العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

بوادر «انتفاضة ثالثة» في الضفة الفلسطينية؟

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الأحد ٠٣ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ (‬146‭) ‬يومًا‭ ‬على‭ ‬حملة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬الإخفاقات‭ ‬تلاحق‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬أهدافه‭ ‬المعلنة،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يقف‭ ‬عاجزا‭ ‬أمام‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬رغم‭ ‬الكلف‭ ‬الباهظة‭ ‬والانتهاكات‭ ‬والجرائم‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الوحشية‭ ‬البشعة‭. ‬ورغم‭ ‬فاتورة‭ ‬الدم‭ ‬ومختلف‭ ‬صنوف‭ ‬العذابات‭ ‬الاحتلالية‭ ‬التي‭ ‬يدفعها‭ ‬الأهل‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬المحتل‭ ‬ثمناً‭ ‬لتمسكهم‭ ‬بأرضهم،‭ ‬يتسارع‭ ‬نشاط‭ ‬الجماعات‭ ‬الاستعمارية‭/ ‬الاستيطانية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬معلنة‭ ‬أهدافها‭ ‬بوضوح‭ ‬كامل،‭ ‬وتمارس‭ ‬نشاطها‭ ‬دون‭ ‬قيود‭ ‬نحو‭ ‬هدف‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

من‭ ‬جهتها،‭ ‬تنظر‭ ‬منظمات‭ ‬المستوطنين‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬باعتبارها‭ ‬فرصة‭ ‬للتهجير‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬فلقد‭ ‬باشرت‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬المسلحة،‭ ‬بمساعدة‭ ‬من‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال،‭ ‬الضغط‭ ‬للمسارعة‭ ‬في‭ ‬تهجير‭ ‬تجمعات‭ ‬فلسطينية‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬الأوسع‭ ‬المصنفة‭ (‬ج‭). ‬وفق‭ ‬تفاهمات‭ ‬أوسلو‭! ‬

واليوم،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬انشداد‭ ‬أنظار‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليوني‭ ‬فلسطيني‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬تتحرك‭ ‬الضفة،‭ ‬استمراراً‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬المقاومة‭ ‬ودعماً‭ ‬للجناح‭ ‬المقاوم‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬والثالث‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬فلسطين‭ / ‬جنوب‭ ‬لبنان‭ ‬ما‭ ‬استثار‭ ‬المخططات‭ ‬الصهيونية‭ ‬لتجديد‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬استدامة‭ ‬الاحتلال‭ ‬وضم‭ ‬الضفة‭ ‬تدريجيا‭.‬

لقد‭ ‬تحولت‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬إلى‭ ‬تشكيلات‭ ‬عسكرية‭ ‬وشبه‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬الحرب،‭ ‬الذي‭ ‬يسلحها‭ ‬ويوجهها‭ ‬وزير‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬المتطرف‭ ‬والمأفون‭ (‬ايتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير‭)‬،‭ ‬وهي‭ ‬تحظى‭ ‬برعاية‭ ‬واضحة‭ ‬قديمة‭/‬جديدة‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬وجيش‭ ‬وشرطة‭ ‬الاحتلال،‭ ‬بهدف‭ ‬التهجير،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اتخذ‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬أحد‭ ‬أخطر‭ ‬الإجراءات‭ ‬عبر‭ ‬توزيع‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬قطع‭ ‬السلاح‭ ‬على‭ ‬المستوطنين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

وبحسب‭ ‬منظمات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الإسرائيلية‭ (‬كمركز‭ ‬المعلومات‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬بتسيلم،‭ ‬وحركة‭ ‬السلام‭ ‬الآن،‭ ‬ومنظمة‭ ‬يش‭ ‬دين‭ - ‬يوجد‭ ‬قانون‭) ‬فإن‭ ‬المستوطنين‭ ‬يهاجمون‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬سنوات،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬المستوى‭ ‬الحالي‭ ‬من‭ ‬العنف،‭ ‬بهدف‭ ‬التهجير،‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الوتيرة‭ ‬والشدة‭.‬

أما‭ ‬هيئات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬فتروي‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬تقاريرها‭ ‬الدورية‭ ‬الى‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للمنظمة‭ ‬الأممية،‭ ‬إن‭ ‬هجمات‭ ‬المستوطنين‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬تواصلت‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬سنوات،‭ ‬ولكنها‭ ‬تضاعفت‭ ‬بعد‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬بمتوسط‭ ‬خمس‭ ‬هجمات‭ ‬يوميًا،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬استشهاد‭ ‬عدد‭ ‬غير‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬بالمقابل،‭ ‬ومنذ‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬تتوسع‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬انتهاكاتها‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وتصدر‭ ‬أوامر‭ ‬عسكرية‭ ‬بوضع‭ ‬اليد‭ ‬على‭ ‬أراضي‭ ‬المواطنين‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يتفاقم‭ ‬فيه‭ ‬عنف‭ ‬وإرهاب‭ ‬المستوطنين،‭ ‬وتنمو‭ ‬في‭ ‬أوساطهم‭ ‬أفكار‭ ‬التهجير‭ ‬القسري،‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬تتواصل‭ ‬النشاطات‭ ‬الاستيطانية‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬محافظة،‭ ‬بتركيز‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬القدس‭ ‬ومحيطها‭ ‬بهدف‭ ‬فصلها‭ ‬عن‭ ‬محيطها‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الجهات‭ ‬وتغيير‭ ‬واقعها‭ ‬التاريخي‭ ‬والقانوني‭ ‬والديموغرافي،‭ ‬وإخراجها‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬مفاوضات‭ ‬مستقبلية‭ ‬كعاصمة‭ ‬لدولة‭ ‬فلسطين‭. ‬وتتصاعد‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬المشتركة‭ ‬والممنهجة،‭ ‬بين‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬والمستوطنين‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تتصاعد‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬مدن‭ ‬وبلدات‭ ‬ومخيمات‭ ‬الضفة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬أعمال‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭.‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬منع‭ ‬اندلاع‭ ‬انتفاضة‭ ‬ثالثة‭ ‬في‭ ‬الضفة،‭ ‬ويسعى‭ ‬إلى‭ ‬منع‭ ‬انفجارها‭ ‬تحديداً‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المقارفات‭ ‬والانتهاكات‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المستعمرين‭/ ‬المستوطنين‭ ‬وبدعم‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬وباقي‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬كسر‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬التي‭ ‬طالما‭ ‬أثبتت‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تجديد‭ ‬المقاومة‭ ‬شهراً‭ ‬بعد‭ ‬شهر‭ ‬وعاماً‭ ‬إثر‭ ‬عام،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬ظروف‭ ‬وممارسات‭ ‬الاحتلال‭ ‬القاسي‭ (‬وقطعان‭ ‬المستوطنين‭) ‬والذي‭ ‬مزّق‭ ‬أراضي‭ ‬الضفة‭ ‬وعزلها‭ ‬سواء‭ ‬بالجدار‭ ‬العنصري‭ ‬الفاصل‭ ‬أو‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواع‭ ‬الحواجز‭ ‬الثابتة‭ ‬والمتحركة،‭ ‬ناهيكم‭ ‬عن‭ ‬إجراءات‭ ‬التدمير‭ ‬الاقتصادي‭ (‬حجز‭ ‬الأموال‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وقف‭ ‬العمالة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والمباشرة‭ ‬باستبدالها‭ ‬بعمالة‭ ‬أجنبية‭ ‬مستوردة‮…‬‭.‬إلخ‭) ‬بحيث‭ ‬تفاقم‭ ‬الغليان‭ ‬في‭ ‬مرجل‭ ‬الضفة‭ ‬وتكاد‭ ‬تصل‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الانفجار‭!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا