حل بنا شهر رمضان المبارك هذا العام حاملا معه بشائر الخير والتقوى والعبادة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالصلاة والاستغفار والصدقات إلا أن حلوله بنا هذا العام يحمل ألما ووجعا في قلوبنا وفي نفوسنا عندما نرى أخوة لنا في فلسطين المحتلة وخاصة في قطاع غزة يعانون الأمرين ومهددين بالمجاعة الكاملة ولا ندري ما الذي سيصيبهم أكثر في شهر رمضان الذي يمر عليهم قاسيا وموجعا يعانون من نقص الطعام والشراب والأدوية وغير ذلك من الاحتياجات الإنسانية اليومية الضرورية التي من دونها يصبح الإنسان مهددا في حياته ومهددا في مستقبله ومستقبل أولاده.
هذا الشهر الفضيل يعود علينا بالخير وعلى أشقائنا في كل بلاد العالم بالخير والبركة ونتمنى أن ينعم أهلنا في غزة بالخير مع الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني الإرهابية ضد الشعب الغزاوي المغلوب على أمره.
دفعني إلى هذه المقدمة شعور عميق بالألم بالرغم مما يحمله شهر رمضان المبارك من نسمات البركة والفرح والسعادة بالنسبة إلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الذين يعتبرون هذا الشهر الفضيل بمثابة العيد والفرصة التي تجمع بين الأفراد والأسر وسائر المسلمين باعتباره شهر العبادة والأكثر تعزيزا للجانب الاجتماعي والإنساني إلا أن هذا الفرح وهذه السعادة التي يشيعها شهر رمضان في نفوس المسلمين منغصة بالألم الفلسطيني وبالدم الفلسطيني الذي يجعل كل فرح عندنا من دون طعم حقيقي.
ومع ذلك فإننا عندما نتحدث عن شهر رمضان المبارك فإننا لا ننسى بركاته وفضائله على المسلمين أفرادا وجماعات، ويمكن أن نستذكر على الأقل 3 جوانب من بركات هذا الشهر الفضيل.
الأول: إن هذا الشهر هو شهر العبادة بامتياز والتقرب إلى الله بالصلاة والدعاء وتلاوة القرآن الكريم خلاله ترقى النفوس والقلوب ويصبح المسلم أكثر فهما لمعاني الصيام وأكثر إدراكا لقيمه الروحية والعبادية ولعل ما نراه كل ليلة من ليالي رمضان من عبادة وتلاوة تشارك فيها الأغلبية الساحقة من المسلمين في كل بلد إسلامي وحتى غير إسلامي ولعل مملكة البحرين هي من أكثر البلدان التي يشكل فيها شهر رمضان حضورا استثنائيا على صعيد التعبد والتقوى والحمد لله الذي كرم أبناء البحرين بالإسلام وفضائله.
ثانيا: الجانب الاجتماعي الذي يحول أيام رمضان ولياليه إلى لقاءات وتواصل دائمين يلتقي خلاله الأبناء والآباء والأجداد والأصدقاء من أذان المغرب وحتى الفجر في كثير من الأحيان حيث لا نجد بيتا تقريبا إلا ويحتضن أفرادا في لقاء يومي تقريبا ويتحول الحضور الجماعي إلى قاعدة من قواعد شهر رمضان المبارك بعكس الأشهر الأخرى التي يتفرد كل فرد بطعامه الخاص عبر نظام طلبات التوصيل بحيث يطلب كل فرد طلباته وكأنه يعيش في جزيرة منعزلة عن الباقي.
ولذلك عندما يأتي شهر رمضان الكريم تتغير هذه المعادلة الخاطئة التي دخلت حياتنا خلال السنوات الماضية وأفسدتها وأفسدت الجو العائلي الذي أساسه الاجتماع والتواصل اليومي ولذلك فإن العديد من الناس أصبحوا يتمنون حياتنا على مدار العام على شاكلة حياتنا في رمضان المبارك.
ثالثا: الإسراف وما أدراك ما الإسراف هو المسلمة الثالثة التي يتصف بها سلوك الأغلبية الساحقة من المسلمين بما في ذلك البحرينيون وقد كتبنا في أكثر من مناسبة عن ظاهرة الإسراف وإلقاء الطعام في براميل القمامة أجلكم الله في مخالفة واضحة لتعاليم الإسلام ومبادئه العظيمة فقد حذرنا القرآن الكريم من الإسراف والتبذير حتى أنه وصف المبذرين بإخوان الشياطين فظاهرة التبذير عندنا خلال شهر رمضان تحديدا أصبحت مشكلة حقيقية خاصة مع صعوبة الحياة وارتفاع الأسعار وارتفاع نسبة التضخم مما يؤدي إلى مزيد من الإنفاق لأموال غير موجودة أصلا مما يعني اللجوء إلى القروض والتداين بشتى ألوانه، ولذلك عندما ينتهي رمضان ويحل العيد نجد أن العديد من الأسر تعاني الأمرين من الاختلال الكبير في مصاريفها ونفقاتها ويظل هذا الاختلال في بعض الأحيان مستمرًا عدة أشهر وعليه وجب التذكير في كل مرة بضرورة العودة إلى روح الإسلام وهي روح التقشف ونبذ التبذير والعمل على تحقيق التضامن الاجتماعي بين المسلمين بحيث لا يبيت أحد منهم جائعا أو تنقصه أساسيات الحياة الكريمة.
تلك نقاط أحببت الإشارة إليها بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك سائلا المولى العلي القدير أن يكون شهر خير وبركة وأن يحل السلام وأن يتوقف العدوان عن شعب غزة الشقيق المظلوم وأن يستعيد هذا الشعب الحياة الطبيعية بعد أكثر من خمسة أشهر من القتل والإبادة إنه سميع مجيد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك