العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ما وراء «ثورة الوعي الجديد» للشباب الأمريكي

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الأحد ٢٤ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

تقارير‭ ‬ودراسات‭ ‬عديدة‭ ‬تناولت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬ابتعاد‭ ‬الجيل‭ ‬الشاب‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الكيان‭ ‬الصهيوني‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬إحساس‭ ‬متزايد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أوساط‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬بتنامي‭ ‬حالة‭ ‬ضعف‭ ‬الشعور‭ ‬بخصوص‭ ‬وجود‭ ‬روابط‭ ‬قوية‭ ‬عنده‭ ‬تجاه‭ ‬‮«‬الكيان‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬يتعاظم‭ ‬رفض‭ ‬الجيل‭ ‬الأمريكي‭ ‬الشاب،‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الديانات‭ ‬المسيحية‭ ‬واليهودية‭ ‬والمسلمة،‭ ‬لحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتواصلة‭ ‬في‭ ‬‮«‬قطاع‭ ‬غزة‮»‬‭. ‬

هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬المدعومة‭ ‬علنا‭ ‬وبكل‭ ‬صلافة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ (‬جو‭ ‬بايدن‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬يلحظ‭ ‬المتابع‭ ‬لمواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تعاظم‭ ‬المشاركات‭ ‬الرافضة‭ ‬لدى‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬لدعم‭ ‬‮«‬الإدارة‮»‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬اللامحدود‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بل‭ ‬يحملها‭ ‬مسؤولية‭ ‬استمرار‭ ‬الإبادة‭ ‬ومشاركتها‭ ‬فيها‭. ‬

هذا،‭ ‬رغم‭ ‬تزايد‭ ‬المؤشرات‭ ‬على‭ ‬توتر‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬حكومة‭ (‬نتنياهو‭) ‬في‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬وإدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن،‭ ‬وامتداد‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬قطاعات‭ ‬متنامية‭ ‬في‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬وبخاصة‭ ‬بعد‭ ‬الموقف‭ ‬الناقد‭ ‬لـ‭(‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭) ‬من‭ ‬قبل‭ ‬السناتور‭ ‬تشاك‭ ‬شومر‭(‬اليهودي‭ ‬الصهيوني‭ ‬تاريخياً،‭ ‬ورئيس‭ ‬الأغلبية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭).‬

اليوم‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬جهارا‭ ‬إن‭ ‬هناك،‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر،‭ ‬قضية‭ ‬انقسام‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬وأيضاً‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الشباب‭! ‬فالجيل‭ ‬الأمريكي‭ ‬الشاب‭ ‬أدرك‭ ‬دور‭ ‬بلاده‭ ‬في‭ ‬إفساد‭ ‬العالم‭ ‬وخاصة‭ ‬تجاه‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وبالذات‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استعاد‭ ‬وعزز‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬مكانتها‭ ‬الرئيسة‭ ‬وقدمها‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬قضايا‭ ‬الأرض،‭ ‬فيما‭ ‬‮«‬الكيان‮»‬،‭ ‬يشتري‭ ‬الوقت،‭ ‬بترخيص‭ ‬أمريكي،‭ ‬لتدمير‭ ‬‮«‬القطاع‮»‬‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬غير‭ ‬صالح‭ ‬للحياة‭.‬

فالجيل‭ ‬الشاب‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بات‭ ‬يعي‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الكيان‮»‬‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬وقفا‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬‮«‬القطاع‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬تؤكد‭ ‬تلك‭ ‬الحقيقة‭ ‬باختلاق‭ ‬العراقيل‭ ‬أمام‭ ‬أي‭ ‬مبادرة‭ ‬لوقف‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬بربريته‭! ‬بل‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬أدرك‭ ‬أن‭ ‬العقل‭ ‬الصهيوني‭ ‬دخل،‭ ‬بعد‭ ‬زلزال‭ ‬‮«‬الطوفان‮»‬‭ ‬يوم‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬السعار‭ ‬الانتقامي‭ ‬الذي‭ ‬تجاوز‭ ‬الحدود‭ ‬وكسر‭ ‬منظومات‭ ‬جميع‭ ‬القوانين‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭.‬

وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬تجلّي‭ ‬الوعي‭ ‬الشبابي‭ ‬الأمريكي‭ ‬المناهض‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وممارساتها‭ ‬البشعة‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬طلبة‭ ‬الجامعات‭ ‬وكذلك‭ ‬لدى‭ ‬القواعد‭ ‬الشبابية‭ ‬المشاركة‭ ‬بالانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬القادمة‭ (‬وغيرها‭).‬

وعن‭ ‬الوجع‭ ‬الصهيوني‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬قدم‭ (‬جوناثان‭ ‬جرينبلات‭) ‬رئيس‭ ‬‮«‬رابطة‭ ‬مكافحة‭ ‬التشهير‮»‬‭ ‬المؤيدة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬قدم‭ ‬خلاصة‭ ‬‮«‬بليغة‮»‬‭ (‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حرض‭ ‬على‭ ‬‮«‬تيك‭ ‬توك‮»‬‭ ‬في‭ ‬تسريب‭ ‬صوتي‭) ‬قائلاً‭: ‬‮«‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مشكلة‭ ‬كبرى‭ ‬كبرى‭ ‬كبرى‭ (‬كررها‭ ‬ثلاثا‭). ‬جميع‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬التي‭ ‬رأيتها‭: ‬استطلاع‭ ‬رابطة‭ ‬مكافحة‭ ‬التشهير،‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬المستقلة،‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬ليست‭ ‬فجوة‭ ‬بين‭ ‬اليمين‭ ‬واليسار‭. ‬الإشكال‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بشأن‭ ‬دعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬باليمين‭ ‬واليسار‭ ‬بل‭ ‬بالكبار‭ ‬والصغار‭. ‬وعدد‭ ‬الشبان‭ ‬الذين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ (‬مجزرة‭ ‬حماس‭) ‬مبررة،‭ ‬صادم‭ ‬ومرعب‭ ‬جدا‮»‬‭. ‬وأضاف‭: ‬‮«‬لدينا‭ ‬حقا‭ ‬مشكلة‭ ‬بشأن‭ ‬‮«‬تيك‭ ‬توك‮»‬‭.. ‬اللعبة‭ ‬الحقيقية‭ ‬هي‭ ‬الجيل‭ ‬القادم‭ ‬وحماس‭ ‬و‭(‬المتواطئون‭) ‬معها‭ ‬الأغبياء‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬الذين‭ ‬ينساقون‭ ‬دون‭ ‬تفكير‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مرعب‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬أثبتت‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬حقيقة‭ ‬الشرخ‭ ‬بين‭ ‬الساسة‭ ‬الأمريكيين‭ ‬والجيل‭ ‬الجديد‭ ‬المناصر‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬حيث‭ ‬عديد‭ ‬آلاف‭ ‬الفيديوهات‭ ‬التي‭ ‬يتجلى‭ ‬فيها‭ ‬غضب‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬من‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ومن‭ ‬السياسية‭ ‬الأمريكية‭. ‬فيديوهات‭ ‬مبهرة‭ ‬لجيل‭ ‬يجيد‭ ‬الخطابة‭ ‬مع‭ ‬قوة‭ ‬وسرعة‭ ‬في‭ ‬الحجج‭ ‬أمام‭ ‬أعتى‭ ‬السياسيين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬المتمرسين‭ ‬ودحض‭ ‬أكاذيبهم‭. ‬كله‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬بل‭ ‬عموم‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭. ‬هذا‭ ‬جيل‭ ‬أمريكي‭ ‬جديد‭ ‬يحاكم‭ ‬الجيل‭ ‬القديم،‭ ‬وربما‭ ‬هذه‭ ‬المشاهد‭ ‬التي‭ ‬يتزايد‭ ‬عددها‭ ‬يوميا‭ ‬تكون‭ ‬بداية‭ ‬منعطف‭ ‬لانقلاب‭ ‬‮«‬الوعي‮»‬‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬‮«‬غيبوبة‮»‬‭ ‬الزيف‭ ‬الإسرائيلي‭! ‬وشواهد‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة‭ ‬تثبت‭ ‬ألا‭ ‬أحد‭ ‬يستطيع‭ ‬الوقوف‭ ‬بوجه‭ ‬‮«‬ثورة‭ ‬الوعي‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أحدثها‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬الشبابية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وسيكون‭ ‬لها‭ ‬أثرها‭ ‬بعيد‭ ‬المدى،‭ ‬وبخاصة‭ ‬إن‭ ‬أحسن‭ ‬أصحاب‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وأنصارها‭ (‬من‭ ‬الديانات‭ ‬الثلاث‭ ‬ومن‭ ‬خارجها‭) ‬استثمار‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬الثورة‮»‬‭ ‬مستقبلا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا