العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

اجعلوني دوليا

اعتز،‭ ‬والاعتزاز‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬التباهي،‭ ‬بأنني‭ ‬خضت‭ ‬غمار‭ ‬مجالات‭ ‬عمل‭ ‬عديدة‭ ‬ومتنوعة،‭ ‬وقد‭ ‬اعترفت‭ ‬مرارا‭ ‬بأنني‭ ‬دخلت‭ ‬مجال‭ ‬الإعلام‭ ‬وتحديدا‭ ‬الصحافة‭ ‬المكتوبة‭ ‬ثم‭ ‬التلفزيونية‭ ‬من‭ ‬الشباك،‭ ‬أي‭ ‬انني‭ ‬لم‭ ‬أدرس‭ ‬الإعلام‭ ‬او‭ ‬أي‭ ‬فرع‭ ‬من‭ ‬علوم‭ ‬الاتصال،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فقليل‭ ‬المعارف‭ ‬التي‭ ‬اكتسبتها‭ ‬واكسبتني‭ ‬مسمى‭ ‬صحفي‭ ‬جاء‭ ‬بالمجاهدة‭ ‬والتجربة‭ ‬وياما‭ ‬تعرضت‭ ‬في‭ ‬مسيرتي‭ ‬الصحفية‭ ‬للتوبيخ‭ ‬وأحيانا‭ ‬العقوبة‭ ‬بخصم‭ ‬مبلغ‭ ‬مالي‭ ‬من‭ ‬الراتب‭ ‬الشهري،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬وعن‭ ‬تجربة،‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬تنويع‭ ‬الخبرات‭ ‬بتغيير‭ ‬نوع‭ ‬وطبيعة‭ ‬وجهة‭ ‬العمل،‭ ‬يُحسَّن‭ ‬فرص‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬وظائف‭ ‬أفضل‭. ‬نعم‭ ‬هذا‭ ‬رأي‭ ‬شخصي،‭ ‬لا‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬أجراها‭ ‬خبراء‭ ‬واستشاريون‭ ‬ذوو‭ ‬عيون‭ ‬زرق‭ ‬أو‭ ‬خضر،‭ ‬بل‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬تجارب‭ ‬شخصية‭ ‬تخصني‭ ‬وتخص‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬أعرفهم‭.‬

واستدرك‭ ‬وأقول‭ ‬إن‭ ‬تغيير‭ ‬طبيعة‭ ‬العمل‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬بداهة‭ ‬أن‭ ‬تسعى‭ ‬للانتقال‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬الحسابات‭ ‬إلى‭ ‬الإدارة‭ ‬الهندسية،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة‭ ‬إلى‭ ‬قسم‭ ‬الميزانية،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬تحاول‭ ‬تعزيز‭ ‬قدراتك‭ ‬ومهاراتك‭ ‬بتغيير‭ ‬طبيعة‭ ‬عملك‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬مؤهلاتك‭ ‬العلمية‭ ‬والعملية،‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬أفكاري‭ ‬حول‭ ‬الموضوع‭ ‬غير‭ ‬ملزمة‭ ‬لأحد،‭ ‬ولكنني‭ ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الشخصي‭ ‬كنت‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬أميل‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬عملي،‭ ‬وَجِهة‭ ‬عملي‭ ‬كل‭ ‬بضع‭ ‬سنوات‭ ‬سعيا‭ ‬نحو‭ ‬الأفضل‭ ‬ماديا‭ ‬ومهنيا‭ ‬ومعنويا،‭ ‬ولكنني‭ ‬أعترف‭ ‬بأن‭ ‬ذلك‭ ‬أتى‭ ‬علي‭ ‬بنتائج‭ ‬كارثية‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المرات‭ ‬حين‭ ‬وجدت‭ ‬نفسي‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬مريضة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬التجسس‭ ‬والنميمة،‭ ‬وأدركتني‭ ‬رحمة‭ ‬من‭ ‬ربي‭ ‬وغادرت‭ ‬تلك‭ ‬البيئة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬أصاب‭ ‬بفشل‭ ‬كلوي‭.‬

عموما،‭ ‬فإنني‭ ‬ومنذ‭ ‬دخولي‭ ‬الحياة‭ ‬العملية‭ ‬ظللت‭ ‬استكشف‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬الجديدة‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬الوظيفة‭ ‬التي‭ ‬أشغلها‭ ‬مريحة‭ ‬ومجزية،‭ ‬وما‭ ‬من‭ ‬وظيفة‭ ‬طرحت‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬ووجدت‭ ‬نفسي‭ ‬مؤهلا‭ ‬للمنافسة‭ ‬عليها‭ ‬إلا‭ ‬وقدمت‭ ‬أوراقي‭ ‬للفوز‭ ‬بها،‭ ‬وفزت‭ ‬بوظائف‭ ‬كثيرة‭ ‬ثم‭ ‬رفضتها‭ ‬لسبب‭ ‬أو‭ ‬لآخر‭. ‬وقد‭ ‬أتيت‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬سنة‭ ‬وأنا‭ ‬أحلم‭ ‬بالثراء‭ ‬والثروة،‭  ‬ثم‭ ‬تخليت‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬الحلم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬رأيت‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬أهل‭ ‬الخليج‭ ‬ليسوا‭ ‬أفضل‭ ‬مني‭ ‬حالا،‭ ‬بل‭ ‬وربما‭ ‬كان‭ ‬كثيرون‭ ‬منهم‭ ‬أتعس‭ ‬مني‭ ‬حالاً‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الأوضاع‭ ‬المادية،‭ ‬وطالما‭ ‬أن‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬‮«‬فشَّلتني‮»‬،‭ ‬ولم‭ ‬تساعدني‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬ثريا،‭ ‬بل‭ ‬وارتفعت‭ ‬كلفة‭ ‬المعيشة‭ ‬فيها‭ ‬مؤخرا‭ ‬بدرجة‭ ‬أنه‭ ‬كلما‭ ‬نلت‭ ‬علاوتي‭ ‬السنوية‭ ‬رفعوا‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬بما‭ ‬يعادل‭ ‬ثلاثة‭ ‬أضعاف‭ ‬تلك‭ ‬العلاوة،‭ ‬فقد‭ ‬قررت‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ (‬أخلع‭) ‬من‭ ‬وظيفتي‭ ‬الحالية‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬بأكملها،‭ ‬ولكنني‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مساعدة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬والدول‭ ‬العربية‭ ‬كي‭ ‬أحصل‭ ‬على‭ ‬الوظيفة‭ ‬التي‭ ‬أصبو‭ ‬إليها‭.‬

بدون‭ ‬لف‭ ‬أو‭ ‬دوران‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ (‬تضحك؟‭  ‬الله‭ ‬يسامحك‭).. ‬نعم‭ ‬فقد‭ ‬بدأت‭ ‬حملات‭ ‬جس‭ ‬النبض‭ ‬لاختيار‭ ‬خلف‭ ‬للأمين‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭ ‬للمنظمة‭ ‬انتونيو‭ ‬غوتيرش،‭ ‬رغم‭ ‬ان‭ ‬ولايته‭ ‬تنتهي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2026،‭ ‬واعتقد‭ ‬أنني‭ ‬أصلح‭ ‬لهذا‭ ‬المنصب،‭ ‬وأهل‭ ‬له،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬الأسبق‭ ‬للمنظمة‭ ‬الدولية،‭ ‬كوفي‭ ‬أنان‭ ‬بلدياتي،‭ ‬لأنه‭ ‬أصلا‭ ‬من‭ ‬غانا،‭  ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬أقاربي‭ ‬بحكم‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬عرّبوه‭ ‬فجعلوه‭ (‬عنان‭) ‬باعتبار‭ ‬أنه‭ ‬كوفي‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الكوفة،‭ ‬والأمين‭ ‬العام‭ ‬الأسبق‭ ‬الآخر‭ ‬بطرس‭ ‬غالي‭ ‬المصري‭ ‬ابن‭ ‬عمي،‭ ‬مما‭ ‬يجعلني‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬أسرة‭ ‬المنظمة‭ ‬الدولية،‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬مطلوب‭ ‬من‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬يمشي‭ ‬على‭ ‬العجين‭ ‬الأمريكي‭ ‬دون‭ ‬أن‭ (‬يلخبطه‭)‬،‭ ‬وأنا‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لأن‭ ‬أكون‭ ‬شخشيخة‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الأمريكان‭ ‬ومدح‭ ‬جهودهم‭ ‬المقدرة‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬في‭ ‬الصومال‭ ‬والعراق‭.  ‬وإذا‭ ‬طلبت‭ ‬واشنطن‭ ‬نشر‭ ‬قوات‭ ‬دولية‭ ‬في‭ ‬دارفور‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬السودان،‭ ‬فإنني‭ ‬سأؤيد‭ ‬نشر‭ ‬تلك‭ ‬القوات‭ ‬في‭ ‬الخرطوم‭ ‬والقاهرة‭ ‬وطهران‭ ‬ولو‭ ‬لتنظيم‭ ‬حركة‭ ‬المرور‭.‬

باختصار،‭ ‬أنا‭ ‬مستعد‭ ‬لمساندة‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬خير‭ ‬تأمر‭ ‬به‭ ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬لـ‭(‬محور‭ ‬الخير‭) ‬في‭ ‬واشنطن‭. ‬المهم‭ ‬عندي‭ ‬هو‭ ‬الراتب‭. ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يتقاضى‭ ‬راتبا‭ ‬قدره‭ ‬170‭ ‬دولارا‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ ‬ولا‭ ‬يدفع‭ ‬فواتير‭ ‬الهاتف‭ ‬والكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬ويسافر‭ ‬ويقيم‭ ‬في‭ ‬فنادق‭ ‬ببلاش‭.  ‬وأعرف‭ ‬أنني‭ ‬لن‭ ‬أبقى‭ ‬في‭ ‬المنصب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬لأن‭ ‬ضميري‭ ‬سيستيقظ‭ ‬وألعن‭ ‬أبو‭ ‬خاش‭ ‬أمريكا‭ ‬ويتم‭ ‬طردي‭ ‬شر‭ ‬طردة‭ ‬من‭ ‬نيويورك‭ ‬ولكن‭ (‬بعد‭ ‬إيه‭)‬؟‭  ‬أكون‭ ‬قد‭ (‬كَوَّنت‭ ‬نفسي‭) ‬بل‭ ‬أكتب‭ ‬مذكراتي‭ ‬وأبيعها‭ ‬بالملايين‭ ‬و‭(‬افتك‭) ‬من‭ ‬الخليج‭ ‬والسودان‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا