الحمد لله الذي منَّ علينا بأفضل الشهور وأعظمها، شهرٌ خصَّه الله لنفسه، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «قال الله عزَّ وجلَ: كلُّ عمل ابن آدم له إلَّا الصوم فإنَّه لي فأنا أُجزي به...» الحديث
ليس من الضرورة في مقامنا هذا من ذكر وجوب الصوم والآيات الدَّالة عليه وما يترتَّب على المسلم في الصيام من تركٍ للطعام والشراب في أوقاتٍ محدَّدةٍ أصبحت معلومة ومعروفة ومشهورة حتَّى لغير المسلمين، كذلك لا داعٍ من تعداد مفطرات الصيام والتي يمكن مراجعتها بأقل من دقيقةٍ واحدةٍ ومتوفرة لكلِّ سائلٍ أو مستفسرٍ لها، ولكن يهمني أن أذكِّر نفسي خصوصاً والمسلمين عموماً بما يغفل عنه كثيرنا في يومنا هذا.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «كم من صائم – وفي رواية أخرى قال: رُبَّ صائمٍ – ليس له من صومه الَّا الظمأ – وفي رواية إلَّا العطش، وكم من قائمٍ – وفي رواية أخرى قال: رُبَّ قائمٍ – ليس له من قيامه الَّا السهر» وعنه أيضاَ: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجةٌ أنْ يدع طعامه وشرابه».
حديثان في غاية الأهميَّة للانتباه لهما، ومنتهى الخطورة التهاون فيهما وعدم العمل بمقتضاهما، فيا من تخشى من المفطرات احذر مما يفسد عليك تعب جسدك وشحابة وجهك وما تتحملَّه طوال شهر كاملٍ، من مشاقٍ وجوعٍ وعطشٍ في سبيل الالتزام بما فرضه الله عليك، ويا من تنوي الصيام في الليل، وتسهر الليل كلَّه أو بعضه قياماً وقعوداً مصلياً وقارئاً لكتاب الله، تذكَّر أن تترك قول الزور والعمل به، واحذر من أنْ تكون صلاتك في دارٍ أنت غاصبها، أو أنْ يكون وضوءك بماءٍ منهوبٍ، سواءٌ في ذلك ماء جيرانك أو دولتك، أو أنْ يكون مأكلك ومشربك من حرامٍ، أو أنْ يكون مالك من حرامٍ، وتذكَّر أنَّ من شروط التوبة النصوحة ردّ الحقوق إلى أصحابها ولا يكفي فيها الاستغفار من الله عزَّ وجلَّ، مهما أكثرت أو بالغت في الإكثار منه، واعلم أنَّ شتم الناس حرامٌ، والتعدِّي عليهم حرام، وأكل مال اليتيم حرام، ومنع الوارثين من حقهم من التركة حرام، وحرمان الأم من ولدها حرام، وقطع الأرحام حرام، والكذب حرام، واحتكار السلع بقطعها عن الناس حرام، وعقوق الوالدين حرام، وأذى الجيران حرام، وقتل النفس حرام، وحرمان العاملين عندك من حقوقهم حرام، والهمز واللمز حرام، والغيبة والنميمة حرام، والفتنة حرام، فكن باغيا للخير ولا تكن باغيا للشرِّ، فإنْ أبيت فعل الخير فكفَّ شرَّك عن الغير، عسى أنْ لا ينطبق عليك الحديثان المذكوران كلاهما أو أحدهما.
نبارك للأمَّة العربيَّة والإسلاميَّة بقدوم شهر الخير والعمل، سائلاً المولى العزيز الجبَّار أنْ ينتقم من الصهاينة أعداء الله والإنسانيَّة، سفَّاحي النساء والرُّضع والشيوخ والأطفال، وعلينا أنْ نتّحد ونجتمع على قلب رجلٍ واحدٍ، يحب بعضنا بعضا، ويخاف كلٌّ منّا على الآخر، نحب للغير ما نحبُّه لأنفسنا، فإذا تمَّ ذلك، عملنا على إعداد العدَّة من قوة ورباطة جأش للقضاء على هؤلاء الصهاينة، وتحرير القدس والمسجد الأقصى، وبيت لحم، وحيفا ويافا ونابلس وكامل الأراضي الفلسطينيَّة بحدودها من البحر إلى النهر، وكسر كيد الصهاينة وحلمهم بتأسيس دولة إسرائيل الكبرى بحدودها من الفرات الى النيل والقائمة على دماء وأشلاء أهل تلك البلاد.
{ الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك