اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
زمن «ماشيين على البركة»
كثيرا ما يقال عن العرب أنهم نائمون، ولا يخططون، ولا يعرفون إلا القليل، وبأنهم لا يقرأون وإذا قرأوا لا يفهمون، ورغم قناعتي بأن هذه الأحكام لا يجب أن تكون مطلقة حيث يعتريها نوع من المبالغة والافتراء، إلا أنني أتفق معها ولو بقدر قليل فيما يتعلق بالتخطيط بشكل خاص.
فبرغم أن الكثير من الدول العربية تملك عقولا فذة ذات بعد استراتيجي، إلا أن مسالة التخطيط على المدى البعيد لم تصبح من أولوياتنا اللهم إلا في بعض الدول التي قررت أن ترسم لها خارطة طريق واضحة تسير عليها نحو المستقبل القريب والبعيد.
مؤخرا وافقت لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس النواب على الاقتراح برغبة بإنشاء وزارة تعنى بالتخطيط في مملكة البحرين، وذلك من أجل تفعيل ورفع مستوى التخطيط لدى الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة بهدف متابعة تنفيذ الخطة الوطنية المنبثقة عن الرؤية الاقتصادية 2023 وتقييمها بالتعاون مع كل وزارات الدولة ومؤسساتها العامة والخاصة.
وأوضحت اللجنة أن هدف تلك الوزارة هو تطوير الاقتصاد الوطني ليكون مزدهرا ومنفتحا على الأسواق الإقليمية والعالمية، وكذلك تعزيز الإدارة الحكومية لتحقيق الاستقرار المالي والشفافية والخضوع للمساءلة والرقابة على الصعيدين المركزي والمحلي، إلى جانب المساهمة في عملية توفير قوى بشرية وطنية مدربة وملائمة للاحتياجات المؤسسية الخاصة والعامة.
ومن مهام الوزارة أيضا كما جاء في الاقتراح إعداد الخطط والبرامج التنموية بالتعاون مع الجهات المعنية، وتوفير وإدارة التمويل اللازم للمشاريع التنموية بالتنسيق مع وزارة المالية والعمل، كحلقة وصل بين الجهات المانحة والوزارات والمؤسسات الحكومية، فضلا عن متابعة وتقييم الخطط والبرامج والمشاريع التنموية بالتعاون مع الجهات المعنية، والتنسيق بين نشاطات المؤسسات الحكومية لضمان كفاءة التنفيذ وتحقيق الأهداف، إضافة إلي التعاون مع وزارة المالية في إدارة الدين العام ومتابعة الأهداف والبرامج الزمنية التي أوصت بها المبادرات والمؤتمرات الدولية، وإعداد قاعدة بيانات حول المؤشرات والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية المحلية ورصد مثيلاتها العالمية ومدى تأثير ذلك على الاقتصاد الوطني.
ونحن بدورنا إذ نثني على هذا الاقتراح برغبة، والذي يؤكد أهمية التخطيط وعدم العشوائية، وهو ما أشار إليه العالم الاقتصادي كرستيان شويندر عام 1910 الذي أدخل لفظ التخطيط في قاموس العالم، فكانت ألمانيا أول من طبقت هذه الفكرة بعد الحرب العالمية الأولى، ومن بعدها الاتحاد السوفيتي.
نعم تأخرنا كثيرا، ولكن الفرصة مازالت أمامنا للحاق بمن سبقونا، ففي هذا العصر الرقمي الذي نشهد فيه هذا الكم من التغيرات والتحولات السريعة لم يعد هناك مكان لزمن المقولة الشعبية «ماشيين على البركة»!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك