من الواضح أن الهزائم العسكرية المتتالية لأوكرانيا على ساحة المعركة وفي خطوط المواجهة انتجت التحول إلى تعويض هذه الهزائم الكبيرة، وهذا الانهيار على خطوط المواجهة باللجوء إلى الأعمال الإرهابية بشكل مباشر أو غير مباشر وباللجوء أيضا إلى مهاجمة العمق الروسي بضرب الأحياء السكنية المدنية وضرب أهداف لا علاقة لها بالمواجهة العسكرية.
إن هذا الإفلاس العسكري وهو الذي خلق ما يمكن أن نسميه بالمعنى الأخلاقي الإفلاس الأخلاقي لأنه تحول إلى رمز ومؤشر إلى قرب انتهاء النظام في كييف بصورته الحالية على الأرجح، كما تشير إلى ذلك العديد من التقارير المختصة بما في ذلك التقارير الصادرة في البلدان الغربية نفسها وعلى وجه الخصوص في الولايات المتحدة الأمريكية التي تصدر بعض جرائدها المشهورة تقارير بعنوان هزيمة أوكرانيا أو انتهاء أوكرانيا أو غير ذلك من العبارات التي تؤدي إلى النتيجة نفسها.
لقد دفعني إلى هذه المقدمة أصداء العملية الإرهابية التي نفذت في موسكو في صالة احتفالات بمجمع تجاري وراح ضحيتها المئات من الأبرياء بين قتيل وجريح لا ناقة لهم ولا جمل في الحرب وفي جبهات القتال، هذه العملية الإجرامية التي نفذتها مجموعة من الإرهابيين الذين خلت قلوبهم من الرحمة والإنسانية والقيم في محاولة لتسجيل انتصارات وهمية لا تغير أبدا من واقع الهزيمة على الجبهة، وبالرغم من أن الجهات الرسمية في روسيا الاتحادية لم تستعجل في توجيه اتهامات محددة إلى أي طرف فإن المنطق القانوني والسياسي يقودان حتما إلى البحث عن المستفيد، والمستفيد حتما هو نظام كييف الذي له سوابق مماثلة وجميعها ضد المدنيين والأهداف المدنية، فلا غرابة أن يكون ما حدث وجه آخر من أوجه التورط الأوكراني في مثل هذه الجريمة النكراء التي تتكرر يوميا ضد المدنيين في مدينة نوفغورد الروسية تحديدا.
وعلى الرغم من الادعاء بأن مجموعة من داعش هي من نفذ هذه الجريمة، فإنه كان من كان فلا فرق بين هذه المجموعة والمجموعات التي تهاجم المدن على الحدود الروسية الأوكرانية النتيجة واحدة والهدف واحد بما في ذلك الادعاء بأن الذي يقوم بهذه العمليات هو فيلق روسي معارض للسلطة في موسكو.
من الواضح إذن من أن الورطة أوكرانية-غربية، لأن أوكرانيا كما هو معلوم تستفيد من القوى النازية وتتبناهم وترعاهم وهي القوى نفسها التي تقتل المواطنين الأوكرانيين والمدنيين الروس بلا حسيب ولا رقيب ولا ننسى في هذا السياق أن نظام كييف قد كرم مانديرا كرمز من رموز الوطنية الأوكرانية وهي المعروفة بموالاتها للنازية خلال الحرب الوطنية العظمى أيام الحرب العالمية الثانية، كما أن نظام كييف لا يتردد في كل مرة من تبني الهجمات اليومية ضد المدنيين، بل التنكيل حتى بأفراد الشعب الأوكراني الذين يرفضون التجنيد الاجباري والزج بهم في حرب يائسة وفاشلة، فلا غرابة والأمر على هذا النحو أن يهرب أكثر من 6 ملايين أوكراني إلى روسيا الاتحادية وإلى الدول المجاورة الأخرى وتسجل يوميا حالات الهروب والاستسلام للقوات الروسية بين القوات الأوكرانية.
وقبل أن نصدر أي أحكام مستعجلة بشأن العمل الإرهابي الذي نفذ في موسكو فإن تكرار مثل هذه الأعمال وارد، بل متوقع خلال الفترة القادمة لأنه بقدر ما تتقدم القوات الروسية على الجبهة وبقدر ما يسجل الجيش الأوكراني يوميا فشلا وهزيمة بقدر ما تعمل السلطة في كييف على اللجوء إلى مثل هذه الأعمال الترهيبية لمجرد الإيحاء بأن النظام في موسكو غير قادر على توفير الأمن لشعبه وهو أمر غير واقعي لأن مثل هذه الأعمال الإرهابية لا تأثير لها لا جدي ولا واقعي على الأرض.
ومن الواضح أيضا أن السلطة في روسيا الاتحادية وعلى لسان رئيسها فلاديمير بوتين وكبار المسؤولين قد عبّرت منذ بداية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا عن استعداد روسيا الدائم والمستمر للجلوس إلى طاولة المفاوضات وحل هذه المشكلة بين الشعبين الشقيقين لأن روسيا لا تتعامل مع الشعب الأوكراني على أنه عدو بل تُكنّ له كل التقدير والمحبة، إنما هو اليوم مختطف من القوى النازية التي يسيرها الغرب اليوم، على الرغم من أن هذا الغرب الذي سارع بعد اتفاق تركيا بين موسكو وكييف إلى إجبار الحكومة في كييف على رفض التوقيع على هذا الاتفاق مع أنه كان الحل الوحيد الذي كان سينهي هذا الصراع ويجنب البلدين الشقيقين أهوال هذه الحرب. ولذلك فإن الغرب وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى يستشعرون اليوم بخيبة وبورطة في الوقت نفسه فهم من شجعوا على استمرار الحرب اعتقادا منهم بإمكانية إلحاق الهزيمة بروسيا الاتحادية وبذلك فإنهم اليوم لم يعودوا يتحدثون عن هزيمة روسيا وإنما عن منع روسيا من تحقيق انتصار عسكري فهذا أمر غريب ومضحك في نفس الوقت بالمعيار السياسي وبالمعيار العسكري.
ومن المؤكد بحسب التجارب والاحداث السابقة أن روسيا قادرة على استيعاب مثل هذه الأعمال الإرهابية الجبانة التي لن تؤثر أبدا على أمن واستقرار هذا البلد القوي حتى وإن تسببت في إيذاء بعض المدنيين الأبرياء، الخزي والعار للإرهاب والإرهابيين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك