العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

خطاب بايدن عن حالة الاتحاد زاد في حدة الانقسامات

بقلم: د. جيمس زغبي {

الأربعاء ٢٠ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

واجه‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬مهام‭ ‬صعبة‭ ‬عندما‭ ‬ألقى‭ ‬خطاب‭ ‬حالة‭ ‬الاتحاد‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬أمام‭ ‬الكونجرس‭. ‬وكان‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يواجه‭ ‬المخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬عمره،‭ ‬وقلق‭ ‬الناخبين‭ ‬بشأن‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬والبيئة‭ ‬المختلة‭ ‬التي‭ ‬خلقتها‭ ‬حالة‭ ‬الاستقطاب‭ ‬الحزبي‭ ‬المفرطة‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الجمهوريين،‭ ‬والتهديد‭ ‬المستمر‭ ‬للعمليات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الذي‭ ‬يفرضه‭ ‬تكرار‭ ‬تمرد‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬2021‭.‬

وكما‭ ‬هو‭ ‬متوقع،‭ ‬كانت‭ ‬لدى‭ ‬المعلقين‭ ‬والمحللين‭ ‬السياسيين‭ ‬وجهات‭ ‬نظر‭ ‬مختلفة‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬نجاح‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬البلاد‭ ‬ورئاسته،‭ ‬حيث‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬الحزبيين‭ ‬يقرؤون‭ ‬من‭ ‬نقاط‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬حملة‭ ‬بايدن،‭ ‬بينما‭ ‬يجد‭ ‬الجمهوريون‭ ‬خطأً‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬كلمة‭ ‬يقولها‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬التقييم‭ ‬الصادق‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬أعطى‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬ما‭ ‬يحتاجون‭ ‬إليه‭ ‬للقيام‭ ‬بحملة‭ ‬لإعادة‭ ‬انتخابه،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يفعل‭ ‬الكثير‭ ‬لمعالجة‭ ‬الانقسام‭ ‬الحزبي‭ ‬أو‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬تشريع‭ ‬يتعرض‭ ‬للعرقلة‭ ‬حاليًا‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭.‬

ونظراً‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬التحديات‭ ‬الداخلية‭ ‬التي‭ ‬شكلت‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬خطاب‭ ‬حالة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الذي‭ ‬ألقاه‭ ‬الرئيس،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الغريب‭ ‬أنه‭ ‬اختار‭ ‬أن‭ ‬يفتتح‭ ‬ويختتم‭ ‬تصريحاته‭ ‬بقضيتين‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬وتم‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬غير‭ ‬مرض‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

افتتح‭ ‬بايدن‭ ‬تصريحاته‭ ‬بتحذيرات‭ ‬شديدة‭ ‬بشأن‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وقارن‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تفرضها‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬ديمقراطيات‭ ‬الغرب‭ ‬بالوضع‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭. ‬وفي‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال،‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬مبالغة‭ ‬شديدة‭. ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬لا‭ ‬تشكل‭ ‬تهديداً‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ولا‭ ‬تشكل‭ ‬تحدياً‭ ‬خطيراً‭ ‬لأي‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭.‬

إن‭ ‬روسيا‭ ‬لديها‭ ‬شكوى‭ ‬تاريخية‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتصل‭ ‬بأوكرانيا،‭ ‬ورغم‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬سلامة‭ ‬أراضي‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مبالغة‭ ‬أو‭ ‬عقد‭ ‬مقارنات‭ ‬تاريخية‭ ‬غير‭ ‬دقيقة‭. ‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬استخدام‭ ‬الخطاب‭ ‬المفرط‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬مواجهة‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬للاستبداد‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬مثير‭ ‬للاشمئزاز‭ ‬ومخادع‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما،‭ ‬لأن‭ ‬‮«‬الديمقراطيات‮»‬‭ ‬الأوروبية‭ ‬المعنية‭ ‬كانت‭ ‬قوى‭ ‬استعمارية‭ ‬في‭ ‬الأربعينيات‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬أسوأ‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تنتهك‭ ‬الحقوق‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

لقد‭ ‬مر‭ ‬عامان‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬عمد‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الحالي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬أحابيل‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني‭ ‬ونستون‭ ‬تشرشل‭ ‬أو‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسبق‭ ‬رونالد‭ ‬ريغان‭ ‬لوصف‭ ‬إعادة‭ ‬خلق‭ ‬صراع‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭.‬

قد‭ ‬يبدو‭ ‬الأمر‭ ‬جيداً‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬دائرته‭ ‬الداخلية،‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬ينسحب‭ ‬على‭ ‬الناخبين،‭ ‬ولا‭ ‬تؤيد‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬والجمهوريين‭ ‬تخصيص‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬الإضافية‭ ‬لخوض‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭.‬

إذا‭ ‬كانت‭ ‬افتتاحيته‭ ‬بشأن‭ ‬أوكرانيا‭ ‬قد‭ ‬فشلت،‭ ‬فقد‭ ‬جاءت‭ ‬تصريحات‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬الختامية‭ ‬بشأن‭ ‬غزة‭ ‬مدوية‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬جهود‭ ‬إعادة‭ ‬انتخاب‭ ‬بايدن‭ ‬لن‭ ‬تتضرر‭ ‬بسبب‭ ‬دعمه‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬فإن‭ ‬النتائج‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الانتخابات‭ ‬التمهيدية‭ ‬المبكرة‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬توضح‭ ‬أن‭ ‬استمراره‭ ‬في‭ ‬تسليح‭ ‬إسرائيل‭ ‬ورفضه‭ ‬إدانة‭ ‬سياساتها‭ ‬المدمرة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬قد‭ ‬يكلفه‭ ‬الأصوات‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬القادم‭.‬

ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬شعر‭ ‬بايدن‭ ‬بأنه‭ ‬مضطر‭ ‬إلى‭ ‬معالجة‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬لكن‭ ‬نهجه‭ ‬كان،‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال،‭ ‬مرتبكا‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬لم‭ ‬يفلح‭ ‬في‭ ‬ذلك‭.‬

فمن‭ ‬ناحية،‭ ‬يواصل‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬التعهد‭ ‬بالدعم‭ ‬الكامل‭ ‬لإسرائيل‭ ‬و«حقها‭ ‬المزعوم‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬يحاول‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬تخفيف‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعوة‭ ‬إسرائيل‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬إظهار‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالمدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ - ‬وهو‭ ‬مازال‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭. ‬وقد‭ ‬اعترفت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بذلك‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا‭ ‬ولكنها‭ ‬تجاهلته‭ ‬عدة‭ ‬أشهر‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إشارة‭ ‬بايدن‭ ‬إلى‭ ‬مسؤولية‭ ‬إسرائيل‭ ‬عن‭ ‬الأزمة‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬نشأت‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فبدلاً‭ ‬من‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬ومطالبة‭ ‬إسرائيل‭ ‬بسحب‭ ‬قواتها،‭ ‬فقد‭ ‬تعهد‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬ببناء‭ ‬ميناء‭ ‬عائم‭ ‬لجلب‭ ‬الإمدادات‭ ‬اللازمة‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭.‬

في‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان،‭ ‬أثار‭ ‬هذا‭ ‬الاقتراح‭ ‬الازدراء‭. ‬وكان‭ ‬يُنظر‭ ‬إليه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬ضروري،‭ ‬لأن‭ ‬مشكلة‭ ‬إدخال‭ ‬الإمدادات‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭ ‬يمكن‭ ‬حلها‭ ‬بسهولة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬النداءات‭ ‬الدولية‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭.‬

وقد‭ ‬لوحظ‭ ‬أيضًا‭ ‬أنه‭ ‬خلال‭ ‬الشهرين‭ ‬اللذين‭ ‬سيستغرقهما‭ ‬تشغيل‭ ‬الميناء،‭ ‬سيكون‭ ‬آلاف‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬قد‭ ‬ماتوا‭ ‬جوعًا‭.‬

من‭ ‬المؤسف‭ ‬حقا‭ ‬إنني‭ ‬أنضم‭ ‬إلى‭ ‬معسكر‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يريدون‭ ‬إنهاء‭ ‬الطقوس‭ ‬السنوية‭ ‬لخطاب‭ ‬حالة‭ ‬الاتحاد‭. ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يصف‭ ‬حالة‭ ‬الأمة‭ ‬بأمانة،‭ ‬ولا‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬توحيد‭ ‬الأمريكيين‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬يواجهونها‭.‬

بل‭ ‬لقد‭ ‬أصبحت‭ ‬مسألة‭ ‬حزبية‭ ‬بشكل‭ ‬واضح،‭ ‬مكتملة‭ ‬بالمضايقات،‭ ‬أو‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬حدث‭ ‬انتخابي‭ ‬مصحوب‭ ‬بتصفيق‭ ‬متكرر‭ ‬وغير‭ ‬ضروري‭. ‬فهو‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬تعميق‭ ‬الانقسام‭ ‬الحزبي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬توحيد‭ ‬البلاد‭ ‬لخدمة‭ ‬الصالح‭ ‬العام‭. ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك،‭ ‬ربما‭ ‬كان‭ ‬خطاب‭ ‬بايدن‭ ‬قد‭ ‬خدمه‭ ‬جيدًا‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬حزبه،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يفعل‭ ‬الكثير‭ ‬لتوحيد‭ ‬الأمة‭. ‬

{ رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا