قطاع غزة - (أ ف ب): يخيم الحزن والبؤس على خيم النازحين في قطاع غزة ولا سيما في رفح حيث يتكدّس 1.5 مليون ممن فروا من القصف والمعارك ليجدوا أنفسهم فريسة الجوع والعطش حتى في شهر رمضان.
«حسبي الله ونعم الوكيل»، تقول ميساء البلبيسي (39 عاما)، وهي من مخيم جباليا في شمال غزة، وقد وقفت باكية تضرب كفًا بكف وطفلتها الرضيعة بين ذراعيها، أمام خيمة بسيطة محتوياتها بالية تقيم فيها مع زوجها وطفليها في ملعب برقة وسط سوق الشابورة في مخيم رفح.
وبدت المرأة المتشحة بالسواد حدادًا على أقاربها والدمار الذي لحق ببيوتهم حائرة ماذا ستعدّ للإفطار في أول أيام رمضان، فلا يوجد في الخيمة سوى حبة طماطم واحدة مع علبة جبن صغيرة من دون أي قطعة خبز.
وتقول: «كل شيء غالٍ، لا نستطيع شراء الخضار، حتى الفاكهة غير موجودة... على السحور تناولنا بضع قطع من لحم المعلبات، فنحن غير قادرين على شراء أي شيء. حتى أبسط وأتفه الحاجات ارتفعت بشكل خيالي... حتى بلالين الأطفال لا نجدها».
وأضافت: «هذه ليست حياة، لا ماء للشرب أو لغسل أيدينا أو طهي الطعام.. لغاية الآن لا نعلم ماذا سنفطر. كنا في السابق نشتري حاجيات رمضان قبل أيام. أما الآن حتى الجبنة سعرها خيالي».
ويروي زوجها زكي حسين أبو منصور (63 عاما) كيف «اقتحمت إسرائيل خان يونس» القريبة من رفح وحيث كانا نازحين في فترة أولى: «بدون إنذار. راحت الدبابات تقصف المنازل واستمر القصف فوق رؤوسنا سبع ساعات. بعدها خرجنا بما علينا من ملابس... الحياة هنا صعبة جدا. حتى أنني فقدت 20 كيلوجراما من وزني، وأنا أعاني من السكر والضغط والقلب. نحن غير قادرين على شراء كيلو بندورة... العالم بحكومة ونحن بحكومتين، فتح وحماس يحكموننا والجهتان لا تكترثان بنا».
ويضيف بحسرة: «ملينا الطعام والحياة، والاستشهاد أفضل. أتمنى أن تقصفني الطائرات وأموت أحسن من هذه العيشة».
وتمكّن نحو 500 مصل من أداء صلاة التراويح مساء أمس الأحد في مسجد العودة، وهو الأكبر في رفح. وصلّى نحو مائة آخرين قرب مسجد الهدى المدمر في الشابورة. لكن لم يتم توزيع الماء والتمور عليهم كما جرت العادة. ولم تتم إضاءة فانوس رمضان لانقطاع الكهرباء. واعتمد المصلون على هواتفهم وسط الظلام.
وإلى جانب ركام مسجد الفاروق في مخيم رفح الذي استهدفته غارة إسرائيلية قبل أسبوعين مدّ متطوعون أمس حصائر تمهيدا لصلاة التراويح.
لكن وزارة الأوقاف في غزة قالت إن مئات آلاف المصلين لن يتمكنوا من أداء هذه الصلاة في مساجد القطاع الجريحة، بعد أن صارت المئات منها «ركاما وأكوام دمار أو لحقت بها أضرار جراء القصف الإسرائيلي».
وقال مكتب الإعلام الحكومي بغزة إن الجيش الإسرائيلي استهدف «أكثر من 500 مسجدٍ، بينها 220 مسجداً هدمها بشكل كلي، و290 مسجداً بشكل جزئي وصارت غير صالحة للصلاة».
ويخيّم شبح المجاعة على القطاع المحاصر الذي يعاني معظم سكانه من نقص في الماء والطعام والأدوية والوقود، وفق الأمم المتحدة وشهادات السكان.
ويتحدث النازحون بلسان واحد معبّرين عن ألمهم وحزنهم. ويقول جمال الخطيب: «لا يوجد أصلا طعام، فكيف سنفطر في رمضان؟ كيف سنفرح ولا مأوى ولا كهرباء ولا ماء؟».
ويقول أحمد خميس (40 عامًا): «لا طعم لرمضان في هذه الحرب القذرة والدموية، حرب إبادة، ولا طعام ولا شراب».
ويصف عوني الكيال (50 عامًا) رمضان بأنه «بدأ حزينا ومتشحاً بالسواد وطعم الموت والدم وأصوات الانفجارات والقصف. سمعت صوت المسحراتي.. استيقظت في خيمتي البسيطة وصرت أبكي على حالنا».
ويضيف الكيال: «الاحتلال لا يريد لنا أن نفرح برمضان. لا نملك أي طعام للفطور. زوجتي قدّمت للأولاد على السحور بعض الجبنة والفول من المساعدات التي تصل إلينا وهي قليلة، وخبزا قديما. لم نجد حتى شايا لنعدّه لهم».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك