أثار الصمود الروسي في وجه دول الناتو التي تحارب مع أوكرانيا بأسلحتها وأموالها ومرتزقتها مخاوف لدى الدول الأوروبية بوجه خاص بغربها وشرقها على حد سواء، ومخاوف من اندلاع حرب واسعة بين الطرفين لتكون مقدمة ربما إلى حرب عالمية ثالثة والمؤشرات في هذا الاتجاه عديدة ومخيفة ويمكن حوصلتها في رصد 3 نقاط:
الأولى: الاستعدادات الأوروبية العلنية والمعبر عنها سياسيا وإعلاميا للحرب القادمة أو ما يسميه الإعلام الأوروبي في الشرق والغرب صراحة بالاستعداد للمواجهة مع روسيا الاتحادية، بل إن الصحف الألمانية تتحدث صراحة عن ضرورة الاستعداد لهذه المواجهة بين الربيع والصيف القادمين، وذلك من خلال اتخاذ عدد من الخطوات العسكرية الصناعية وتجهيز وتجديد المخزونات من الأسلحة والذخائر لمواجهة الروس وتقول الصحف ذاتها إن حتمية هذه المواجهة قد اتضحت بعد فشل الهجوم الأوكراني الذي مولته الولايات المتحدة الأمريكية ودول الناتو مجتمعة حيث تجاوز هذا الدعم المقدم لأوكرانيا ما قيمته 60 مليار دولار من دون جدوى.
كما أن الدول الأوروبية الأخرى بدأت تسير سيرة ألمانيا بالتعاون فيما بينها في مجال الصناعات العسكرية وتجديد المخزونات بعد أن استنفدت ذخائرها ومعداتها العسكرية من خلال دعم أوكرانيا في المواجهة مع روسيا استعدادا للمواجهة المنتظرة.
ثانيا: اتجاه دول البلطيق بوجه خاص نحو بناء حلف دفاعي فيما بينها يكون مهيأ لصد أي هجوم روسي محتمل وذلك لأن دول البلطيق تشعر بقلق متزايد وغير مفهوم من احتمال الهجوم الروسي القادم الذي قد يكتسحها بعد أن يحتل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جمهورية أوكرانيا بالكامل كما يتردد في الإعلام السياسي لهذه الدول التي تستشعر ضعفها وربما تستشعر أن النموذج الأوكراني الأقوى في المنطقة والمدعوم من الغرب بشكل لا محدود لم ينجح في مواجهة روسيا أو إيقاف الهجوم الكاسح أو استرداد الأراضي التي استولت عليها الروس خلال هجماتهم ولذلك فإن الرد الفعلي الأبرز في هذا الاتجاه هو الاعتماد على النفس ومن ثم طلب الدعم والعون من دول الناتو وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية لتكون قادرة على الصمود في وجه أي هجوم روسي محتمل والذي يشاع الآن بأنه سيكون في الصيف القادم.
ثالثا: اتجاه عدد من الدول الأوروبية إلى التحرك التدريجي ومنها فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وأغلب دول أوروبا الشرقية والوسطى نحو الدخول في مرحلة اقتصاد الحرب من خلال العمل على تهيئة المواطنين في هذه الدول للاستعداد نفسيا وماديا لاحتمال قيام هذه الحرب والبدء في دعوة جزء من المواطنين للتدريب العسكري والتهيؤ لاحتمال الالتحاق بساحات المعارك القادمة وتحويل الاقتصاد نفسه لخدمة الجانب العسكري تحديدا على حساب الجانب المدني الذي خلق خلال 50 سنة الماضية رفاهية للمجتمعات الأوروبية بما يعني انتقال هذه المجتمعات الأوروبية إلى مرحلة التقشف التي يفرضها اقتصاد الحرب.
هذه المؤشرات يمكن أن نضيف إليها المشاركات المباشرة الفعلية لدول الناتو في هذه الحرب بالدعم المالي والعسكري وبالخبراء العسكريين والضباط وحتى المرتزقة لأوكرانيا فقد أظهرت الفترة الماضية أن عشرات الالاف من هؤلاء يعملون مباشرة في مناطق المواجهة بين روسيا وأوكرانيا حيث نشر الإعلام الروسي مؤخرا تأكيدات عن قتل وأسر العشرات من الجنود والضباط والمرتزقة من الفرنسيين والبريطانيين والبولنديين بوجه خاص مما يؤكد أن المشاركة العسكرية الكاملة متوافرة بشكل لا ريب فيه.
كما يمكن أن نشير أيضا إلى أن دول الناتو قد تأكدت بما لا يدع مجالا للشك بأن أوكرانيا قد هزمت وإن ليس أمامها سوى اللجوء إلى الدفاع باتباع نفس الطريقة الروسية وهي بناء خطوط دفاعية قوية والاعتماد على الضربات البعيدة المدى، ولذلك تلجأ دول الناتو وبعد أن تيقنت من حتمية الهزيمة إلى إطلاق أضخم مناورات عسكرية منذ نهاية الحرب الباردة تحمل اسم «المدافع الصامد 2924» يشارك فيها 90 ألف جندي من دول الناتو من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك كنوع من التعبير عن وحدة دول الناتو واستعدادها لصد أي هجوم روسي.
كيف يواجه الروس والإعلام الروسي والنظام السياسي الروسي هذا الاحتمال؟!
من خلال المتابعة، فإن الروس يواجهون هذه الادعاءات والاستعدادات والتأكيدات بشأن هجوم روسيا المحتمل على دول الناتو بالاستهزاء والسخرية فقط.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك