اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
التريندات وأعلى المشاهدات
من أجمل وأروع وأقوى مسلسلات شهر رمضان هذا العام هو ما جاء تحت مسمى (أعلى نسبة مشاهدة)، وذلك لتناوله قضية في غاية الأهمية، ألا وهي الاستخدام السيء لوسائل التواصل الاجتماعي الذي خرب حياة كثيرين وبخاصة فئة الشباب.
موضوع المسلسل يتناول قضية الساعة التي لم يتم التطرق إليها حتى الآن بهذا الشكل الحقيقي المأساوي، لذلك حقق مسلسل «أعلى نسبة مشاهدة» وعن جدارة أعلى نسبة مشاهدة هذا العام، لكونه يدق ناقوس الخطر، والأهم أنه مستوحى من قصص واقعية أشهرها قصة فتاة التيك توك «حنين حسام» التي حكم عليها بالسجن لاستغلالها الخاطئ لتلك الوسائل عبر حسابات مختلفة نشرت عليها مقاطع فيديو تضمنت اعتداء على القيم الأسرية بغرض زيادة نسبة المشاهدة، ومن ثم جني مبالغ طائلة.
لقد عكس المسلسل واقعا فاسدا وقاسيا نعيشه اليوم فعليا في حياتنا اليومية يتعلق بفضائح وسائل التواصل الاجتماعي التي يتكسب من ورائها كثيرون ثروات هائلة تحت مسمى «التريندات»، وهو في النهاية يوجه إلى الشباب الصغير عبرا ودروسا من الممكن أن تدفع البعض منهم إلى إعادة حساباته من جديد، وهذا ما لخصته ببراعة أغنية تتر المسلسل حين قالت: «الدنيا خلاص ماشية تريندات.. فضايحنا تجيب إلى مشاهدات!»
نعم فضائح السوشيال ميديا باتت تمثل اليوم باب رزق واسعا للبعض، وهو ما لفتت إليه جدة الفتاة بطلة المسلسل التي لاقت مصيرا مؤسفا بسبب انجرارها في هذا العالم المفسد المظلم وسقوطها في براثنه حين قالت متسائلة: ما هذا الذي يحدث اليوم لأبنائنا؟!
هو الغلط علينا ولا على الدنيا؟
ثم أردفت مناشدة: «الحكومة لازم تقطع النت»!!
ذلك الكلام العفوي الذي جاء على لسان الجدة التي تنتمي إلى عصر الزمن الجميل والقيم الأجمل، يجب أن نتأمل ونبحث فيه، لنعرف بالفعل أين الخطأ، ومن المسؤول عنه، وهل الحل في التقييد والمنع والتقنين، أم في ماذا؟!
يقول والد تلك الفتاة المصدوم في المشهد الأخير من المسلسل والذي أبكى الكثيرين: «اسجني أنا يا سيادة القاضي بدلا من ابنتي، بس قبل ما تحاكمني حاكم الظروف والمجتمع اللي اتغير.. الحرب دلوقتي مبقتش طيارات ودبابات.. بقت ضرب المجتمع في شبابه وثوابت دينه والتشكيك في رموزه والتخوين في شرفاء البلد»!
لقد لخص هذا الأب مكلوم الفؤاد القضية في كلمات معبرة رائعة، جسدت ذلك الانحدار إلى الوراء لقيمنا وعاداتنا الأصيلة، واستهداف شبابنا وضربه في مقتل، ليؤكد أنه ليس هناك حضارة أو بقاء من دون أخلاق، وعلى أنه مهما اشتدت صرامة القانون لتأييدها لا يعد ذلك غلوا!
إن المبادئ التي ذهب معظمها أدراج الرياح مع ما يطلق عليه اليوم «السوشيال ميديا» ليست شيئا مسطورا ميتا يرقد في ثنايا النظريات والمدونات، ولكنها يجب أن تكون حية تسكن نفس وروح أبنائنا، ومن ثم علينا إعادتها وإحيائها، حتى ولو تم ذلك بقوة القانون، وذلك عملا بمقولة السياسي الأمريكي الشهير توماس جفرسون: «عندما نتحدث عن طريقة العيش.. فاسبح مع التيار.. وعندما نتحدث عن المبادئ قف كالصخرة»!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك