تحت رعاية الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة الرئيس التنفيذي لمؤسسة التنظيم العقاري عقد معهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية بالتعاون مع مؤسسة التنظيم العقاري وبدعم من شركة ديار المحرق النسخة الثانية للمنتدى العقاري الوطني يوم الإثنين 26 فبراير 2024 تنفيذاً لأحد أهم مبادرات الخطة الوطنية للقطاع العقاري 2021-2024 ورفع مستوى الثقافة العقارية لدى المتعاملين في القطاع، وليضيف نجاحا جديدا إلى نجاحه السابق في عقد النسخة الأولى من المنتدى.
وقد كان ذلك حصيلة للتعاون مع مؤسسة التنظيم العقاري التي وضعت بصمات جديدة ومؤثرة على القطاع العقاري في المملكة منذ إنشائها ومباشرتها لمهامها وفقا للقانون رقم (27) لسنة 2017م بشأن تنظيم القطاع العقاري، والمرسوم رقم (69) لسنة 2017م بتنظيم مؤسسة التنظيم العقاري، فتمكنت من تحقيق نجاحات متواصلة ومتنامية تعبر أصدق تعبير عن توجيهات قيادة البلاد الرشيدة في منح القطاع العقاري مزيدا من الاهتمام المؤسسي والتشريعي، والتقني، فقد أكدت في رسالتها سعيها إلى توفير بيئة تنظيمية قوية وآمنة وشفافة ومستدامة للقطاع العقاري من شأنها تشجيع الاستثمار وحماية حقوق المستهلكين، من خلال حلول مبنية على أفضل الممارسات العالمية وتقديم خدمات نموذجية بواسطة فريق عمل مختص، فضلاً عن التواصل الأمثل مع جميع الجهات المعنية بالقطاع العقاري، الأمر الذي يسهم وبفاعلية في الارتقاء بالممارسات وبالثقافة والمعارف والعلوم العقارية لدى المتعاملين في القطاع العقاري، وليسد جزءا من الفراغ الذي تعاني منه السوق العقارية، حيث تفتقر المملكة إلى مؤسسة أكاديمية متخصصة بالتعليم والتدريب العقاري، على الرغم من المحاولات السابقة للجنة العقارية في غرفة تجارة وصناعة البحرين لإنشاء معهد للتنمية العقارية ومن ثم كلية عقارية، إلا أنها لم توفق في تنفيذها، بالرغم من الإدراك بأهمية القطاع العقاري المتنامية، فهو رافد مهم للاقتصاد الوطني ومكون مهم من مكونات التنمية الحضرية المستدامة، وهو من القطاعات الواعـدة بالنـمو والتطـور، نظرا إلى كثرة وتشابك العوامل المؤثرة إيجابيا فيه، وتعدد القطاعات ذات العلاقة به، بدءا من المكاتب الهندسية إلى تصنيع مواد البناء ونقلها وتشغيل الأيدي العاملة، إلى شركات التطوير والمقاولات وشركات الإدارة والصيانة، ومؤسسات الوساطة والتثمين والتسويق العقاري، ويمتد تأثيره إلى القطاع التجاري من استيراد وتصدير وإلى قطاع النقل من موانئ وطرق وأساطيل نقل مواد البناء وغيرها، بحيث يقدر عدد القطاعات الفرعية والبنى المؤسسية الاقتصادية والاجتماعية، لا بل العسكرية والأمنية، التي لها علاقة بالقطاع العقاري بنحو (120) جهة، إلى جانب أثره الفعال في نمو وسرعة دوران رأس المال، الذي عادة ما يعيد المطور استثماره بدرجة أساسية في نفس المجال وفي مشاريع أكبر.
كما أن نمو وتطور القطاع العقاري يعد حافزا مهما لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتوطين وتفعيل رأس المال المحلي، حيث يؤدي إلى تحسين تنافسية القطاعات الاقتصادية الأخرى، من خلال إيجاد بيئة مجهزة ببنى تحتية عقارية متكاملة تساعد على إقامة أي استثمار، وتسهم في جذب المزيد من رؤوس الأموال، وارتفعت أهمية القطاع العقاري مع بروز دور وأهمية التكنولوجيا العقارية التي منحت القطاع العقاري دفعا جديدا برؤية جديدة، وخاصة أن التقدم التكنولوجي والحلول الذكية العصرية تحتل مكانة كبيرة في القطاع العقاري. وقد كان معهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية مصيبا جدا في اختيار شعار المنتدى «ابتكار عقاري يتخطى الحدود»، إذ إن الابتكارات العقارية فكرا وممارسة ليست حكرا على دولة أو شركة، بل إنها نتاج إنساني تتعاظم قيمته حينما يتخطى الحدود ويلامس الموروث والثقافات الإنسانية المختلفة ويسهم في الإصحاح البيئي العالمي. كما نجح المعهد في اختيار المحاور الثلاثة للمنتدى (مستقبل القطاع العقاري، وتحقيق الاستدامة في القطاع العقاري، ودور التكنولوجيا العقارية في تعزيز القطاع)، والتي تمثل انشغالات حقيقية مشروعة للعاملين والمهتمين في القطاع العقاري، ومن محاسن الصدف أننا ومع الزميل الدكتور حسن إبراهيم كمال الخبير العقاري ورئيس اللجنة العقارية في غرفة تجارة وصناعة البحرين سابقا، أنجزنا كتابا جديدا بعنوان «القطاع العقاري بمملكة البحرين في عصر التحول الرقمي»، تناولنا فيه بالدراسة والتحليل ومن خلال مقدمة وثلاثين فصلا العديد من الانشغالات العقارية الراهنة كعلاقة التكنولوجيا العقارية بالتنمية المستدامة، والتكنولوجيا المالية الخضراء والاستثمار العقاري، والذكاء الاصطناعي والتنمية العقارية الذكية، والبيانات الضخمة والقطاع العقاري، وإنترنت الأشياء وأثره في التنمية العقارية، وتقنية الحوسبة السحابية والسوق العقارية، وتقنية البلوك تشين ومجالات ووفورات استخدامها في القطاع العقاري، والاقتصاد الافتراضي، والميتا فيرس وتعزيز نمو القطاع العقاري وغيرها من الانشغالات ذات الصلة بحاضر ومستقبل القطاع العقاري، آملين أن نكون قد أسهمنا في دعم الثقافة والاقتصاد العقاري في مملكتنا العزيزة، وختاما نقول كل الشكر والتقدير والاعتزاز للجهود والإسهامات المميزة لمؤسسة التنظيم العقاري إدارة ومنتسبين، ولمعهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية الذي لم يقصر نشاطاته المميزة على قطاعه المالي والمصرفي، والشكر موصول إلى شركة ديار المحرق التي كانت دائما مميزة في أداء مسؤوليتها المجتمعية، وآخر دعوانا اللهم احفظ البحرين قيادة وشعبا ووطنا.
{ أكاديمي وخبير اقتصادي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك