الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
الرؤية.. وسلم المشاركة المجتمعية
لا حديث لدى معظم الناس في مملكة البحرين عموما هذه الأيام، ولدى النخب السياسية والاقتصادية خصوصا، إلا المشاركة في صياغة رؤية البحرينِ الاقتصاديةِ 2050، تنفيذا للتوجيه الكريم من سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
الكثير من الجهات والمؤسسات والشخصيات، أبدت استعدادها، وأكدت دعمها وتأييدها، ورحبت بالتوجيه وأعربت عن شكرها وتقديرها.. والبعض بدأ بالفعل في دعوة أعضاء الجمعية لتقديم الملامح الأولية والرؤى والتصورات للمساهمة المطلوبة في تحقيق الأهداف المنشودة عبر المشاركة في صياغة الرؤية.
عن نفسي رحت أطالع الموضوع من زاوية أخرى، وربما كان هذا دور مهم يجب أن يرصده علماء الاجتماع، والمتعلق بأهمية المشاركة ونوعها ومستواها وشكلها وصورها في مملكة البحرين، وما الخيار الذي تسير فيه البحرين في تفعيل مبدأ المشاركة، وكيف أن المواطن شريك في صنع القرار ورسم السياسة وصياغة المستقبل، قولا وفعلا، وتطبيقا وتنفيذا.
ورحت أتصفح الكتب والوسائل الإعلامية، ووجدت في مقالة للأستاذ بدر الهنائي، التحليل الجميل والرائع في مسألة نوعية ومستوى المشاركة المجتمعية في صناعة وصياغة القرار الوطني، فماذا قال..؟
يتمسك عديد من المختصين بمبدأ أن المشاركة المجتمعية يجب أن تكون ممارسة مستمرة لا أن تكون حدثا يقام مرة واحدة؛ لذا فإن من المهم على أساس ذلك أن ترسخ المؤسسة تلك الثقافة من أجل تعزيز الثقة والاستفادة القصوى من المدخلات التي يمكن أن تحصل عليها نتيجة تفاعلها مع الجمهور في سياق الموضوع المراد إشراكه فيه.
وتتدرج مستويات المشاركة المجتمعية طبقا للنموذج الشهير الذي قامت بتطويره العالمة شيري آرنستاين المسمى «سلم المشاركة المجتمعية» على ثمانية مستويات أدناها ما أسمته التلاعب، وهو وجود الوهم بالمشاركة المجتمعية بينما تستحوذ المؤسسة على السلطة المطلقة في اتخاذ القرار، يليها مستوى التعليم وهو افتراض أن الجمهور متلق صامت للقرارات والسياسات، ثم مستوى الإعلام وهو أن يتم إطلاع الجمهور على طبيعة القرارات، ولكن دون إتاحة الفرصة لهم للإسهام في صياغتها، ثم مستوى المشاورة وهو أن يتم تلقي آراء ووجهات نظر الجمهور مع بقاء جانب اتخاذ القرار في يد المؤسسة، بعد ذلك يأتي مستوى التنفيس أو التهدئة الذي يمكن الجمهور من تشكيل تصورات وأفكار مبدئية، ولكن يعود القرار بصورته النهائية للمؤسسة، وفوق ذلك يكون مستوى الشراكة وهو أن يتم إشراك الجمهور بشكل مباشر في صنع القرار إلى جانب المؤسسة، ثم يأتي مستوى تفويض السلطة بحيث تكون المؤسسة مجرد ممكّن للنقاش واتخاذ القرار، بينما يكون الجمهور هو صاحب القرار، وأخيرا مستوى سلطة المواطن الذي تكون فيه كل مراحل وعناصر عملية صنع القرار بيد الجمهور نفسه من دون تدخل من المؤسسة.
وأثق تمام الثقة والأمانة، ومن خلال التجربة والممارسة، والواقع الذي نعيشه ونمارسه يوميا، أننا في مملكة البحرين لدينا المستوى الأعلى والأرفع، وهو مزيج من مستوى الشراكة ومستوى التفويض ومستوى سلطة المواطن.. وكما نجحنا في ميثاق العمل الوطني حينما شارك في صياغته أبناء الوطن، وقام الشعب بالتصويت عليه، فإن التوجيه للمشاركة في صياغة رؤية 2050 قصة جديدة تضاف إلى قصص النجاحات البحرينية، في ظل الرؤية الملكية السامية، وجهود سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وعزم وإصرار المواطن.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك