العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الاقتصاد البنفسجي والرؤية الاقتصادية للبحرين لعام 2050

بقلم: د. فاطمة ناصر

السبت ١٦ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

يعد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البنفسجي‭ (‬Purple‭ ‬Economy‭) ‬من‭ ‬المفاهيم‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬ومدخلًا‭ ‬مُهمًّا‭ ‬لترسيخ‭ ‬أبعاد‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬وتحقيق‭ ‬أهدافها،‭ ‬والذي‭ ‬يستخدم‭ ‬المقومات‭ ‬الثقافية‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬أي‭ ‬منطقة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وخاصة‭ ‬تلك‭ ‬الأهداف‭ ‬المرتبطة‭ ‬ارتباطًا‭ ‬وثيقًا‭ ‬بالمجتمعات،‭ ‬والتي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬تطلعات‭ ‬الأفراد،‭ ‬ويتحقق‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬الثقافة‭ ‬داعمة‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬وأحد‭ ‬أهم‭ ‬الأدوات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬توظيفها‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وخاصة‭  ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬توظيفها‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مجالات‭ ‬شاملة‭ ‬التعليم‭ ‬والسياحة‭ ‬والتراث‭ ‬والصحة،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬يمكن‭ ‬ربط‭ ‬الاقتصاد‭ ‬بالبصمة‭ ‬الثقافية‭ ‬لعكس‭ ‬تاريخ‭ ‬وعراقة‭ ‬المجتمعات،‭ ‬حيثُ‭ ‬توجد‭ ‬صناعات‭ ‬وطنية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬المقومات‭ ‬الثقافيَّة‭ ‬وتثمينها‭ ‬بصورة‭ ‬اقتصادية،‭ ‬وبما‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬تحوُّل‭ ‬الثقافة‭ ‬لتكون‭ ‬محرِّكًا‭ ‬اقتصاديًّا‭ ‬وداعمًا‭ ‬قويًا‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬وتنوع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬أثر‭ ‬قوي‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬توجيه‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬دائمة‭ ‬وموسمية،‭ ‬باعتبارها‭ ‬القوة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الناعمة‭. ‬هذا‭ ‬وقد‭ ‬أوضح‭ ‬تقرير‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لعام‭ ‬2015‭ ‬في‭ (‬البند‭ ‬36‭) ‬أهمية‭ ‬البعد‭ ‬الثقافي،‭ ‬حيثُ‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬نصه‭ ‬‮«‬نتعهد‭ ‬بتعزيز‭ ‬التفاهم‭ ‬الثقافي‭ ‬والتسامح‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل،‭ ‬ودعم‭ ‬روح‭ ‬المواطنة‭ ‬العالمية‭ ‬والمسؤولية‭ ‬المشتركة،‭ ‬ونعترف‭ ‬بالتنوع‭ ‬الطبيعي‭ ‬والثقافي‭ ‬للعالم،‭ ‬ونقر‭ ‬بأن‭ ‬الثقافات‭ ‬والحضارات‭ ‬جميعها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬لأنها‭ ‬من‭ ‬عناصرها‭ ‬الأساسية‮»‬‭.‬

ولقد‭ ‬كانت‭ ‬أول‭ ‬إطلالة‭ ‬لمفهوم‭ ‬هذا‭ ‬الاقتصاد‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين،‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬بداية‭ ‬نظريات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التي‭ ‬نشأت‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وتم‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬ثقافات‭ ‬الشعوب‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الشمولي،‭ ‬ويعد‭ ‬عام‭ ‬2001‭ ‬بداية‭ ‬فعلية‭ ‬لتفعيل‭ ‬الأبعاد‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬اليونسكو‭ ‬بشأن‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬التنوع‭ ‬الثقافي،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬حداثة‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬تعددت‭ ‬التعاريف‭ ‬باختلاف‭ ‬المفكرين‭ ‬حوله‭. ‬والذي‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬الأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الثقافي‭ ‬المستدام،‭ ‬والذي‭ ‬ينعكس‭ ‬تأثيره‭ ‬إيجابيًا‭ ‬على‭ ‬المجتمع،‭ ‬ويعزز‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬والتماسك‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ويتضح‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الاقتصاد‭ ‬لم‭ ‬يأخذ‭ ‬مجالًا‭ ‬واضحًا‭ ‬من‭ ‬الاهتمام،‭ ‬كبقية‭ ‬الأنواع‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬ويعتبر‭ ‬تحالفًا‭ ‬جديدًا‭ ‬بين‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والثقافة‭ ‬لوضع‭ ‬لمسات‭ ‬تعطي‭ ‬الطابع‭ ‬الإنساني‭ ‬لمصطلح‭ ‬العولمة‭ ‬المستحدث،‭ ‬والذي‭ ‬يؤكد‭ ‬ضرورة‭ ‬وأهمية‭ ‬توظيف‭ ‬المقومات‭ ‬الثقافية،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬الارتباط‭ ‬أكثر‭ ‬بين‭ ‬أبعاد‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬والتنمية‭ ‬الاقتصادية‭.‬

وتنفيذًا‭ ‬للتوجيهات‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬في‭ ‬البدء‭ ‬لإجراء‭ ‬مشاورات‭ ‬مع‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬والجمعيات‭ ‬وجميع‭ ‬مؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬صياغة‭ ‬رؤية‭ ‬البحرين‭ ‬الاقتصادية‭ (‬2050‭) ‬الجديدة،‭ ‬والتي‭ ‬ستكون‭ ‬مكملة‭ ‬لرؤية‭ ‬المملكة‭ (‬2030‭) ‬الرامية‭ ‬لتحقيق‭ ‬مبادئ‭ ‬وأهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات،‭ ‬حيثُ‭ ‬سترسم‭ ‬ملامح‭ ‬واضحة‭ ‬للتطوير‭ ‬والنمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬بما‭ ‬يعكس‭ ‬جهود‭ ‬المملكة‭ ‬وحرصها‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬وجودة‭ ‬حياةٍ‭ ‬أفضل‭ ‬لكل‭ ‬المواطنين،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تأكيد‭ ‬ترسيخ‭ ‬مبادئ‭ ‬الاستدامة‭ ‬والعدالة‭ ‬والتنافسية،‭ ‬والتي‭ ‬تعكس‭ ‬أبعاد‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬ويأتي‭ ‬ذلك‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬تحقيق‭ ‬نمو‭ ‬اقتصادي‭ ‬مرتفع،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬البحرينية،‭ ‬وبناء‭ ‬قدراتهم‭ ‬الإبداعية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحث‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬المعرفة‭ ‬والابتكار‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭. ‬وكما‭ ‬أشرنا‭ ‬إلى‭ ‬اعتماد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البنفسجي‭ ‬على‭ ‬الثقافة‭ ‬كموروث،‭ ‬فإن‭ ‬أهميته‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬الحاجة‭ ‬الماسة‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬للتوجه‭ ‬الثقافي،‭ ‬والسعي‭ ‬نحو‭ ‬جعل‭ ‬الإنتاج‭ ‬يحمل‭ ‬البصمة‭ ‬الثقافية‭ ‬للمجتمع،‭ ‬واعتبار‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أداة‭ ‬لنقل‭ ‬الثقافة‭ ‬الوطنية‭ ‬والمحافظة‭ ‬عليها،‭ ‬ونشر‭ ‬الوعي‭ ‬حول‭ ‬ثقافة‭ ‬استهلاك‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬الوطنية،‭ ‬وبذلك‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬وفرت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬ارتباط‭ ‬التنوع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بالثقافة‭ ‬للسلع‭ ‬والمنتجات‭ ‬والخدمات‭ ‬التي‭ ‬تلزم‭ ‬المجتمع؛‭ ‬لذا‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تواجهه‭ ‬المجتمعات‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬اقتصادية‭ ‬تؤثر‭ ‬سلبيًا‭ ‬في‭ ‬الأبعاد‭ ‬الثقافية‭ ‬وتسهم‭ ‬في‭ ‬تهميشها‭.‬

وانطلاقًا‭ ‬من‭ ‬التزام‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بالمواثيق‭ ‬الدولية،‭ ‬وتطبيقًا‭ ‬لأهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية‭ ‬بالمملكة،‭ ‬والسعي‭ ‬نحو‭ ‬جعل‭ ‬المواطن‭ ‬الخيار‭ ‬الأمثل‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬ولا‭ ‬يتحقق‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬بالتطبيق‭ ‬الأمثل‭ ‬للاستراتيجية‭ ‬التعليمية‭ ‬بالمملكة،‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أهدافها‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬مخرجات‭ ‬التعليم،‭ ‬وربطها‭ ‬بمتطلبات‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬ويتم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬شامل‭ ‬لمكونات‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية،‭ ‬وخاصة‭ ‬المناهج‭ ‬الدراسية‭ ‬التي‭ ‬تعتبرُ‭ ‬مرتكزًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬في‭ ‬التعليم؛‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬أبرز‭ ‬ما‭ ‬تنتهجه‭ ‬المملكة‭ ‬متمثلة‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬العمل‭ ‬على‭  ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬التوعية‭ ‬بأهمية‭ ‬ربط‭ ‬الاقتصاد‭ ‬مع‭ ‬الثقافة‭ ‬‮«‬مصطلح‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البنفسجي‮»‬‭ ‬للناشئة،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬إدراج‭ ‬ودمج‭ ‬المعارف‭ ‬والمهارات‭  ‬المرتبطة‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬المناهج‭ ‬الدراسية‭ ‬سواء‭ ‬المناهج‭ ‬النظرية‭ ‬أو‭ ‬التطبيقية،‭ ‬وزيادة‭ ‬تفعيل‭ ‬دور‭ ‬الأنشطة‭ ‬المدرسية‭ ‬في‭ ‬ربط‭ ‬مفاهيم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البنفسجي،‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬الثقافة‭ ‬ومفاهيمها،‭ ‬وتوظيفها‭ ‬لتوضيح‭ ‬الصورة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬بيئة‭ ‬خصبة‭ ‬للتفكير‭ ‬الإبداعي‭ ‬والابتكار؛‭ ‬لذا‭ ‬تكمن‭ ‬أهميّة‭ ‬التعليم‭ ‬بمساهمته‭ ‬بتقدّم‭ ‬المجتمع‭ ‬وتطويره،‭ ‬وجعله‭ ‬أكثر‭ ‬تحضرًا‭ ‬وتقدمًا‭ ‬وازدهارًا،‭ ‬وتعتمد‭ ‬ثقافة‭ ‬أيّ‭ ‬مجتمعٍ‭ ‬بالأساس‭ ‬على‭ ‬تعليم‭ ‬أفراده،‭ ‬كما‭ ‬يُعتَبَر‭  ‬الفرد‭  ‬المتعلّم‭ ‬الأكثر‭ ‬إدراكاً‭ ‬حول‭ ‬أهمية‭ ‬التخلّص‭ ‬من‭ ‬التقاليد‭ ‬غير‭ ‬السليمة،‭ ‬والتقليل‭ ‬من‭ ‬التأثيرات‭ ‬السلبية‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬التعليم‭ ‬هو‭ ‬الطّريق‭ ‬ذو‭ ‬الصبغة‭ ‬المستدامة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬عملٍ‭ ‬منتج‭ ‬ذي‭ ‬فائدة،‭ ‬ويساعد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يعمّ‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‭ ‬في‭ ‬المُجتمعات‭.‬،‭ ‬كذلك‭ ‬فإن‭ ‬لمؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬دورًا‭ ‬حيويًا‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬مخرجات‭ ‬التعليم‭ ‬وتشجيع‭ ‬البحوث‭ ‬والدراسات‭ ‬العلمية‭ ‬المتعلقة‭ ‬باقتصاديات‭ ‬الثقافة‭ ‬وعملياتها‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالواقع‭.‬

ولابد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬بمختلف‭ ‬أطيافه‭ ‬ومؤسساته‭ ‬المدنية‭ ‬يسعى‭ ‬دائمًا‭ ‬الى‭ ‬توحيد‭ ‬الجهود‭ ‬وتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬مقوماته‭ ‬الثقافية‭ ‬الأساسية،‭ ‬حيثً‭ ‬يمتلك‭ ‬ثروات‭ ‬ثقافية‭ ‬هائلة‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬الإسلامية‭ ‬والإنسانية‭ ‬والوطنية،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬والتنوع‭ ‬الثقافي‭ ‬والوحدة‭ ‬الوطنية‭. ‬وللمحافظة‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬يتوجب‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الموروث‭ ‬الثقافي‭ ‬والفكري‭ ‬من‭ ‬الاندثار،‭ ‬وتعدً‭ ‬الثقافة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الثوابت‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬المسيرة‭ ‬التنموية‭ ‬الوطنية‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الرؤية‭ ‬الاقتصادية‭ (‬2030‭) ‬أو‭ ‬الرؤية‭ ‬الجديدة‭ (‬2050‭) ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬التخطيط‭ ‬إليها‭ ‬وفق‭ ‬التوجيهات‭ ‬الملكية،‭ ‬والتي‭ ‬تؤكد‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬الحضارات،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬واستمرارية‭ ‬تطوره‭ ‬ثقافيًا‭ ‬واقتصاديًا،‭ ‬مما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬ثقافة‭ ‬السلع‭ ‬والإنتاج‭ ‬لتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬الإمكانات‭ ‬الثقافية‭ ‬للسلع‭ ‬والخدمات‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬والتوجه‭ ‬نحو‭ ‬عدم‭ ‬الاقتصار‭ ‬على‭ ‬فئة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬المستهلكين،‭ ‬إنما‭ ‬استهداف‭ ‬فئات‭ ‬عدة،‭ ‬وضرورة‭ ‬اعتماد‭ ‬رعاية‭ ‬العمل‭ ‬كعنصر‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬رفاهية‭ ‬الإنسان‭ ‬ومستقبله‭.‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬تقدم‭ ‬يتبين‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬الأمم‭ ‬لا‭ ‬يكتمل‭ ‬إلا‭ ‬بتوفير‭ ‬عنصر‭ ‬استدامة‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬مقومات‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية،‭ ‬مهما‭ ‬بلغت‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬الدول،‭ ‬حيثُ‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يراعي‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الشكل‭ ‬الحضاري‭ ‬الذي‭ ‬يتماشى‭ ‬ومقومات‭ ‬المجتمع‭ ‬ويثمن‭ ‬ثقافته‭ ‬وعاداته‭ ‬وتقاليده،‭ ‬دون‭ ‬المساس‭ ‬والإخلال‭ ‬بأسسه‭ ‬أو‭ ‬بنيته،‭ ‬ويمكن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إجراء‭ ‬دراسات‭ ‬بحثية‭ ‬مكثفة‭ ‬حول‭ ‬التركيبة‭ ‬الثقافية‭ ‬للمجتمع،‭ ‬للوقوف‭ ‬على‭ ‬تثبيت‭ ‬قيم‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬وضمان‭ ‬استدامتها،‭ ‬خصوصا‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬سريع‭ ‬المتغيرات‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬أفكار‭ ‬وسلوكيات‭ ‬الأفراد،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬ثقافتهم،‭  ‬وكذلك‭ ‬فإن‭ ‬دمج‭ ‬القطاع‭ ‬التعليمي‭ ‬بكلٍّ‭ ‬ما‭ ‬يعتبر‭ ‬ضرورة‭ ‬هو‭ ‬خطوة‭ ‬تبرز‭ ‬فاعلية‭ ‬التجارب‭ ‬الناجحة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬التقارب‭ ‬النوعي،‭ ‬وتظهر‭ ‬دور‭ ‬النخبة‭ ‬من‭ ‬المفكرين‭ ‬والمبدعين‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا،‭ ‬مما‭ ‬سوف‭ ‬يسهم‭ ‬بالتأكيد‭ ‬في‭ ‬بناء‭  ‬تاريخ‭ ‬وحضارة‭ ‬الوطن،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بهذا‭ ‬الاقتصاد‭ ‬هو‭ ‬بمثابة‭ ‬فتح‭ ‬آفاق‭ ‬اقتصادية‭ ‬واسعة‭ ‬مرتبطة‭ ‬ارتباطًا‭ ‬وثيقًا‭ ‬بالموروث‭ ‬البحريني‭ ‬وتاريخه‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬مرجعًا‭ ‬مستدامًا‭  ‬للأجيال‭ ‬المستقبلية‭.‬

{‭ ‬مختصة‭ ‬في‭ ‬فلسفة‭ ‬الدراسات

البيئية‭ ‬وآليات‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا