رام الله - (أ ف ب): قدّمت الحكومة الفلسطينية استقالتها أمس الاثنين الى الرئيس محمود عباس، في وقت تتكثف الاتصالات في الكواليس حول مسألة إجراء إصلاح في السلطة الفلسطينية مرتبط بمرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة. وأعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في مستهل الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء: «وضعت استقالة الحكومة تحت تصرّف السيد الرئيس في 20 فبراير الجاري واليوم أتقدّم بها خطيا»، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تأتي «على ضوء المستجدات السياسية والأمنية والاقتصادية المتعلقة بالعدوان على قطاع غزة والتصعيد غير المسبوق في الضفة الغربية والقدس».
وأضاف: «أرى أن المرحلة القادمة وتحدياتها تحتاج إلى ترتيبات حكومية وسياسية جديدة تأخذ بالاعتبار الواقع المستجد في قطاع غزة ومحادثات الوحدة الوطنية والحاجة الملحّة إلى توافق فلسطيني فلسطيني مستند إلى أساس وطني، ومشاركة واسعة، ووحدة الصف، وإلى بسط سلطة السلطة على كامل أرض فلسطين». ولم يصدر تعليق فوري من عباس.
ويتعرّض عباس (88 عاما) الذي تراجعت شعبيته كثيرا منذ سنين في أوساط الفلسطينيين لانتقادات بسبب «عجزه» إزاء الحرب الدائرة في قطاع غزة والتصعيد المستمر في الضفة الغربية المحتلة. ويرأس عباس حركة فتح التي طُردت من قطاع غزة إثر مواجهات مع حركة حماس التي تحكم القطاع منذ عام 2007. ويرى المحلل السياسي غسان الخطيب أن استقالة حكومة اشتية لم تأت من باب التحدي لعباس بل هي وسيلة للسلطة الفلسطينية تدفعها نحو إجراء إصلاحات وخصوصا ما بعد الحرب في غزة، معتبرا أنه يريد أن يظهر استعداده لتشكيل حكومة تكنوقراط «تعمل في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد الحرب».
وتأتي استقالة حكومة اشتية في وقت تتناول الاتصالات الدبلوماسية التي تشارك بها دول عدة حول مرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة مسألة «إصلاح السلطة الفلسطينية» التي يرأسها عباس منذ عام 2004. ورأى الخطيب أن عباس «يريد أن يظهر للوسطاء أنه مستعد للمضي في هذا الطريق»، مقدرا أن الحكومة الفلسطينية الجديدة ستشمل وزراء من حركتي فتح وحماس. وأضاف لوكالة فرانس برس: «إذا توصل عباس وحماس إلى اتفاق فستكون هذه مرحلة جديدة في المشهد السياسي الفلسطيني، هذا مهم لأن الحركتين حاولتا مرارا التقارب دون جدوى».
ولا يستبعد الخطيب «فرصة فشل هذه الخطوة بشكل كامل لأن هناك عدة أسئلة لم تجد إجابات مثل تركيبة حكومة التكنوقراط وحجم مسؤوليات حماس في غزة». ورجحت وسائل إعلام محلية فلسطينية اسم وزير الاقتصاد السابق محمد مصطفى كمرشح لخلافة اشتية في تشكيل حكومة من «التكنوقراط». وشغل مصطفى أيضا منصب نائب رئيس حكومة التوافق الوطني الفلسطينية التي شكّلها رامي الحمدلله في عام 2014. ويترأس مصطفى صندوق الاستثمار الفلسطيني منذ عام 2005.
وفي مقابلة له مع وكالة فرانس برس، دعا المعارض ناصر القدوة، ابن شقيقة الزعيم الراحل ياسر عرفات، الأسبوع الماضي، إلى «طلاق ودّي» مع عباس وقيادة جديدة للسلطة الفلسطينية، طارحا احتمال أن يبقى عباس في منصبه كـ«رئيس فخري». واقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأسبوع الماضي خطة «لمرحلة ما بعد الحرب» تنصّ على الحفاظ على «السيطرة الأمنية» الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما رفضته السلطة الفلسطينية وحركة حماس.
وتعرضت الخطة التي لم تأت على ذكر إقامة دولة فلسطينية لانتقادات من الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل. وعارض وزير الخارجية أنتوني بلينكن «إعادة احتلال» قطاع غزة الذي كان الجيش الإسرائيلي قد انسحب منه في عام 2005.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك