا.
2 – تحديد ما هي المصادر الأساسية لتهديد الأمن القومي. بمعنى، ما هي الدول والجماعات والقوى التي تمثل خطرا على الأمن القومي وتهديدا له.
3 - تحديد الخطط والوسائل للتعامل مع هذه التهديدات والأخطار ولحماية الأمن القومي، سواء في الوقت الحاضر أو في المستقبل.
هذه الجوانب الثلاثة غائبة بشكل صريح عن الرؤية التي تم إعلانها.
قد يقول البعض إن المبادئ العامة التي تضمنتها الرؤية تشير ضمنا إلى هذه الجوانب. لكن الأمر بحاجة إلى ما هو أكثر من هذا.
الأوضاع في مجلس التعاون وفي المنطقة والتجارب السابقة للمجلس تحتم هذا. تحتم أن يكون هناك تحديد صريح لهذه الجوانب.
في هذا السياق هناك أسئلة كثيرة مطروحة حول الرؤية الاستراتيجية لمجلس التعاون للأمن القومي يجب أن تكون هناك إجابات صريحة عنها.
في مقدمة هذه الأسئلة ما يلي:
ما موقع ايران كخطر على الأمن الخليجي العربي والقومي العربي عموما؟.. هل في العقيدة الاستراتيجية لمجلس التعاون يمثل النظام الإيراني خطرا أم لا؟.. ما هي أولوية وحدود هذا الخطر؟
ما موقع الكيان الصهيوني كخطر يهدد الأمن الخليجي العربي والقومي العربي؟.. إلى أي حد يعتبر مجلس التعاون الكيان الصهيوني خطرا على الأمن القومي الآن وفي المستقبل؟
هل مازال من الممكن اعتبار أمريكا والدول الغربية حلفاء أو شركاء موثوقين في جهود حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة وخصوصا بعد التطورات الأخيرة في غزة وما صاحبها من مواقف غربية؟
وحين تنص الرؤية على تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية لتعزيز جهود الأمن، فيجب تحديد من هم الشركاء الموثوقون الذين يجب تعزيز العلاقات معهم؟
الإجابات عن مثل هذه الأسئلة مسألة حاسمة في أي رؤية أو استراتيجية للأمن القومي.
وعلى سبيل التوضيح فقط، نشير مثلا إلى أن أمريكا حين أصدرت رؤيتها الاستراتيجية، فإنها اعتبرت أن الصين وروسيا تمثلان الخطر الاستراتيجي الأكبر، وبالتالي حددت وسائل وأساليب التعامل مع هذا الخطر.
عموما، الإجابة عن هذه الأسئلة ليست مجرد مسألة نظرية، وإنما هي ضرورة استراتيجية حاسمة عند أي تحديد لرؤية أو استراتيجية للأمن القومي أو الإقليمي أو أيا كانت التسمية.
هي ضرورة حاسمة لأسباب كثيرة في مقدمتها:
1 – أنه بناء على تحديد هذه الجوانب والإجابة عن هذه الأسئلة ستتحدد الخطط العملية لحماية الأمن القومي ومواجهة الأخطار والتحديات وتحديد من هم الشركاء الدوليون الذين يجب تعزيز العلاقات معهم.
2 – أنه ليس سرا خافيا أن هناك خلافات عمليا بين دول مجلس التعاون حول بعض القضايا الاستراتيجية الكبرى مثل الاختلاف حول طبيعة القوى والدول التي تهدد الأمن القومي. ولا يمكن بداهة بناء استراتيجية عملية بعيدة المدى من دون توحيد المواقف والرؤى.
عموما من الجيد أن يكون هناك تفكير في صياغة رؤية استراتيجية أمنية لمجلس التعاون. حتى لو أن ما تم طرحه مبادئ عامة، من المأمول أن تكون هذه مقدمة لصياغة استراتيجية عملية محددة وواضحة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك