نواصل اليوم عرض عدد من معالم التطور التي شهدتها البحرين في عهد جلالة الملك منذ أن تولى أمانة المسؤولية قبل 25 عاما. ففيما يخص حرية الرأي والتعبير، حرص جلالة الملك على كفالة هذه الحقوق بكل أشكالها، من إعلام مقروء، ومرئي، ومسموع، وبعد أن كان هناك صحيفتان في المملكة عام 1999، بلغ عددها الآن (16)، يسمح فيها لجميع الاتجاهات والتيارات بالتعبير عن نفسها دون قيود، وتستضيف البحرين مقر اتحاد الصحافة الخليجية، ومقرًا للمكتب الإقليمي للاتحاد الدولي للصحفيين، كما أصبحت الرابعة عالميًّا في نسبة استخدام الإنترنت، وفقًا لتقرير التنافسية العالمية 2019. وتشير بيانات الاتحاد الدولي للاتصالات الصادرة في يوليو2021، إلى أن 99.7% من البحرينيين يستخدمون الإنترنت، فيما وصل عدد مستخدمي اليوتيوب إلى 1.37 مليونًا، و97.2% يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي وفقًا لدراسة عالمية أجرتها بداية عام 2024، شركة مراقبة وسائل الإعلام «ملتووتر» ووكالة «وي آر سوشال» المختصة بوسائل التواصل، بينما المعدل العالمي 62% وفقًا للدراسة. كما زاد عدد مؤسسات المجتمع المدني إلى (640) عام 2023، وتنوعت مجالاتها، بالإضافة إلى وجود (124) نقابة عمالية، فيما يُسمح بتنظيم الندوات، والمؤتمرات، والمظاهرات، والمحاضرات، والحلقات النقاشية، بلا قيود، وطبقًا للنظام والقانون.
واحتل الاقتصاد، أسبقية أولى في اهتمامات جلالة الملك، حيث أمكن تحقيق الأهداف التنموية من خلال عمليات إصلاح شاملة لمناخ الاستثمار والأعمال وسوق العمل، ما جعل المملكة تحقق معدلات نمو سنوي بلغت في المتوسط 5.4% بين عامي (2000 – 2006)، ثم نموًا سنويًّا إيجابيًّا بنسبة 4.5%، منذ ذلك التاريخ وحتى 2022، وقاد القطاع غير النفطي هذا النمو لتكون البحرين من بين أكثر الاقتصادات تنوعًا في المنطقة، إذ ارتفعت مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي لتصبح 83%، بعد أن كانت 58% في عام 2002، فضلا عن دعم القطاع الخاص، وتعزيز البيئة الاستثمارية، حيث غدت المنامة مركز مال وأعمال في المنطقة؛ وارتفع حجم الاستثمارات من 6 مليارات دولار في عام 2000، إلى 33 مليار دولار عام 2023، ليرتفع رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 582%، كما ارتفع ناتجها المحلي الإجمالي من نحو 8.988 مليارات دولار في عام 2000، إلى 44 مليار دولار في 2023، وارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 15 ألف دولار سنويًا عام 2000، إلى 60.50 ألف دولار في 2023.
كما احتل النهوض بالمرأة، مكانته لدى جلالة الملك الذي استقر في يقينه، أنه لا يمكن للديمقراطية أن تستقيم ونصف المجتمع، وهو المرأة، مغيب، فتم تعزيز دورها من خلال التشريعات، بداية من منحها حقوقًا سياسية كاملة؛ وإعداد الخطط لتمكينها، وتأسيس «المجلس الأعلى للمرأة»، برئاسة سمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم قرينة عاهل البلاد، وإصدار أكثر من (100) مرسوم ملكي وقانون وقرار وزاري لتعزيز حقوقها، وتضاعف عدد الجمعيات النسائية لتصل إلى (21) جمعية، ودعم انضمام المملكة وتصديقها على الصكوك الدولية المعنية بحقوقها، ومن أهمها «السيداو»؛ فتمتعت بحقوق متساوية مع الرجل، وأصبحت رئيسًا لمجلس النواب، ونائبًا لرئيس مجلس الشورى، وتعززت مشاركتها في قوة العمل لتبلغ نحو (43%)، وفي القطاع الحكومي (56%)، وفي القطاع الخاص (35%)، وتمتلك 53% من السجلات التجارية. وفي التعليم ارتفعت نسبة الأكاديميات البحرينيات من إجمالي الأكاديميين لتصبح49%. ومن ثمّ، تولت العديد من المناصب القيادية محليًا وإقليميًا ودوليًا، وبلغت مرتبة متقدمة في تصنيف أعلى دول العالم في التنمية البشرية المعدلة بمؤشرات التوازن بين الجنسين، كما ورد في أحدث تقارير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 2023.
ولإيمانه بأن التنمية يصنعها الإنسان، فقد أعطى الاهتمام الكافي للتنمية البشرية؛ ففي التعليم، أطلق جلالة الملك عدة مبادرات لتحوله من الاستهداف الكمي إلى الجودة، وذلك بالتعاون مع اليونسكو وغيرها، وبعد أن خلت البحرين من الأمية اتجهت إلى محو الأمية الحاسوبية، وحققت في ذلك نجاحا ملحوظا، وأصبح عدد المدارس الحكومية والخاصة (289) عام 2023، وحققت نسبة استيعاب في التعليم الابتدائي100%، وأعلى نسبة قيد في التعليم الثانوي (97%)، وبلغ عدد الجامعات (17) جامعة حكومية وخاصة، وارتفعت نسبة الالتحاق في التعليم الجامعي 70% في 2023.
وفي المجال الصحي، أطلق مبدأ «الصحة الجيدة للجميع»، فوفر العلاج للمواطنين، وأصبحت البحرين خالية من الأمراض الوبائية، نتيجة للعمل بالاستراتيجيات الصحية التي تم تدشينها، والتزام الحكومة بتحقيق التغطية الشاملة للخدمات الصحية، مع توافر البنية التحتية من المياه النقية وخدمات الصرف الصحي والخدمات الصحية الأساسية والأدوية وسهولة الحصول عليها من قبل الفئات المستهدفة، واستطاعت البحرين إحراز تقدم في سبيل تحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة وهو ضمان تمتع الجميع بأنماط الحياة الصحية، وبلغ عدد المستشفيات الحكومية (29)، وعدد المراكز الصحية الحكومية (30)، وأصبح لكل 20 ألف نسمة مركز صحي، وارتفع عدد الكوادر الصحية العاملة بالمستشفيات الحكومية إلى 4426، بينهم 745 طبيباً، و3132 ممرضاً، و549 ضمن المهن الطبية المعاونة، بينما بلغ عدد الكوادر الصحية العاملة بمراكز الرعاية الصحية الأولية 1814. وبلغ العدد الإجمالي للأطباء (4723)، بمعدل (3) أطباء لكل (1000) من السكان، ويمثل هذا أعلى معدل للأطباء بين دول مجلس التعاون الخليجي بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية 2023. وزاد عدد المرافق الصحية العامة والخاصة إلى (788) منشأة، تغطي جميع أنحاء المملكة، لتحقق أحد أهداف الألفية للأمم المتحدة المتعلقة بتغطية الخدمات الصحية لـ100% من السكان، وقد ترتب على ذلك انخفاض وفيات الأطفال، وارتفاع معدل متوسط العمر إلى 77 عاما؛ ما وضعها في قائمة الدول الأكثر صحة في العالم بحسب مؤشر بلومبيرج.
وبالنسبة إلى الإسكان، أولى جلالة الملك اهتماما كبيرا بتوفير المسكن الملائم للمواطن، يراعي المعايير التي أكدتها الصكوك الدولية من حيث الأمان والخصوصية والمساحة الكافية، والمرافق، والخدمات البيئية، والمستلزمات الأخرى من مستوصفات ومدارس، ومنذ عام 2002 قدم العديد من المبادرات؛ لتقديم مزيد من التسهيلات الإسكانية، وتخفيض الأقساط الشهرية عن المواطنين الذين عليهم قروض إسكانية، وتحمل الدولة 65% من القيمة الفعلية للوحدة السكنية، وإتاحة الفرصة للاقتراض بنسبة 100% من قيمة الوحدة السكنية، كما تم تطوير الشراكة مع القطاع الخاص في بناء الوحدات السكنية، من خلال تنفيذ المبادرة الملكية التي أطلقت في ديسمبر2013 لتوفير 40 ألف وحدة سكنية، تم تنفيذ جملة من مشاريع الإسكان منها إنشاء 5 مدن سكنية جديدة، وتضمنت خطة التعافي الاقتصادي (2022-2026) إنشاء 5 مدن جديدة.
وفي مجال العمل، كان إطلاق المشروع الوطني لتأهيل وتوظيف الخريجين، وإنشاء صندوق العمل «تمكين»، وهيئة سوق العمل، وإقرار حماية اجتماعية للمتعطلين والباحثين عن عمل بتبني برنامج التأمين ضد التعطل، واستهداف أن تكون العمالة الوطنية خيارًا مفضلاً في القطاع الخاص، وكان نتيجة كل هذه المبادرات أن أصبحت البطالة في الحدود الآمنة من 3.1–3.9%.
وفيما يتعلق بالرعاية الاجتماعية؛ تعهد بأن يكون لكل مواطن بحريني مصدر دخل يكفل له حياة كريمة، وذلك بتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية من خلال مأسسة هذه الحماية، بإنشاء وزارة التنمية الاجتماعية المعنية بها، حيث ضمن لذوي الاحتياجات الخاصة (ذوي الهمم)، كل حقوقهم، بمخصص إعاقة شهري، وأتاح لهم التعليم، والتدريب، والتأهيل، والعمل، والتمكين الاقتصادي، وتعزيز مشاركتهم في الحياة العامة. كما اهتم برعاية «كبار السن»، بتخصيص مكتب لهم في وزارة التنمية الاجتماعية لحل مشكلاتهم، وتسجيلهم على «المنصة الوطنية لخبراء البحرين»، وإعفائهم من معظم الرسوم الحكومية أو تخفيضها، وانتشار العديد من المراكز ودور الرعاية والأندية لخدمتهم، وبذلك غدت البحرين نموذجًا في مستوى الخدمات المقدمة لهم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك